جديد 4E

ما علاقة الاجراءات الحكومية بقول الرئيس :  إن لم يكن وضع الفقراء والشريحة الوسطى جيداً لا يمكن للاقتصاد أن يتحرك .. ؟

 

 

أمانة في أعناق البعثيين

علي محمود جديد :

مجمل الأسئلة العريضة والملحّة التي طرحها يوم أمس الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، السيد الرئيس بشار الأسد، يمكننا القول بكل وضوحٍ وصدقٍ وصراحة إن امتلاك قدرة الاجابة عليها وتحويل تلك الإجابات إلى حقائق تنفيذية على الأرض، فهذا يعني أننا سنغدو دولة يتمتع شعبها بارتياح، لا بل برفاهية حقيقية تُنسيه الهموم والآلام ومصاعب الحياة التي يعيشها في كل صباح، وتكمدُهُ بؤساً في كل ليل.

الأسئلة المطروحة كانت بحجم وطن، وكادت تُحيط بكل شيء، وبكل الهموم والمآسي التي يعيشها أغلب المواطنين اليوم، ولنأخذ – مثلاً – ما تفضّل به الرئيس حول الطبقة الوسطى جازماً بأنه ” إن لم يكن وضع الفقراء والشريحة الوسطى جيداً لا يمكن للاقتصاد أن يتحرك ” وهذه هي الحقيقة المؤلمة التي خلقتها مختلف الإجراءات الحكومية ودفعت نحو تعميقها دون أي اكتراث ولا أي توقف لإعادة التقييم والنظر سواء كان ذلك عن عمدٍ أم من غير قصد، ولكن ها نحن نعيش أوجاع الإجراءات غير المسؤولة التي أوصلتنا كمواطنين إلى مثل هذا الدرك الأسفل من سوء المعيشة، مع ثقتنا أنه كان بإمكان الحكومة – التي تمتلك المال والصلاحيات والسلطات ولا ينقص أعضاؤها الرفاهية والانعتاق من الأزمات، ما يؤهلهم للتفكير بشكلٍ جيد – أن تجد بدائل أخرى تحافظ من خلالها على الحد الأدنى من ذلك التوازن بين الجانب الاجتماعي والجانب الاقتصادي الذي تحدث عنه السيد الرئيس بكثير من الجلاء.

الإجابات عن أسئلة الأمين العام لحزب البعث باتت اليوم أمانة في أعناق البعثيين فإما أن يكونوا أهلاً لاجتراح الإجابات والحلول، وإما أن يكونوا – كما قال الرئيس – مجرد ظواهر صوتية، التي تُعبر دون أي نتيجة.

الرئيس الأسد يريد حواراً معمقاً ونتائج واضحة وصريحة وقابلة للتطبيق، وعندما يحيل السيد الرئيس مثل هذه القضايا للحوار هذا يعني بمقتضى الحال رفضاً بالكامل لمنهجية بيع الكلام لمجرد الكلام الذي لا يفيد ولا يقدم ولا يؤخر والاستماع لمثل تلك الحكايات التي درجت الحكومات على روايتها بعد أن تتلمّس أخطاءها وقصور إجراءاتها، فعودتنا الحكومات بعد مثل هذه المكاشفات بأنها ستضع ما قاله الرئيس منهج عمل، وعند ذلك ينتهي عندها القول والفعل، وهذا مجرد هروب من المسؤولية وتسجيل المواقف الجوفاء غير النافعة لا بالطول ولا بالعرض .

مهم جداً ما قاله السيد الرئيس بأنه “لا شك أن حزب البعث مازال قوياً مؤسسةً وعقيدةً، ولكن هذا لا يعني عدم وجود الكثير من السلبيات التي تراكمت عبر تاريخه خلال سبعة عقود ونيف، إما بسبب عدم التطوير وإما بسبب عدم  معالجة الأخطاء المتراكمة، وأنا أعتقد أن ما يخيفنا هو ليس الأعداء مهما تكاثروا ومهما أظهروا من شراسة، ولكن ما يخيفنا حقيقة هو عدم معالجة هذه الأخطاء والتراكمات، لأنها هي التي يمكن أن تؤدي إلى إسقاط الحزب مؤسسةً وعقيدةً”.

الأخطاء المتراكمة والمزمنة واللامسؤولة كلنا يدرك وجيداً أنها لا تليق بدولة البعث الذي انطلق أساساً من صفوف جماهيره، وبات كيانه الجديد وقيادته المنتخبة هي المعنية بتذليل تلك الأخطاء عبر “سياساتها الشاملة ما فوق الحكومية” لتكون منهجاً حقيقياً أمام الحكومات كي تنفذها بكل مسؤولية ومحاسبة والتزام.

صحيفة الثورة – على الملأ – 5 أيار 2024م