جديد 4E

الأدوية ..

علي محمود جديد

تُصرُّ وزارة الصحة .. وكذلك المجلس العلمي للصناعات الدوائية، على أن الدواء السوري يمتاز بمواصفات عالية الجودة، ويخضع لاختبارات دقيقة تضمن جودته، كما أثبتت الوقائع أن مصانع الأدوية هي ذاتها تقوم بإبداء الحرص الشديد على جودة الدواء، وإنتاج أصنافٍ ذات فعالية عالية.

نحن أيضاً يقوم الكثيرون منّا باستخدام بعض الأدوية الوطنية الشعبية – إن صحّ التعبير – وهي تلك الأدوية التي لا تحتاج بالضرورة إلى استشارة طبيب كبعض المسكنات الخفيفة، والمراهم السطحية التي تعالج لسع الحشرات – مثلاً – أو أدوية الرشح والالتهابات الخفيفة .. وما إلى ذلك، وهذه لا نأخذها عبثاً بطبيعة الحال وإنما بتنوير من الصيادلة، غير أننا نستغني عن زيارة الطبيب التي صارت قيمة معاينته في العيادة مرهقة، ويُحسبُ لها ألف حساب.

وفي الحقيقة فإننا نجد هذه الأدوية الوطنية ناجعة وفعّالة، ونستخدمها دون أي إحساس بضعفها، ولا نتذكّر هذا الأمر أصلاً عند تناولها، فلاشيء في أدائها يستدعي ذلك.

ولكن الملاحظ في هذه الأيام – وقد تكرّر الأمر كثيراً – أن العديد من السادة الأطباء يُصرّون على مرضاهم – عندما تستدعي الحالة التورّط بزيارة الطبيب – بأن يستخدموا صنف دواءٍ بعينه، ولا يقبلون أي مُعادلٍ له، وهو يكون في كثير من الأحيان دواء أجنبي مستورد أو مُهرّب، ويجاهر بعض السادة الأطباء بأن لا فائدة من الدواء الوطني ..! فيشتد الطلب على أصنافٍ محدّدة – كما هو الحال في هذه الأيام وما قبلها – فيواجه المرضى مشكلة انقطاع الدواء نتيجة فقدانه أو ربما احتكاره بسبب اشتداد الطلب، وقد روى العديد من المرضى أنهم تمكنوا من العثور على دوائهم .. ولكن بأسعار مضاعفة..!

أمام هذه الحالة المتناقضة ماذا يمكننا أن نفعل..؟ هل نترك كل الأدوية الوطنية ونبقى نلهث وراء الدواء الأجنبي ..؟! أم نبقى على الدواء الوطني ..؟ وإن بقينا فمن يضمن لنا السلامة وعدم تفاقم الأمراض إن كان هذا الدواء فاقد للفاعلية فعلاً ..؟!

صحيح أن السيد وزير الصحة قال منذ أيام : ( إننا ما زلنا نستطيع تأمين المواد الأولية لمعامل الأدوية بشكل كامل ولم يتوقف الإنتاج فيها ويتم العمل بجودة ووفق مواصفات عالمية رغم التحديات التي تفرضها الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية ). ولكن هذا الكلام العابر لم يعد كافياً للاطمئنان على ما يبدو، لاسيما وأنّ صدّه يتم بقوة من قبل أطباء .. وليس من قبل أحدٍ آخر، فإن كانت وزارة الصحة ومعها المجلس العلمي للصناعات الدوائية على ثقة ويقين بوجود المادة الفعالة الكافية ضمن مكوّنات الدواء الوطني، فقد بات عليهما التصدي بقوة لأولئك الأطباء المروّجين للدواء الأجنبي، وإن لم يكن هذا التصدّي بالمجابهة .. فعلى الأقل بتكثيف الترويج وحملات التوعية للدواء الوطني، بطريقة تقنع الناس فعلياً أنه دواء قوي وفعال، فمن غير المعقول أن نستهين بمصانع الأدوية الوطنية التي بُذلت من أجلها المليارات والكثير من الجهود والخبرات .. ولكن من غير المعقول أيضاً أنه كرمى لهذه المصانع أن ندفع بالمرضى إلى ضفاف الموت بإقناعهم تناول أدوية بلا فائدة .. فماذا نفعل ..؟!     

صحيفة الثورة – على الملأ – 12 / 7 / 2020م

http://thawra.sy/index.php/ali_jadeed/238672-2020-07-12-12-49-03