جديد 4E

أيادٍ خفية تعبث بأسعار الفروج.. مربو الدواجن عرضة للابتزاز ..وهم الضحية الأولى

 

 

ضبط ايقاع عمل القطاع ورسم سياسات منطقية لتشغيله يتطلب احداث اتحاد نوعي لمربي الدواجن له صلاحيات وسلطات نافذة

 

 المهندس عبد الرحمن قرنفلة *:

منذ عقود طويلة و قطاع الدواجن تجتاحه امواج مد وجزر….تدفع منحنيات الانتاج السنوية للقطاع الى الارتفاع والهبوط المفاجئ …وبقمم وجيوب متذبذبة جدا…..وهذا يعكس الاضطرابات في نسب تشغيل المداجن واعدادها وخروج اعداد من المربين ، او المغامرين من حلقات الانتاج  ودخول اخرين ..ولم  تعرف منتجات الدجاج استقرارا سعريا طويل الامد….وغالبا تجد ان ميزان العرض والطلب في حالة عدم اتزان متأثرا بالقدرة الشرائية للمستهلك تارة وبوتيرة تشغيل المداجن تارة ثانية ….وهذا يترافق بشكوى مزمنة تتعالى فيها اصوات مربي الدواجن بين فينة وأخرى، من خسائر اطاحت برؤوس اموالهم….ولا تتناغم اسعار مستلزمات انتاج الدواجن وخاصة الاعلاف مع هذه الحالة  حيث ترتفع غالبا وتنخفض نادرا …لتضع اقتصاديات الانتاج في خانة التوقعات غير المؤكدة…

**وصرخات المستهلكين :

شكلت منتجات الدجاج خلال العقود الاخيرة من القرن العشرين والعقود الراهنة مصدرا هاما للبروتين الحيواني لشريحة واسعة من المواطنين  كما خلقت فرص عمل لأعداد متزايدة من السكان بحكم الارتباطات الامامية والخلفية للقطاع في مختلف مناحي الاقتصاد الوطني … إلا ان الارتفاع المستمر والغالب على اسعار منتجات الدجاج من لحم وبيض مائدة مترافقا بتراجع القوة الشرائية للمستهلك جعل اصوات المستهلكين ترتفع باحثة عن حل يضمن استمرار حضور تلك المنتجات على موائدهم…وفي غمرة هذه الدوامة تطفو بعض الاجراءات الحكومية الخجولة على السطح مستعملة قوة التسعير القسري مغلفة بحوار مع مربي الدواجن نتيجته تحقيق مأرب الحكومة في خفض الاسعار بما يتناسب والقوة الشرائية للمستهلك بغض النظر عن ربح او خسارة المنتج….والنتيجة تكون مزيد من الاضطراب في حلقات الانتاج المختلفة واستمرار قاطرة القطاع بالاضطراب…

**انخفاض  للأسعار :

لم يعتد المستهلك السوري ان يشهد انخفاضا في سعر اي مادة او سلعة يرتفع سعرها الا نادرا …وعندما تفاجئه حالة تدهور اسعار منتجات الدجاج فإنه يقف امام حالة ترقب وحذر لان هذا التدهور الاني يحمل بين طياته نذير ارتفاع لاحق بالأسعار تكوي جيوب المستهلكين…وتقذف تلك المنتجات خارج سلته الغذائية…

** أيد خفية تعبث بالقطاع :

تشهد اسعار لحم الفروج تبدلات دراماتيكية تدعو للتأمل والاستغراب ففي حين كان سعر كغ الفروج الحي في مطلع العام وبتاريخ ٢ كانون ثاني ٢٠٢٤ حوالي ٣٢٠٠٠ ليرة سورية والمذبوح والمنظف ب ٤٥٠٠٠ تراجع الى ٢٩٠٠٠ للفروج الحي والى ٤٢٠٠٠ للمذبوخ والمنظف في منتصف كانون ثاني ،  وفق نشرة مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق …ليرتفع الى ٣١٠٠٠ لكغ الفروج الحي و ٤٣٠٠٠ لكغ المذبوح والمنظف بتاريخ ٣ اذار ٢٠٢٤

ثم ليشهد قفزة الى  مبلغ ٤٠٠٠٠ ليرة سورية للكغ الفروج الحي  وسعر كغ الفروج المذبوح  والمنظف ٥٥٠٠٠  ليرة سورية في ١٤ نيسان ٢٠٢٤ ..

