كلمة السيدة الأولى في حفل تخرجها تفتح صفحة جديدة أمام السوريين .. قابلة للتسطير عليها أبهى معاني الأخوّة والتسامح والمحبة

 

 

حان الوقت لنسمع أصوات بعضنا على سجيتها الطيبة البنّاءة لافظين تلك التي تنادي بالفتنة والتفرقة التخريبية الهدّامة بعيداً عن الوعي ومنطق العقل

 

السلطة الرابعة – 4e :

أعلنت رئاسة الجمهورية حضور السيد الرئيس أحمد الشرع، احتفال جامعة إدلب – كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتخريج طلابها من دفعة “النصر والتحرير”.

وقالت جامعة إدلب في بيانٍ لها على صفحتها يوم السابع من أيلول :

بحضور رئيس الجمهورية العربية السورية، السيد “أحمد الشرع”، ومحافظ إدلب، السيد “محمد عبدالرحمن”، ورئيس جامعة إدلب، الدكتور “زياد عبود”، وبمشاركة أكاديمية وطلابية مهيبة، احتفت جامعة إدلب – قسم الآداب والعلوم الإنسانية – بتخريج دفعة جديدة من طلابها وطالباتها، دفعة “النصر والتحرير”، وقد تميز الحفل بحضور عقيلة السيد الرئيس، السيدة “لطيفة الدروبي”، ضمن صفوف الخريجات، حيث نالت شهادة التخرج من قسم اللغة العربية، وسط أجواء احتفالية غامرة بالفخر والاعتزاز.

وأضاف البيان : تتقدم جامعة إدلب بأحرّ التهاني والتبريكات لجميع الخريجين والخريجات، متمنية لهم مستقبلاً واعداً مليئاً بالنجاح والعطاء في خدمة الوطن والمجتمع.

من جهتها وكالة سانا ذكرت النبأ باقتضاب وأوضحت أن جامعة إدلب التي تأسست منذ أواخر عام 2015، سجلت تطوراً علمياً على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، حيث تضم اليوم ‌‏18 كلية تشمل اختصاصات طبية وهندسية وإلكترونية وكهربائية ‏وتطبيقية ونظرية، بالإضافة إلى 8 معاهد تقنية ولغوية.

ومع بداية عام 2025 كان عدد المسجلين ‏في كليات ومعاهد جامعة إدلب يبلغ 21597 طالباً وطالبة، فيما وصل عدد ‏المسجلين في مرحلة الدراسات العليا 880 طالباً وطالبة.

اهتمام إعلامي عربي ودولي

الحدث تناقلته وكالات أنباء ووسائل إعلامية عربية ودولية على نطاق واسع وباهتمامٍ كبير واضح، وجاء هذا الاهتمام اللافت من ثلاث زوايا أساسية، الأولى حضور السيد الرئيس أحمد الشرع، الثانية مفاجأة أن إحدى الخريجات كانت عقيلة الرئيس الشرع السيدة لطيفة الدروبي، الزاوية الثالثة – وربما تكون هي الأهم – الكلمة الوازنة والرشيقة التي ألقتها السيدة الأولى لطيفة، بفصاحةٍ واضحة دون إرباك، وما تضمنته من معانٍ وطنية جامعة وشاملة بعيداً عن التفريق والإقصاء، فضلاً عن تركيزها على الدور الكبير للمرأة السورية في بناء المجتمع.

فالسيدة الأولى ابتدأت كلمتها بعبارة : ( إلى أبناء سوريا الأعزاء ) دون أي تحديد ولا فرز، وهذا ما نحتاج إليه في زمن الخطابات وبيانات الفرز والتفريق.

كما توجهت في صلب الكلمة إلى كل أم سورية .. وإلى كل أب سوري .. وإلى كل شهيد .. وكل أرملة .. ولم تحدد السيدة لطيفة بذلك أي أم .. ولا أي أب .. ولا أي شهيد .. ولا أي أرملة حتى بدت وكأنها تؤكد أن هذا البلد للجميع دون أي إقصاء، وهو القول الصحيح الذي ينشد تلاحماً وطنياً شاملاً مكللاً بحياة كريمة وآمنة، داعمةً ذلك بتأكيدها على أننا في سوريا نستحق الحياة .. ونستحق الفرح .. ونستحق الزمن الذي تتقدّم به سوريا بعلمها لا بدمائها.

