الرياض تنتقل بالعلاقات مع سوريا من الإطار السياسي إلى الدعم الاقتصادي المباشر

 

 

إيلاف من الرياض:

تجاوزت الرياض إطار التفاهمات السياسية لتضخ دعماً ملموساً في شرايين الاقتصاد السوري المنهك. فقد أعلنت المملكة العربية السعودية عن تقديم منحة نفطية لسوريا تبلغ 1.65 مليون برميل من النفط الخام، في خطوة استراتيجية تهدف إلى دعم اقتصاد دمرته أربعة عشر عاماً من الحرب الأهلية.

هذا الدعم المادي المباشر، الذي تم الإعلان عنه عبر وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، ينقل العلاقة بين البلدين من مرحلة المباحثات الدبلوماسية إلى مرحلة التأثير الاقتصادي الفعلي، ويُعتبر مؤشراً واضحاً على الدعم الكامل الذي تقدمه الرياض لدمشق في هذه المرحلة الجديدة من العلاقات الثنائية.

ووفقاً للمصادر الرسمية، جرى توقيع مذكرة تفاهم بشأن هذه المنحة بين الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية، سلطان بن عبد الرحمن المرشد، ووزير الطاقة السوري، محمد البشير، مما يضفي طابعاً مؤسسياً على هذه المساعدة الحيوية.

وأوضحت “واس” أن هذه الشحنة النفطية ليست مجرد مساعدة عابرة، بل هي جزء من رؤية أوسع “تُسهم في تعزيز تشغيل المصافي السورية وتحقيق الاستدامة التشغيلية والمالية”.

وتضع السعودية هذا الدعم في سياق أهداف أشمل تتمثل في “دعم تنمية الاقتصاد ومواجهة التحديات الاقتصادية في سوريا لنمو القطاعات الحيوية فيها”، بالإضافة إلى دعم الجهود الرامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

من جانبها، أكدت الرياض أن المنحة “تعكس جهود المملكة للإسهام في تحسين الظروف المعيشية للشعب السوري الشقيق، انطلاقاً من العلاقات الوثيقة بين البلدين”، وهو ما شدد عليه أيضاً الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية بقوله إن هذه المنحة “تأتي امتداداً للجهود التي تبذلها المملكة على كل المستويات لدعم الشعب السوري”.

في دمشق، كان صدى هذه الخطوة إيجابياً للغاية. فقد أفاد وزير الطاقة السوري، محمد البشير، بأن المنحة تأتي في إطار “دعم المملكة لسوريا وسيكون لها أثر طيب في تحقيق التنمية وإعادة البناء والإعمار”. وكشف البشير عن الخطة التشغيلية للاستفادة من النفط الخام، حيث صرح بأنه “سيتم تحويله إلى مصفاة بانياس لتكريره، ومن ثم تزويد محطات الوقود بالمشتقات النفطية الناتجة”، حسب ما أوردت وكالة الأنباء السورية (سانا).

ولم يفت الوزير السوري أن يعرب عن “شكر دمشق للرياض على الدعم الذي تقدمه في مختلف المجالات”، في إشارة إلى أن هذا التعاون يمتد إلى قطاعات أخرى.

وتكتسب هذه المنحة النفطية أهمية إضافية كونها لا تأتي من فراغ، بل تبني على أساس تم وضعُه في خطوات سابقة؛ حيث كانت وزارة الطاقة السورية قد وقعت في 28 أغسطس الماضي اتفاقية وست مذكرات تفاهم مع شركات سعودية في مجالات حيوية تشمل البترول والكهرباء، مما يؤكد أن التعاون بين البلدين يسير في مسار متصاعد ومدروس، وأن الدعم الاقتصادي المباشر هو الآن عنوان المرحلة الأبرز في هذه العلاقة العائدة بقوة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.