جديد 4E

التفاؤل والتفكير الإيجابي.. المفتاح السحري للصحة

إعداد : وفاء الآغـــــا

كلنا نعيش أوقاتاً صعبة ومشاكل نعتقد أنها مستعصية الحل وبالتالي تسبب لنا التوتر والتعصيب حتى أنها تصل في بعضها لدرجة الإكتئاب واليأس ونرى بأن كل الأبواب موصده بوجهنا …. اذن ما الحل .. الحل بالتفكير الإيجابي المستند على التفاؤل.

تقول هيلين كيلر العمياء الصماء البكماء التي أذهلت العالم بإنجازاتها، وحققت المستحيل بنطقها بل وبتعلّمها خمس لغات والحصول على الدكتوراه الجامعية: «كلّما أغلق باب فتح باب آخر، ولكنّنا نكون غالباً مشغولين بالباب الذي أُغلق».

ولذلك فإنّ التفاؤل يمهّد السبيل لإطلاق الطاقات والقدرات والتشاؤم يعطلها في غياب القناعة الراسخة بالقدرة على تحقيق الغاية وينتهي بعدم تحقيقها ولو كان المتشائم أكثر قدرة وموهبة.

لأن المتفائلون تُفعل لديهم آليات التحفيز والتعزيز الذاتي ممّا يمدهم بالقوّة والقدرة على مواجهة التحدّيات وتستيقظ فيهم آلية الإدراك الانتقائي، أي القدرة على رؤية الفرص وأوجه الاقتدار الذاتي والتوفيق بينهما. أمّا المتشائمون فإنّهم يبالغون في التنكر لإيجابيات الحياة ولقدراتهم وإمكاناتهم، فتمر الفرص من أمامهم فلا يرونها لانشغالهم بالتركيز على السلبيات وأوجه القصور لديهم .

التفاؤل يقي من الأمراض

تؤكد الدراسات بأن المتفائل يتقبّل واقع الموضوع بمنظور تفكير إيجابي وليس بمجرد استسلام قدري، وباستيعابه لهذا الواقع فإنّ تأثير المحنة عليه سيكون أقل سلبية، بل يعمل على أن يحوّل المحنة إلى فرصة ومنحة بإعطائه المحنة معنى يتيح التعامل الإيجابي معها، ولا يدفن رأسه في الرمال متجاهلاً المحاذير والأخطار.

نشرت مجلة العلوم النفسية في شباط (فبراير) 2013 نتائج دراسة أثبتت وجود علاقة بين التفكير الإيجابي في الحياة والحالة الصحّية الجيِّدة، لتؤكّد الدراسة أنّ التفاؤل هو المفتاح السحري للصحّة، و تقول الباحثة في كلّية الطب بجامعة هارفارد بوليا بويم إنّ الصحّة الجيِّدة لا تقتصر فقط على غياب الأمراض بل على الطريقة التي ننظر من خلالها إلى الحياة ومتغيراتها. فالتفاؤل والسعادة والمرح يمكن أن تحمي القلب والشرايين من الأمراض ويمكن أن تقلّل من احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية والجلطات الدماغية، بل يتصرّف المتفائلون غالباً بطريقة صحّية فيمارسون الرياضة ويحرصون على اتباع حياة صحّية في المأكل والمشرب والنوم بعيداً عن العادات غير الصحّية.

المرأة والتفاؤل والتفكير الإيجابي

بما أن النساء أكثر عرضة للتأثر بالمشاكل وتعقيدات الحياة فقد أخذت اهتماما ً أكبر من قبل الباحثين لدراسة أحوالهم النفسية وأظهرت دراسة اشتملت على نحو 70 ألف امرأة، أن النساء المتفائلات كنّ الأكثر مقاومة للأمراض المزمنة ، كالسرطان وأمراض القلب والسكتة الدماغية، فضلاً عن الأمراض الرئوية والإلتهابات، وأقل عرضة للموت مقارنةً بالنساء المتشائمات، وذلك خلال فترة الدراسة.