وعن دور المرأة في بناء المجتمع اعتبرت السيدة الأولى أن المرأة السورية لا تليق بها الهزيمة .. وهي ليست ظلاً في المجتمع، بل هي عموده وضياؤه، وهذا التوجه المُعلن على الملأ من السيدة لطيفة جاء كرسالة تطمينيّة قوية لنساء سورية بأن مكانتهنّ محفوظة، ودورهنّ أساسي في بناء المجتمع، لا يقل عن الأعمدة الصلبة التي بدونها لا يقوم بناء، لتقوم السيدة لطيفة بهذا المنحى بإبعاد تلك المخاوف المعروفة التي برزت في الآونة الأخيرة عن تقليص دور المرأة ومحاولات تحجيمها وخنق حريتها، فالخطاب هنا جاء ناسفاً بوضوح لمثل تلك الهواجس.

وبالعودة إلى طبيعة الاهتمام العربي والدولي بالحدث قالت صحيفة الشرق الأوسط السعودية الصادرة في لندن :

حضر الرئيس السوري، أحمد الشرع، حفل تخرج عقيلته، لطيفة الدروبي، ضمن دفعة عام 2025 في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة إدلب شمال سوريا.

وذكرت الصحيفة أن السيدة لطيفة الدروبي (40 عاماً) تتحدّر وعائلتها من حمص وسط البلاد، وكان أول ظهور لها إلى جانب الرئيس الشرع في فبراير (شباط) الماضي خلال زيارته تركيا والمملكة العربية السعودية، وأثار حضورها كثيراً من الاهتمام، وتناولت تقارير إعلامية مظهرها باللباس الإسلامي المحافظ البسيط بصفتها أول زوجة رئيس سوري تظهر بالحجاب.

وكان لافتاً حديث الرئيس الشرع في أكثر من مناسبة عن وقوفها إلى جانبه ومشاركته العيش خلال فترة صعبة من حياته قضاها متخفياً ومتنقلاً بين الجبال والمزارع، حين كان قائداً لـ«هيئة تحرير الشام»، ومن الطريف ممازحته أهالي محافظة حمص لدى زيارته الأخيرة بأن يعتنوا به لأنه صهرهم.

وقالت الصحيفة : تتمتع لطيفة الدروبي بحضور هادئ في ظل مشهد ذكوري رسمي ما زال يطغى على المشهد الرسمي السوري منذ تسلم الرئيس أحمد الشرع السلطة في دمشق قبل 9 أشهر.

ورغم زيادة مشاركة المرأة السورية في دوائر العمل الحكومي، فإن حضورها ما زال محدوداً جداً في المناصب الرفيعة، وينحصر في وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، المرأة الوحيدة في الحكومة الانتقالية.

وتحت عنوان : ( أحمد الشرع يثير تفاعلا خلال حضوره حفل تخرج زوجته لطيفة الدروبي.. ) ذكرت شبكة CNN الأمريكية أن رئيس الإدارة السورية الحالية، أحمد الشرع، أثار تفاعلا بحضوره حفل تخرج دفعة جديدة من الطلاب من جامعة إدلب، من بينهم زوجته سيدة سوريا الأولى لطيفة الدروبي.

وقالت الرئاسة السورية في بيان أرفقته بصور عبر حساباتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي: “بحضور الرئيس أحمد الشرع، جامعة إدلب تحتفل بتخريج دفعة (النصر والتحرير) من كلية الآداب والعلوم الإنسانية”.

ونشرت وكالة “سانا” السورية الرسمية للأنباء لقطات من حفل تخريج دفعة “النصر والتحرير” من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بحضور الشرع.

وظهرت لطيفة الدروبي في الصور خلال الحفل وهي تحمل شهادة تخرجها التي قدمها لها أحمد الشرع وسط تفاعل.

وقالت CNN إن مستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي تداولت كلمة لطيفة الدروبي خلال حفل تخرجها، وقالت فيها: “في هذا اليوم الاستثنائي، أكون معكم اليوم لا كسيدة أولى بل كطالبة سورية حملت في قلبها حلمها، وسارت إليه رغم التحديات، لتتم مسيرتها العلمية في جامعة إدلب الغالية، أقف اليوم على أرض صمدت أرض جرحتها الحرب، واحتضنت آلاف القصص التي تنبض بالحياة”.

كلمة السيدة الأولى تفتح الباب للتقريب بين جميع السوريين

وفي جزء من تقرير حول كلمة السيدة لطيفة الدروبي، عقيلة الرئيس أحمد الشرع، بمناسبة تخرجها من الجامعة. أعدّه باحث في مركز دراسات بواشنطن، ونشره الناشط السوري الأميركي أيمن عبد النور على صفحته، رأى التقرير أن نبرة الصوت ولغة الجسد والحضور، إضافةً إلى تنويعها في التواصل البصري مع الحاضرين وتوافق حركات العين مع الكلمات الملفوظة، كانت جيدة جداً، رغم أنها المرة الأولى التي تتحدث فيها علناً. وبالمقارنة مع بعض السيدات السوريات اللواتي خضعن لدورات متخصصة في الخطابة وفن الحديث في المناسبات العامة، مثل الوزيرة هند قبوات وهدى أتاسي، فقد تفوقت عليهن بوضوح.

