السلطة الرابعة – 4e :
تمثل الانتخابات التشريعية المقبلة في سوريا، محطة مهمة ومفصلية، كونها استحقاقاً تشريعياً و خطوة بالغة الأهمية في مسار بناء مؤسسات الدولة، وتوسيع مبدأ المشاركة الوطنية وتعميقها، بما يعكس إصرار الحكومة وتوجهاتها لتقديم وجه حضاري يتناسب ومكانة سوريا بين دول العالم، وفق نظام انتخابي حديث يسير بآمال الشعب السوري نحو مستقبل مستقر يتسع للجميع.
وفي ظل ما تشهده البلاد من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية، تأتي الانتخابات التشريعية لعام 2025 كخطوة استراتيجية تهيئ الأرضية المناسبة لدور فاعل يضطلع به مجلس الشعب القادم، كمؤسسة تمثيلية حقيقية تلبي طموحات الشعب السوري في البناء والمشاركة.
هذه الانتخابات المزمع إجراؤها تستند إلى المرسوم التشريعي رقم 143 لعام 2025، الذي وضع نظاماً انتخابياً مؤقتاً، يتوافق مع متطلبات المرحلة الراهنة ويتميز بالمرونة والوضوح، هذا المرسوم الذي أعلن عنه المتحدث الإعلامي باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب نوار نجمة، يعد بمثابة إطار قانوني تنظيمي يحدد آليات عمل اللجان الفرعية في جميع المحافظات، والتي تؤدي اليوم الأربعاء القسم للبدء بمهامها، لتشرف على تنفيذ العملية الانتخابية بدقة ونزاهة كما هو مطلوب منها ومنوط بها.
يتضمن المرسوم تفاصيل واضحة تسهم في تعزيز التوزيع العادل عبر تنظيم الاجتماعات المتتابعة وتوحيد التعليمات التنفيذية، بما يضمن تكافؤ الفرص بين الأطراف الوطنية المشاركة كافة في العملية الانتخابية.
كيف يؤثر المرسوم 143 على المشهد السياسي؟
من الممكن قراءة المرسوم 143 في سياق ما تبذله الدولة السورية من جهود حثيثة ومتابعة مستمرة رغم كل التحديات بهدف تحديث أطرها القانونية والمؤسساتية، كتعبير عملي عن الجدية والتصميم في تحسين وتوسيع آليات المشاركة السياسية، وتوفير أجواء انتخابية تسودها الشفافية بما يخدم مصلحة الشعب السوري أولاً وآخراً.
المرسوم الرئاسي يؤكد على دور اللجان الفرعية في مراقبة سير العملية الانتخابية ومواجهة التحديات الآتية وتذليل العقبات التي قد تعترضها، وخاصة أن هذه اللجان تم تشكيلها بعناية، وهي تضم خبراء ومسؤولين ذوي كفاءة عالية، وأيضاً يمثل هذا المرسوم وما يليه من خطوات عملية التوجه المباشر للدولة نحو الالتزام التام بمسارات بناء مؤسسات تشريعية تمثل جميع أطياف المجتمع السوري بشكل عادل ومحق، بعيدا عن أي مقاربات غير وطنية سواء داخلية كانت أم خارجية أو ضغوط دولية قد تضر بالدولة أو وحدتها السياسية والمجتمعية.
المرسوم ركز بشكل مباشر على الشفافية والعدالة، حيث تسعى اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب إلى تكريس أسس وقواعد واضحة للإشراف على الانتخابات، مع تكثيف الاجتماعات العملية بهدف إنجاح هذا الاستحقاق الوطني التشريعي، والذي يبنى عليه لتعزيز الاستقرار السياسي واستدامته من منطلق أن مشاركة الشعب في صنع القرار هي أداة حيوية لتحقيق ذلك.
فبناء الثقة بين المواطن والدولة يكون من خلال إعطاء اللجان الفرعية الصلاحيات اللازمة لتطبيق القانون بشكل دقيق، مع تأكيد متحدث اللجنة على أن العملية الانتخابية ستتم وفق نظام مؤقت، يترك الباب مفتوحاً لأي تحسينات مستقبلية بما يخدم المصلحة الوطنية العليا.
تأتي أهمية مجلس الشعب القادم من الصلاحيات والمهام التي يتولاها في التشريع والرقابة على أداء الحكومة، وبالتالي فإن دقة اختيار أعضاء المجلس وتمثيلهم الفعلي لتطلعات المواطنين، يعكس مدى قدرة الدولة على تطوير مسارات الإصلاح على مختلف المستويات وأولها المستوى السياسي.
لذلك هناك تعويل كبير على نجاح هذه الانتخابات، لأنها ترتقي بمكانة سوريا في المنابر الدولية، فالدولة القادرة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة ضمن إطار قانوني منظم يحظى بتأييد الشعب، يفتح مجالات أوسع للدعم الخارجي وتقديم مساعدات التنمية الشاملة، وخاصة أن الدولة السورية قامت ولا تزال تقوم بكل ما هو لازم لإنجاح هذه العملية وبما يشجع ويزيد من تعاون المواطنين ومشاركتهم عبر تبني نظام أكثر شمولية يراعي تنوع المجتمع السوري، ويضمن تمثيل جميع الشرائح والأطياف الاجتماعية، مما يجعل الانتخابات المقبلة محطة هامة لتعزيز التشاركية السياسية.
في خلاصة الأمر تمثل هذه الانتخابات نقطة مفصلية نحو تعزيز الديمقراطية وتطوير العمل السياسي ليخدم المصلحة الوطنية، في إطار شامل ومتين يضع سوريا على طريق التقدم والتنمية.
( صحيفة الثورة – علي اسماعيل – في 3 أيلول 2025م )