جديد 4E

“الأميون” الجدد

زيـاد غـصن :

سلامات ..

الكثير من المؤسسات العامة تجد نفسها اليوم مجبرة على تكليف شخصيات، ليس لديها ما يكفي من الكفاءة والخبرة، للقيام بمهام إدارية وفنية مختلفة.

فإلى جانب خسارة هذه المؤسسات لجزء ليس بالقليل من كفاءاتها بفعل عاملي الأجور المتدنية والهجرة بشقيها الداخلي والخارجي، فإن التشدد بتطبيق المسار الزمني لشغل المناصب الإدارية جعل هذه المؤسسات تفقد قسماً آخر من الكفاءات والخبرات، والتي بقيت تعمل حتى اللحظات الأخيرة.

ولذلك فإن توقيت العمل بالمسار الزمني لم يكن مناسباً، فضلاً عن الملاحظات الأخرى، والتي من أهمها أن تطبيق هذا المسار ساوى بين شاغلي المناصب بغض النظر عن الكفاءة والخبرة والنزاهة، وسابقاً ناقشنا هذا الأمر بالتفصيل.

لكننا اليوم سنحاول تسليط الضوء على العوامل المسببة لتدني الكفاءة والخبرة في مؤسساتنا العامة، والتي قد يصل الحال ببعضها إلى مرحلة يتسيد فيها “الأميون” المشهد، ونقصد هنا بـ”الأميين” فاقدي التجربة والخبرة والقدرة على الإنجاز.

– العامل الأول يتمثل في حدوث فترة انقطاع زمني لدى بعض المؤسسات في عملية التوظيف. انقطاع أدى لاحقاً إلى غياب شبه تام للصف الثاني من الإداريين والفنيين، بدليل أن وزارات كثيرة تجد صعوبة في اختيار إدارة لهذه المؤسسة أو تلك، وأحياناً أقل من ذلك كمدير مركزي مثلاً في مؤسسة ما.

– أما العامل الثاني فهو يكمن في غياب الدورات التدريبية الداخلية والخارجية خلال سنوات الحرب، وما توفره عادة من فرص احتكاك وتعلم مع المؤسسات الأخرى الشبيهة في الخارج. ويمكن ملاحظة ذلك في قطاعات كثيرة أبرزها: النفط، الصناعة، الاعلام وغيرها.

– العامل الثالث يتقاطع أو هو مكمل للعامل الثاني، إذ نتيجة للعقوبات الخارجية ومواقف الحكومات الغربية المعادية للحكومة السورية، فقد تراجع عدد الموفدين إلى الخارج من حيث العدد وانتشار خريطة الإيفاد، ومن ثم عدد العائدين من الإيفاد. الأمر الذي أسهم في خلق فجوة معرفية واضحة داخل المؤسسات العامة.

– العامل الرابع في جعبتنا يتعلق بتراجع مستويات عمل المؤسسات العامة مقارنة بما كانت عليه قبل فترة الحرب، وتالياً تراجع التجربة العملية للعاملين وما تولده من ملاحظات وقيم معرفية ودروس واقعية. ولاحظوا أن العديد من السير الذاتية لبعض شاغلي الوظائف على اختلاف مستوياتها تفتقد اليوم إلى خبرة عملية موثقة بتجارب متراكمة.

أياً كان شكل عملية إعادة هيكلة القطاع العام وحدودها ومستوياتها، فإن منتجها المؤسساتي سيصطدم في النهاية بحقيقة ضعف ما تبقى من كوادر وموارد بشرية، والتي ستكون عاجزة من دون شك على قيادة هذا المنتج وفق أهدافه الطموحة.

دمتم بخير

الصفحة الأخيرة – شام إف – إم