النقطة الأبرز والأكثر حساسية في خطابها، والتي يُحتمل أن تعكس ما يُناقش داخل المنزل وربما رأي زوجها في هذا الشأن، كانت تتعلق بإهداء أطروحة التخرج ونجاحها. وكالمعتاد، أهدتها لزوجها وعائلتها وأطفالها، لكنها أضافت ما يلي، وهو ما يُعدّ مهماً:

  1. لكل أم سورية (دون تمييز بين أمهات إدلب، أو أمهات الثورة، أو أمهات الشهداء، وهو ما يفتح باباً للتقريب بين جميع السوريين).
  2. لكل أب فقد أحد أبنائه فدفع بأحفاده إلى المدارس (وقد لفتت الانتباه هنا لأنها لم تقل “آباء الشهداء” تحديداً، بل شملت كل من فقد ابناً، وهو ما يضم ضمناً الآباء في مناطق النظام السابق، الأمر الذي يساهم أيضاً في تقريب السوريين جميعاً.
  3. لكل شهيد لم يستطع أن يكمل طريقه وأوصانا بالوطن (في هذه النقطة استخدمت – حسب التقرير – تعبيراً دينياً إسلامياً محدداً “شهيد”، بدلاً من صياغة أوسع مثل “كل من فقده الوطن” أو “كل من خسره أهله”).

وخلصت جزئية التقرير إلى أن الرؤية العامة التي عكستها كلمة السيدة لطيفة تبدو متجهة نحو التسامح مع الآباء والأمهات السوريين جميعاً، لكنها لا تشمل الشباب المقاتل على الطرف الآخر.

أخيراً :

الذي لا شك فيه هو أن سوريا اليوم هي أحوج ما تكون إلى مثل هذا الخطاب الجامع والشامل القادر على تجميع القلوب بين بعضها لنكون يداً واحدة بعيداً عن التفريق والتبعيد والتمزيق، وهي أحوج أكثر إلى تطبيق المعاني السامية لهذا الخطاب على الأرض، لتغدو سوريا وطناً جميلاً وآمناً لجميع السوريين دون استثناء، حتى أولئك الشباب المقاتل على الطرف الآخر الذي أشار إليهم تقرير مركز واشنطن، والمقصود بهم ضباط جيش النظام البائد وصف ضباطه وأفراده وموظفيه والذين يتعرضون اليوم لأقسى أنواع الحياة بقطع رواتبهم وموارد رزقهم وخسارتهم الفادحة لماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم دون تحقيق أي هدف نبيل من وراء ذلك، بل على العكس تماماً فلا نرى حولهم سوى المزيد من المآسي والآلام التي تهدد حياتهم وتنطوي على كثير من المخاطر المحدقة بالبلاد دون مبرر .

السيد الرئيس أحمد الشرع كان قد أبدى وعياً واضحاً لهذه المسألة بالذات عندما قال في إحدى تصريحاته أنه ( لا بد من التفريق بين المحارب وبين مرتكب جرائم الحرب ) وفي الواقع فبين الذين قُطعت رواتبهم وأرزاقهم الكثير من المحاربين الذين كانوا يتلقون أوامرهم من قادتهم، والقادة من القيادة وإلى آخر السلسلة، كما أن الكثير منهم لم يكن لهم أي علاقة حتى بالمحاربة أصلاً، يمارسون أعمالاً إدارية ومالية وخدمية أخرى، وأعمال فنية وعلمية وبحثية وهندسية وطبية وإنتاجية وتجارية وما إلى ذلك.

هؤلاء من الحكمة بمكان أن يجدوا حلاً سريعاً لواقعهم الصعب ليتم إغلاق هذا الملف ويتمكنوا من السير والمساهمة في بناء سوريا الجديدة، فمن بينهم الكثير من الطاقات والخبرات التي تحتاجها البلاد.

لقد حان الوقت لنسمع أصوات بعضنا كما هي على سجيتها .. وعلى أصلها البنّاء الطيب العريق، بعيداً عن تلك الأصوات الدخيلة على مجتمعنا التي تنادي بالفتنة والتفرقة التخريبية الهدّامة، بعيداً عن الوعي ومنطق العقل.

من القلب مبارك للسيدة لطيفة الدروبي تخرجها من كلية الآداب والعلوم الانسانية، وتحقيقها لهذا النجاح رغم كل الصعاب، آملين أن تكون لكلمتها الطيبة في حفل التخرج نجاحاً آخر وأثراً بالغاً في فتح صفحة جديدة أمام السوريين يسطرون عليها معاني الأخوّة والتسامح والمحبة ليسيروا جميعاً في قافلة البناء نحو مستقبل مزدهر.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.