جديد 4E

رأس المال المغامر المنقذ لرواد الأعمال ما يزال غائباً عن الاقتصاد السوري .. حلقة مفرغة تحتاج إلى ردمٍ تشريعي سريع

 

صناعة رأس المال

كتبه د.عامر خربوطلي :

وهل للمال صناعة؟ وكيف تتم عملية التصنيع هذه؟ وهل الصناعة تحتاج لرأس مال؟ أم رأس المال يحتاج لصناعة ؟ وإذا كان رأس المال هو العنصر الأكثر أهمية في أية استثمارات مطلوبة لأية تنمية اقتصادية فهل يمكن تصنيعه محلياً؟ الأمر ليس فلسفة أو خروج عن المألوف بل هو أحد أهم عوامل إطلاق ونجاح المشروعات الريادية الجديدة الناشئة….

أن تترك المشروعات الصغيرة الناشئة وبخاصة في مجال التقانة والمعلوماتية والبرمجيات والاتصالات وغير ذلك لتغوص في مجاهل المستقبل والظروف غير المؤكدة من ناحية المخاطر أمر لم تعد العديد من بلدان العالم أن تتركه بدون قيادة حكيمة مما جعلها تخترع ما أصبح يُعرف برأس المال المغامر أو المخاطر أو المجازف وهو صناعة جديدة لرأس المال بصورة غير تقليدية وغير  اقراضية وهو اليوم من أشهر طرق التمويل التي يعتمد عليها رواد الأعمال أثناء سعيهم لتأسيس شركاتهم الجديدة الناشئة.

وخلافاً لأشكال التمويل الأخرى والتي تعتمد سداد مبلغ الإقراض أو حتى المرابحة والتي تتطلب تسديد الفوائد أو الأرباح فإن أصحاب (رأس المال المغامر ) يوفر التمويل مقابل حصة في ملكية الشركة لضمان أن يكون لهم رأي في اتجاهها المستقبلي.

وهذا النوع من التمويل يعتمد على شركات متخصصة في هذا النوع تضم مستثمرين محترفين وعلى معرفة جيدة بتعقيدات التمويل وعملية بناء شركات حديثة التأسيس.

ويمكن أن تأتي أموال هذه الشركات من مصادر متنوعة منها صناديق التقاعد والأوقاف وأصحاب الأعمال الناجحين.

وعادةً ما يتوقع (الممولون المغامرون) ارتفاع عائد استثماراتهم وكذلك أسهم الشركة وهذا يؤكد العلاقة طويلة الأجل بين الممول ورائد الأعمال الشريك ولفترة قد تصل إلى 5 – 10 سنوات وبعدها يقرر أصحاب رأس المال المغامر  في الخروج من الاستثمار وبيع حصصهم للشركة الناشئة أو خروج أسهمها للاكتتاب العام.

في هذه الحالة تحدث عملية تصنيع رأس المال وتوظيفها في مجالات مرغوبة وغير قادرة هذه الشركات الناشئة بدون هذا المال على النمو والتطور والاستمرار.

هذا الكلام من ألفه إلى يائه غير موجود في الاقتصاد السوري وما هو مشابه يقارب المشاركة في شركات المحاصة المستترة أو شركة المضاربة التي تتطلب معرفة عائلية في أغلب الأحوال.

سورية بحاجة إلى دعم الأفكار الريادية وتحويلها لشركات صغيرة ناشئة وهي بحاجة إلى تمويل غير مكلف كالقروض بل إلى حقوق الملكية عبر الدخول في مرحلة الإقلاع الخطر والخروج من الشركة عند مرحلة النجاح والاستقرار واسترداد رأس المال مع الأرباح ومن ثم تدور الدائرة باتجاه مشاريع جديدة.

في سورية رواد الأعمال لا يجدون التمويل الكافي في مرحلة الإقلاع الخطير وأصحاب رؤوس الأموال ليس لديهم الآلية التمويلية والتشريعية للمشاركة في مثل هذه المشروعات.

إنها حلقة مفرغة بحاجة إلى ردم فوري من الاتجاهين وهنا نكون قد نجحنا في تصنيع رأسمال جديد…

العيادة الاقتصادية السورية  – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم /244/

دمشق 8 أيار 2024م