ثم ليعود الى التدهور الى سعر ٣٦٠٠٠ ليرة سورية لكغ الفروج الحي و ٤٩٠٠٠ لكغ الفروج المذبوح والمنظف في ١٦ نيسان ٢٠٢٤ وبتاريخ اليوم ٢ ايار تم تحديد سعر كغ لحم الفروج المذبوح والمنظف ب ٤٦٠٠٠ ليرة سورية

والغريب ان  قطعان كانون ثاني وشباط شهدت سعرا منخفضا رغم ان تكلفة تربيتها مرتفعة كونها وقعت في فصل الشتاء . بينما ارتفعت اسعار القطعان التي تم طرحها نهاية نيسان…. وخلال الفترة بين التواريخ المذكورة نجد تذبذباً وعدم استقرار بأسعار لحوم الفروج…هذه الاضطرابات تعود بصورة رئيسية للأسعار الرائجة بالسوق والتي تفرضها غالبا ايد خفية تعبث بالقطاع… وهي تسبب صداعا لكل من مربي الدواجن الذي يتعرض للخسارة وللمستهلك الذي تضطرب ميزانية نفقات تغذية اسرته

** التهريب في قفص الاتهام:

يشير بعض العاملين في قطاع الدواجن الى حدوث حالات تهريب للحوم الفروج من الدول المجاورة وهي تساهم بتدهور اسعار مبيع الفروج المحلي ويدعي البعض حدوث حالات تهريب بيض تفريخ فروج ايضا من الدول المجاورة مما يساهم بزيادة المعروض بالنهاية وتدهور الاسعار…ويؤكد البعض الاخر ان الفترة الراهنة تشهد تقاربا في الاسعار المحلية واسعار دول الجوار التي تشكل اقنية تهريب تقليدية …وبالتالي لا ارتباط حاليا بين واقع السعر المحلي وحالات التهريب..

** والامراض ايضا :

تتعرض قطعان الفروج شأنها شأن اصناف الثروة الحيوانية لجوائح مرضية تختلف شدتها تبعا لمستوى الرعاية الصحية التي تحظى بها القطعان ومدى تطبيق برامج التلقيحات الدورية ….وفي ظل غياب شبه تام لإجراءات الامن الحيوي بالمداجن العاملة والاشراف الفني الوهمي عليها تتعرض قطعان الفروج لنسب نفوق مرتفعة مع تدهور معدلات التحويل الغذائي وارتفاع فاتورة الادوية العلاجية للدجاج مما يقود بالنهاية الى ارتفاع تكاليف الانتاج واما تعرض المربي للخسارة او ارتفاع سعر المبيع للمستهلك

**التنظيم هو الحل :

تشير تقديرات الناشطين في تجارة الدواجن الى ان قطعان امّات الفروج الموضوعة بالإنتاج اصبحت بأعمار متقدمة ولم يتم استيراد قطعان جديدة وحتى لو تم الاستيراد فهي تحتاج وقتا زمنيا للدخول بالإنتاج وهذا ينذر بحدوث فجوة في السوق المحلية خلال الاسابيع القادمة ربما ترفع من اسعار السوق المحلية للحم الفروج..

ان هذه الوقائع تؤكد ضرورة تنظيم هذا القطاع واحداث اتحاد نوعي لمربي الدواجن له صلاحيات وسلطات نافذة تضبط ايقاع عمل القطاع وترسم سياسات منطقية لتشغيل مفاصله المختلفة وتضمن استقرارا في تواجد منتجاته بالسوق وبأسعار مستقرة كما تضمن للمربين والعاملين في الحلقات التسويقية ربحا عادلا.

*خبير في الثروة الحيوانية