جديد 4E

سباق الرواتب والأسعار

يونس خلف :

لا نأني بجديد عندما نقول: إن أي خبر عن رفع الأجور يلتقطه السوق للبدء برفع الأسعار وبنسب تزيد بأضعاف عن أي نسبة زيادة في الرواتب، ولذلك بات معروفاً أنه منذ اللحظات الأولى تشهد الأسواق حالة من عدم استقرار أسعار البضائع والسلع الاستهلاكية الأساسية، الأمر الذي يزيد الضغوط على القدرة الشرائية ويعمق من معاناة أصحاب الدخل المحدود.

ولسنا في موقع الدفاع عن الحكومة وإن كان ذلك لا يعيبنا عندما يتطلب الأمر، فهي حكومة البلد وكلنا شركاء بالعمل من أجل البلاد والعباد، لكن الحقيقة تقتضي الموضوعية في توصيف وتشخيص واقع الحال، فالحكومة باتت في وضع حرج للغاية بسبب الارتفاع الكبير للأسعار وخاصة المواد الغذائية والادوية، وفي نفس الوقت لديها أكثر من رواية لتبرير هذا الحرج، بدءً من الإنتاج المحلي الذي يعتمد على مدخلات ومستلزمات إنتاج مستوردة، بمعنى أن السلع المنتجة في الداخل سترتفع كما حدث مؤخراً بالنسبة للزيوت النباتية والدجاج، وأيضاً الحكومة تواجه معضلة كبيرة تتمثل في كيفية الحد من أثار هذا السباق في الارتفاعات وبالتالي فإن جميع من يناقش مسألة ارتفاع الأسعار يلقي بالملامة على الطرف الآخر ويحمله المسؤولية.

بعض أصحاب القرار في الحكومة يتهمون المصنعين والتجار وبائعي المفرق والوسطاء ويحملونهم مسؤولية ارتفاع الأسعار، ومن جهتهم المصنعون والتجار والوسطاء وبائعو المفرق يحملون مسؤولية ارتفاع الأسعار على الضرائب المباشرة وغير المباشرة المفروضة على المواد الأولية المستوردة لصالح التصنيع، بالإضافة إلى الضرائب المفروضة على الأرباح التجارية في السوق المحلية، والمواطنون بدورهم يتهمون الحكومة والمصنعين والتجار والوسطاء وبائعي المفرق ويحملونهم جميعاً مسؤولية ارتفاع الأسعار، وبالتالي فإن معادلة زيادة الرواتب وارتفاع الأسعار باتت الهاجس اليومي للجميع، وهي معادلة مزمنة ومستمرة تتطلب تعديلات في بعض القوانين والتشريعات الخاصة بضرائب الدخل والمبيعات، لأن أي زيادة في الرواتب لن ترفع القدرة الشرائية ولن تغطي الفارق الكبير بين الدخل والإنفاق، ونأخذ هنا مثالاً : بالعودة إلى ارتفاع اسعار المازوت والخبز فإن المواطن وبدون أي (دعم إعلامي)، أصبح يدرك أن دعم هاتين المادتين بات يشكل عبئاً كبيراً على موازنة الدولة في ظل ارتفاع تكاليف الاستيراد والإنتاج وصعوبة توفير المواد الأولية، لاسيما في ظل العقوبات المفروضة على البلد وخاصة بموجب قانون قيصر الأميركي، والأمر نفسه ينطبق على مادتي السكر والأرز، لأن مؤسسة السورية للتجارة تعاني من صعوبات واضحة في تأمين المواد المدعومة كما تعاني من عجز إضافي بسبب عدم استقرار بورصات الأسعار العالمية للمواد الغذائية إلى جانب ارتفاع تكاليف تأمين هذه المواد عالمياً وزيادة أجور الشحن والتغليف، ما يهدد إمكانية استمرارها في التدخل الإيجابي لدعم طبقة محدودي الدخل والتدخل الإيجابي في الأسواق، ولذلك تظل المعادلة صعبة ومعقدة ومركبة إلى ان تتعافى البلاد من الحصار والعقوبات وتداعيات الحرب الظالمة، ويبقى المأمول تسريع عجلة الإنتاج المحلي وتحسين الأداء وضبط الأسواق والخلاص من ضعاف النفوس الذين يتحكمون بالأسعار ولا يؤثر عليهم ضبط تمويني هنا أو مخالفة عابرة هناك .

( فينكس )