جديد 4E

قصفٌ على تجميع السيارات

علي محمود جديد

تسخيف مسألة تجميع السيارات في سورية.. ربما ليس مقنعاً إلى هذا الحدّ الذي أطلقه وزير الصناعة يوم أمس، حيث أشار إلى أنّ الحكومة ربما أخطأت عندما سمحت سابقاً بترخيص صالات لتجميع السيارات وأعطت التراخيص بهدف توطين صناعة السيارات بنسبة تصل إلى 40 % على الأقل حيث رخصت لصالة واحدة لكل صناعي مع التوقيع على تعهد لإنشاء 3 صالات مع بداية عام 2020، لافتاً إلى أن هذه الصناعة اعتمدت فقط على التجميع حتى الآن ولم تتطور ولم يلتزم الصناعيين بفتح ثلاث صالات، كاشفاً أن هذه الصناعة كانت تستنزف حوالي 80 مليون دولار شهرياً، مما دفع الحكومة لإيقاف منح إجازات الاستيراد الخاصة بهذه الصناعة في نهاية عام 2019، لأنها لم تقدم أي قيمة مضافة للصناعة والاقتصاد الوطني والمواطن.

هو ليس اكتشافاً أن هذه الصناعة كانت تحتاج إلى هذا الكم من القطع الأجنبي كي تستمر .. فهي تقوم أساساً على استيراد القطع وتركيبها، وبمجرد قيامها بهذا العمل، فهي لا بدّ إلاّ وأن تقدّم قيمة مضافة، قياساً بأننا لو قمنا باستيراد السيارات كاملة، وكمنتجات جاهزة، فعلى الأقل نحن باعتماد عمليات التجميع هذه نكسب عدم دفع أجور القوى العاملة بالقطع الأجنبي، كما أننا نستقطب العديد من فرص العمل، والتخفيف من وطأة البطالة.

هناك العديد من دول الإقليم والجوار ( إيران – تركيا – ومصر ) اتبعت هذا الأسلوب وحققت قيماً مضافة، ولكن المشكلة ليست في شركات التجميع – على ما يبدو – أكثر من أنها في التشكيك ونصب العداء – أو ما يُشبهه – لهذه الشركات، إذ كان من المُفترض أن يُنظر إليها بشكلٍ مختلف، وأن تحظى بالمساعدة الحقيقية كي تقف على ساقيها ، وتنطلق بقوة في صناعة السيارات، كأن تسعى الحكومة .. وتحديداً الجهات المعنية بالتصدير ودعمه، إلى دعم هذه الشركات، والعمل على إيجاد الطرق المعبّدة أمامها كي تقوم بتصدير منتجاتها التي بدت فاخرة التصنيع، أو لنقُل التركيب، وهي بهذه العملية تكون قادرة على تعويض تلك التكاليف البديهية .. بل ومضاعفتها فيما لو أحسنّا التعاطي بشكلٍ جيد مع هذه الصناعة الناشئة ..؟!

أما أن نبدأ القصف على هذه الشركات، وبما يوحي وكأنه تمهيد لقرارات تجميد أو إلغاء بعد أن تكبّدت تلك الشركات ما تكبدته من تكاليف فهذا لا يبدو تمهيداً سليماً ولا موضوعياً، ونعتقد من الأفضل الاستمرار بالأخذ بيد هذه الشركات إلى أن تنتظم بشكل فعال، وتصير قادرة على توليد القطع الأجنبي الذي يفوق على استهلاكها منه .. وليس هذا بصعبٍ ولا بعيد.