الباحثون أخذوا بعين الاعتبار في الدراسة التي استمرت 8 سنوات العديد من العوامل الأخرى التي تتسم بها حياة هؤلاء النساء، على غرار الوضع الاقتصادي لكل واحدة منهن ومرض السكري وضغط الدم والاكتئاب.

التفاؤل وتأثيره على الصحّة العقلية

في دراسة نشرت عام 2010 جاء فيها : ” أنّه ممّا لاشكّ فيه أنّ التفاؤل (وهو سلوك عقلي) يؤثّر وبقوّة على الصحّة الجسدية والعقلية، وأكّد بذلك القدرة على التأقلم مع تحدّيات العمل والمتطلّبات الاجتماعية اليومية. التفاؤل قد ارتبط إيجابياً بارتفاع عدد خلاياتي المساعدة والخلايا الطبيعية القاتلة أي زيادة قوّة جهاز المناعة في الجسم للطلّاب المتفائلين عن الطلّاب المتشائمين زيادة كبيرة جدّاً.

وفي دراسة أُجريت عام 2012 على 243 شخصاً من المعمرين الذين تجاوزوا المئة عام بهدف الوقوف على أسباب طول أعمارهن تبيّن كما يقول الباحث الدكتور نير برازيلاي: «أنّهم يتميزون بصفات تعكس نظرتهم ومواقفهم الإيجابية المتفائلة للحياة».

التفاؤل يحمي من خيبات الأمل

أثبتت الدراسات  أيضاً أن التفاؤل من شأنه أن يحمي الإنسان من خيبات الأمل، في حين أنه يكسب الأشخاص مرونة كبيرة في مواجهة المِحن.

وفيما يتعلق بالأشخاص الذي يعانون من أمراض مستعصية أثبتت الدراسات أن المرضى المتفائلين قد شهدوا تحسناً في نمط عيشهم مقارنةً بغيرهم من المرضى، بغض النظر عن مرحلة المرض التي وصل لها كل واحد منهم.

نتائج إيجابية

العديد من الأبحاث أكدت أن الأشخاص المتفائلين لا يقتصر تفكيرهم على توقع النتائج الإيجابية فقط؛ بل يتخذون الخطوات اللازمة لتحقيق ما يرونه إيجابياً على أرض الواقع.

وتؤكد هذه الفرضيات العلمية أن المتفائلين لا يشعرون كثيراً بالسلبية، التي تنتاب الأشخاص المتشائمين دائماً، لذلك لا يفرز جسمهم نسباً عالية من الهرمونات المرتبطة بالتوتر، على غرار الكورتيزول والأدرينالين، التي من المرجح أن تزيد من ضغط الدم.

هذه الإثباتات العلمية لا بد أن تكون بمثابة دافع لنا لتعلم بعض الخطوات التي من شأنها أن تسهم في إضفاء التفاؤل على حياتنا وجعله عادة جيدة.

خلاصة

المقال والدراسات ليست للإستعراض وكلام بلا جدوى بل علينا بالتفكير الجدي بأن مصاعب الحياة والتي تزداد بشكل متسارع خاصة بوقتنا الراهن يحتاج منا أن لا نكون سلبيين ومستسلمين ومتشائمين بل إيجابيين متفائلين لكي يزودنا هذا التفاؤل بطاقة التحمل والإرادة على البقاء والكفاح من أجل حياة أفضل.

لأن التفكير الإيجابي لا يقتصر منعكسه على الجانب الصحي فقط وإنما من شأنه  أن يجعل الإنسان أكثر مرونة.

وتغرس هذه الصفة المميزة في نفس الإنسان شعوراً دائماً بأن “لكل مشكلة حلاً” وتسمح له بتوقع نتائج جيدة وإيجابية، حتى وإن كان الوضع صعباً ومهما تعقدت الأمور.