جديد 4E

حرب الكورونا…مجموعة حروب في حرب واحدة

احمد تكروني

ليس غريبا القول أننا نحن العرب نعرف الأوروبيين و الأمريكيين على حقيقتهم أكثر مما يعرفون بعضهم.

نحن نعرفهم من خلال تآمرهم علينا من وعد بلفور الى سايكس بيكو إلى سان ريمو إلى ….

  نعرفهم من خلال استعمارهم لبلادنا و نهب خيراتنا, نعرفهم من خلال إصرارهم على تقسيم أوطاننا, وزرع بذور الشقاق و الخلاف بيننا, نعرفهم و هم يتصرفون براحتهم الكاملة معنا، و هم على اعتقاد أنهم باقون, و يفعلون ما يرغبون دون رادع من ضمير, و دون أخلاق, فهم الذين زرعوا لنا بذور المآسي المرة التي ما زالت السبب الرئيسي في فقرنا و تخلفنا و…

هم الذين زرعوا الكيان الصهيوني في بلادنا و هم الذين سلبوا لواء اسكندرون لتقديمه هدية إلى تركيا و هم ……وهم… التعداد يطول.

الآن يأتي كورونا ليعرّي الجميع أمام بعضهم البعض و أمام العالم أيضا .

لقد أدارت تلك الدول ظهورها لبعضها, بل بدأت تحارب بعضها الآخر بطريقة خفية أحيانا و ظاهرة أحيانا أخرى.

الكمامات أظهرت طبيعتهم و كشفت أخلاقياتهم, فأمريكا الأكثر غنى وقوة كشرت عن أنيابها و بدأت تفعل كل ما بوسعها لشراء المستلزمات دون أي حساب لحال الآخرين من الأوروبيين.

الطبيب جان روكنر رئيس المجلس الإقليمي في غراند ايست في فرنسا قال:

علينا أن نقاتل, فعدة ملايين من الكمامات كانت في طريقها إلى الإقليم ذهبت لمشترين آخرين بعد أن كانت في طائرة متأهبة للإقلاع من مطار في الصين ,خرج إليها عملاء المال الأمريكان و دفعوا أسعار مضاعفة فضاعت الصفقة.

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترود وصف الأخبار التي ترده بأنها مثيرة للقلق و طلب من المسؤولين الكنديين النظر فيما إذا كانت الكمامات التي تشتريها كندا يتم تحويلها إلى بلد أخر.

وزير الصحة البرازيلي قال:

 ان المحاولات الأخيرة لشراء معدات الحماية كالقفازات و الكمامات من الصين باءت بالفشل, فأمريكا أرسلت 23 طائرة كبيرة إلى الصين لنقل المواد التي حصلت عليها و طلب من البرازيليين تصنيع كمامات محلية من القماش.

و ردا على سؤال لوزير الصحة الألماني حول تنازع الأجهزة المسؤولة عن المشتريات في الدول الغربية مع بعضها للحصول على المعدات الأساسية لمكافحة كورونا قال:

 نسمع قصصا عن نزاع الناس و هذا ليس تطورا جيدا .

حرب تدور بين الأمريكيين و حلفاؤهم الأوربيين و بين الدول الأوربية نفسها، فالنموذج الرأسمالي يتشدد في حماية المصالح على حساب الدول الفقيرة و في الدول الأوربية نفسها يجري التشديد على حماية المصالح على حساب الطبقات الفقيرة, لذلك رأينا بعض الدول تتكتم و تقلل من أعداد المصابين لديها لأسباب اقتصادية.

التصريح عن الأعداد الحقيقية يستوجب تعطيل المؤسسات و مواقع الإنتاج, خاصة ان الوباء جاءهم فجأة وأصبحت الدول تنفق من احتياطاتها المالية لتغطية احتياجاتها الضرورية.

القيادات الأمريكية التي لا يهمها إلا الإنتاج و حركة السوق و البورصات تعرت أمام شعبها أيضا فقد قدرت احتمال وفاة 100-240 الف شخص و قد أبدى ترامب شعورا بالسعادة إذا كان الرقم النهائي هو وفاة مئة ألف شخص، خاصة أن معظمهم سيكون من المتقاعدين العاطلين عن العمل.

 و حض الأمريكيين على وضع أي غطاء على الوجه كالمناديل من اجل إبقاء الأقنعة الطبية للعاملين في مجال الصحة مستثنيا نفسه من ذلك بقوله:

لا أشعر أن هذا مناسب لي..!!

رئيس بلدية نيويورك طلب من السكان عدم مغادرة منازلهم و إذا غادروا عليهم تغطية وجوههم بوشاح أو بأي شيء يصنعونه في المنازل, فالأقنعة الموجودة لحاجة طواقم الطوارئ و مقدمو الرعاية الصحية.

أما السكان المنحدرين من أصول افريقية فوضعهم أكثر سوءا من السكان البيض لأنهم يعانون أساسا من مشكلات صحية خطيرة بسبب فقرهم،  فولاية شيكاغو التي 30% من تعداد سكانها من أصل افريقي توفي 70% منهم بسبب كورونا, و الأوضاع في مقاطعة ميلواكي بولاية ويسكنسن أكثر تدهورا فنسبة الوفيات بين الأمريكيين من أصول أفريقية بلغت 73% وفي ولاية ميتشغن 14% و لويزيانا بلغت 41%.

لا يعني هذا أن الأوربيين أفضل أخلاقا من الأمريكيين فاقتراح الطبيب الفرنسي إجراء تجارب على لقاح محتمل لـ كوفيد19 في إفريقيا لم يمض عليه فترة طويلة و حجته في ذلك أن الإفريقيين لا يحمون أنفسهم و هم معرضون للخطر الشديد بكل الأحوال…!! فلماذا نجري التجارب على الفرنسيين؟

حروب لا أخلاقية متعددة الأشكال و الجوانب أثارها فيروس صغير يدعى كورونا.