جديد 4E

مقاييس وأشباه..!

 

 عبد الحليم سعود

“وللشيء من الشيء مقاييس وأشباه”.. لا أعلم لماذا خطر في بالي هذا القول المشهور وأنا أتابع الضجة التي أثارها قبل أيام قرار وزارة ما يسمى “حماية المستهلك” بخصوص أشباه الألبان والاجبان.. فعلى رأي أحد الأصدقاء “بيخلق من الشبه أربعين فلماذا كل هذه الضجة وهذا الاستغراب ؟!” فهذه الأشباه موجودة في أسواقنا منذ سنوات طويلة بعلم الوزارة ودورياتها الفلكلورية، ويستهلكها الكثيرون منا دون انتباه “ولا مين شاف ولا مين اهتم ولا مين دري” بسبب تدني أسعارها قياسا بأسعار المنتجات الطبيعية..!

يبدو أن الوزارة المعنية أرادت تقليد الوزارات “الشبيهة” لها في بعض الدول، فحاولت “شرعنة” صناعة “الأشباه”، بعد أن عجزت عن تأمين المواد أو المنتجات الأصلية لمواطنيها، لكنها لم تتحمل العاصفة التي أثارها قرارها الغريب على مواقع التواصل الاجتماعي، “فجمدته” متعهدة بإخضاعه لمزيد من الدراسة والبحث قبل إقراره بصيغة أخرى “، ولكن “التجميد” يحتاج إلى كهرباء غير موجودة أصلا،  ولهذا يخشى البعض أن يفسد القرار في الثلاجة، وعندها يتم تمرير القرار “الفاسد” بالسرّ أو “بالظرف المختوم” إرضاء لأصحاب الشركات الذين “يجبرون” خاطر الوزارة ومسؤوليها..!

لا نأتي بجديد أذا قلنا إن مثل هذه المنتجات “الأشباه” موجودة في أسواق العديد من الدول ولها مستهلكوها، ولكن يتم تصنيعها حسب الأصول وبإشراف وزارات الصحة، فكل منتج مزود بمعلومات دقيقة وواضحة حول مكوناته مع التحذيرات الصحية إذا لزم الأمر، تجنبا لغش الزبائن أو خداعهم، ولكن في بلادنا الحال مختلفة عن كل بلاد الدنيا، حيث يتم خداعنا وغشنا بمئات الطرق والأساليب، فالسلع المغشوشة في أسواقنا أكثر من أن تعد أو تحصى، إلى جانب تميزها بأسعار “لا شبيه لها” على وجه الأرض إذا ما قورنت “بأشباه” الرواتب والأجور التي نتقاضاها، والغريب هنا أن تكون جهة تدعي “حماية المستهلك” جزءاً من الحالة الفوضوية التي تدمر المستهلك، حيث لا رقابة تموينية ولا ضبط أسعار ولا تدخل إيجابي ولا من يحزنون، وليس سراً أن “أشباه” المواطنين غير قادرين على شراء أشباه السلع المعروضة.

ولعل أكثر ما يثير الاستغراب، هو عجز الحكومة عن تأمين السلع الضرورية للمواطنين وخاصة المنتجات الزراعية ولا سيما أن أكثريتها من إنتاج محلي ونحرم منها في أوج مواسمها، في وقت يستورد فيه العديد من تجارنا مختلف الأطعمة المخصصة للكلاب والقطط “الله يعزكم” والكثير من الكماليات الفاخرة والغالية الثمن “بقطع أجنبي” في الوقت الذي نئن فيه من تداعيات الحرب والحصار..!

وبما أن للشيء من الشيء مقاييس وأشباه كما ذكرنا في المقدمة، ثمة سؤال “مشبوه” موجه لوزارة “حماية المستهلك” حول تأخر مادتي الرز والسكر التموينيتين، حيث مضى قرابة الشهرين على موعد تسليم الدفعة المستحقة، والوزارة “لا حس ولا خبر” وأغلب الظن أنها تبحث عن أشباهها في الأسواق البعيدة إلى حين استغاثة “أشباه” المواطنين من الجوع، على اعتبار أن أسواق “الأشباه” هي الرائجة هذه الأيام..؟!