جديد 4E

إزعاجات..!

السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:

ما من شك أن شهر شباط لهذا العام قد حمّل السوريين ما لا يطيقون حمله جراء كارثة الزلزال المدمر،  إضافة إلى هزاته الارتدادية الكثيرة التي جعلت الكثيرين يباتون بالعراء وسط موجات الصقيع والبرد، إلى جانب كابوس ارتفاعات الأسعار وجشع بعض حيتان السوق وتجار الأزمات، ومسلسل الاعتداءات الداعشية والصهيونية، بحيث بات الشعور بأن شباط هو الأطول بين أشقائه رغم أنه ينقص عنهم يومين إلى ثلاثة أيام، ولولا النهارات الدافئة التي شهدناه مؤخراً لاعتقدنا أنه شهر هارب من الجحيم…!

في الماضي كنت أعتبره أحنّ وأرحم الأشهر على العمال والموظفين في القطاع العام كونه يتسامح ببعض أيامه معهم، أما وأنه قد كشر عن أنيابه بهذه الطريقة المرعبة فإنني بت أعتبره أقسى وأمرّ الأشهر – وكلها قاسية ومريرة – حتى لو تخلى عن سبعة وعشرين يوما من حصته، فكل يوم يمر على السوريين يعادل شهراً كاملا بإزعاجاته وتكاليفه وأعبائه، وثمة الكثيرون يسألون ماذا بعد ..(؟) وهناك من يبالغ بتوقعاته لدرجة القول أن الديناصورات ستستيقظ من ماضيها السحيق وتأتي لتشارك في زيادة معاناة أبناء هذا البلد أسوة بالآخرين…!

سألني زميلي في العمل باستياء بالغ: هل تعرف ما الذي يزعجني كموظف في القطاع العام..؟!

قلت: أن يكون عدد أيام الشهر 31 يوما..!

فقال: لا..!

قلت: أن تتأخر الرواتب..!

فقال: لا أبداً..!

قلت: أن تعجز عن إيجاد صراف واحد في الخدمة لحظة صرف الرواتب…!

فقال: على العكس تماماً..!

قلت: أن تقف في طابور طويل أمام الصراف في عز البرد، وحين يحين دورك يتعطل الصراف فجأة…!

فقال: على الاطلاق..!

فقلت: أن تحصل على راتبك في 26 من الشهر ثم تصرفه في يومين، وبعدها تدخل في مرحلة من التقشف والقربطة والشحادة لمدة شهر كامل…!

قال: معاذ الله..!

فقلت: لقد أعجزتني يا رجل وأوصلت روحي الى منخاري…فهل تفضلت بنطق هذه الجوهرة الثمينة…!

فتنفس بحرقة ثم قال: أكثر ما يزعجني هم أولئك الذين يعتبرون أن ما نتقاضاه في نهاية كل شهر هو راتب يستطيع تحمل ضريبة دخل وعدد لا حصر له من الحسميات والأقساط والسلف والقروض والتبرعات ورسوم إعادة الاعمار…؟!