جديد 4E

شرق الفرات بين هيمارس .. وشمّر العربية

 

لماذا تُعزّز أمريكا قواعدها في شرق الفُرات بصواريخ “هيمارس” وتُكثّف تسليحها وتدريبها مُجَدَّدًا لجماعاتٍ مُسلّحة؟ وكيف تزامنت هذه الخطوة مع لقاء الرئيس الأسد بوفدٍ من مشايخ قبيلة شمّر العربيّة على هامِش القمّة العربيّة في السعوديّة؟

 

افتتاحية رأي اليوم

لأنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة تلقّت صفعةً قويّةً تمثّلت في عودة العرب إلى سورية وتصويت وزراء خارجيّتهم بالإجماع على قرارٍ باستعادة مِقعدها في الجامعة العربيّة، بدأت تضع المُخطّطات لتدريب وتسليح مجموعاتٍ تابعةٍ لها لشنّ هجماتٍ إرهابيّةٍ في العُمُق السوري، واستهداف تجمّعات سُكّانيّة مدنيّة خاصّة في مدينة دير الزور ومُحيطها، وطريق تدمر السّريع.

ما يُعزّز هذه الحقيقة، ليس التّحذيرات التي صدرت عن أجهزة المُخابرات الروسيّة، وإنّما أيضًا إقدام الولايات المتحدة على تعزيز قوّاتها وقواعدها قُرب حُقول النفط (حقل العمر) والغاز (كونكو) في شرق الفُرات، وتكثيف عمليّات تدريب هذه الجماعات في قاعدة التنف الأمريكيّة العسكريّة قُرب مُثلّث الحُدود السوريّة الأردنيّة العِراقيّة.

التقارير الإخباريّة الواردة من مناطق شرق الفُرات، والحُدود السوريّة – العِراقيّة تؤكّد أن الاستِعدادات تجري على قدمٍ وساق في أوساط الفصائل المُوالية لمحور المُقاومة لشنّ هجماتٍ صاروخيّةٍ مُكثّفةٍ على القواعد الأمريكيّة التي تسرق النفط والغاز السوريّين بالتّعاون مع قوّات سورية الديمقراطيّة ذات الغالبيّة الكُرديّة، وهذا ما يُفسّر إرسال القيادة المركزيّة الأمريكيّة صواريخ “هيمارس” المُتطوّرة في مُحاولةٍ للرّد عليها.

أكثر ما يُقلق الأمريكان وأتباعهم في سورية، وخاصّةً الأكراد، هو التّقارب السعودي- السوري الذي انعكس في حُضور الرئيس السوري بشار الأسد للقمّة العربيّة في جدّة قبل ثلاثة أسابيع، واللّقاء الذي تمّ على هامِشها بينه (الرئيس الأسد) وشُيوخ عشائر القبائل العربيّة ذات النّفوذ في مناطق شرق الفُرات، وخاصّةً قبيلة “شمّر”، ولقاءٍ مُماثلٍ للسيّد فيصل المقداد وزير الخارجيّة مهّد للقاء الأوّل، وبما يؤكّد هُويّة هذه القبائل العربيّة وولاءها للوطن الأُم.

نشرح أكثر ونقول إن هذه القبائل العربيّة ترتبط بعلاقاتٍ وثيقةٍ مع المملكة العربيّة السعوديّة، وربّما يُؤدّي الاتّفاقان السعودي- السوري، والسعودي- الإيراني، إلى فكّ ارتباط بعضها مع قوّات سورية الديمقراطيّة الكُرديّة، والانخِراط في عمليّات مُقاومة ضدّ القوّات الأمريكيّة المُحتلّة لطردها مهزومةً من المِنطقة.

اللّافت أن العمليّات العسكريّة ضدّ هذه القواعد الأمريكيّة تصاعدت في الأيّام الأخيرة، وتعرّضت هذه القواعد لقصفٍ من مُسيّراتٍ انتحاريّة وصواريخ، ممّا أدّى إلى ووقوع إصابات في صُفوف جُنودها، ويسود اعتقادٌ أن جماعات تابعة لمحور المُقاومة تقف خلفها.

التّصعيد الجديد في جبهة شرق الفُرات يعكس استراتيجيّةً مدروسةً لفصائل محور المُقاومة لرفع كُلفة الاحتِلال الأمريكي، الماديّة والبشريّة، بِما يُؤدّي في النهاية إلى الانسِحاب الكامِل، على غِرار ما حدث في أفغانستان.

أيّام الاحتلال الأمريكي في شرق سورية قد تكون صعبةً ومُكلفةً في الأيّام والأسابيع المُقبلة، ولا نعتقد أن تعزيز القواعد الأمريكيّة بصواريخ “هيمارس” أو تسليح جماعات مُتطرّفة سيُغيّر من هذه الحقيقة.

“رأي اليوم – 30 أيار 2023م”