جديد 4E

من يقرأ صحفاً .. ؟!

حسين صقر

خلال أسبوع واحد فقط التقيت بشخصين من ثقافتين مختلفتين، وربما شريحتين، وخلال الحديث الذي دار بيننا تطرقنا للكثير من المواضيع، وأكثر ما يشغل بال وفكر المواطن هذه الأيام.

الوضع المعيشي وكيف يتدبر المواطن البسيط قوت يومه أخذ الحيز الأكبر من ذاك الحديث، وكذلك جائحة الكورونا، وأسئلة كثيرة عما إذا كانت الأزمة في سورية سوف تنتهي والتدخل الخارجي الغربي الأميركي الإسرائيلي والتركي في الشؤون السورية ودور الأعراب في مفاقمة الأوضاع وتأجيج تلك الأزمة، أو إذا كان هناك أفق لأن تضع الحرب الإرهابية على وطننا أوزارها، وشجون وأوجاع أخرى تناولها هذان اللقاءان.

طبعاً نحن كمواطنين نتناقش، نتحاور نبث تلك الشجون، ونحكي لبعضنا عن آلامنا وآمالنا، ولا نستطيع الحل أو الربط، وكل ما في الأمر أننا نحلل الأوضاع، ونقرأ ما نستطيع قراءته ونتوقع بعض النهايات ليس أكثر، أي أن أحاديثنا للتسلية وتقطيع أوقات الجلسات إلى جانب التفاحات والجبسات، ولن نحلّ أو نربط أكثر من ” شواطات” الأحذية أسوة ببعض المدراء والمسؤولين وبعض المفاصل في المؤسسات، وربما في بعض الوزارات، وأماكن إنتاجية واستهلاكية أخرى.

المهم في نهاية الحديث الذي أثار فضول من التقيتهم كلاً على حدة، وهما يعلمان أنني أعمل في حقل الصحافة، وأكتب على صفحات الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، وُجّه لي سؤالاً اختصر حالة الجهل بأهمية الإعلام ووسائله على اختلاف أنواعها، والأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه، من يقرأ الصحف في هذه الأيام؟ وما الفائدة مما تكتبونه وتنشرونه يومياً وتصرفون عليه مبالغ طائلة.

في سؤاليهما وجه حق من ناحية، وتجنٍ من جوانب كثيرة، ولاسيما أن المواطن فقد ثقته بالإعلام بعد أن رأى التناقض الواضح بين ما يكتب ويحدث اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، ولأن بعض المعنيين باتخاذ القرار فيما ينشر على صفحات وسائله، لا يتجرؤون على نشر ما يجب وضعه بين أيدي القرّاء، خوفاً على كراسيهم ومصالحهم، ولكن بالنتيجة لابد من وصول بعض ما أمكن لهؤلاء.

كثير من الأشخاص لا يعلمون أن الشمعة لن تمنع الظلام، ولكنها تضيء الطريق في العتمة، وكذلك الصحفي ليس مهمته حل المشكلة واجتثاثها، ولكن مهمته تسليط الضوء على مكامن الخطأ والتنبيه لها، وعندها يتمكن المسؤولون والمختصون من معالجتها.

والكثير أيضاً يتشابهون مع من حاوروني حول من يقرأ الصحف، حيث لا يدركون أن هناك مشتركين تصلهم الصحيفة إلى منازلهم، ولا يطيب يومهم إلا بقراءتها، وأن كل ما ينشر على مواقع التواصل الذي ضاعت أسماء صحفيينا، بين حساباته، مصدره تلك الصحف، ولا تقتصر مهمة الجريدة على مسح بللور السيارة، وتنشيف الملوخية والبامياء، ولا تقتصر حاجتهم للصحيفة لحل الكلمات المتقاطعة والأخبار المنوعة، فهناك موضوعات وزوايا وتعليقات وتحقيقات جديرة بالقراءة، واحتاجت لجهود كبيرة حتى وصلت حروفها على الصفحات البيضاء..