جديد 4E

القرارات المبهمة ….والمفاهيم الضائعة ….تهدد الأمن الغذائي الوطني

 

المهندس عبد الرحمن قرنفلة:

تعامُل موظفي الرقابة التموينية مع منتجي الدواجن يعيد الى ذاكرتي رواية ( يوميات نائب في الأرياف ) لتوفيق الحكيم . فالموظف الحكومي  يتقيد بتنفيذ حرفية القانون بعيدا عن الواقع الذي لا يتطابق مع ذلك القانون لا من قريب ولا من بعيد .. فالقانون يُجرم من يستحم بالترعة  والموظف يُلزِم من يستحم بالترعة بمخالفة مالية علماً انه لا يوجد في القرية غير الترعة مصدرا مائيا ليستحم به الفلاحون من ابناء القرية …

وعندنا يطلب موظفو الرقابة التموينية من مربي الدواجن إصدار فاتورة نظامية تتضمن 19 بنداً بموجب القرار 1133 الصادر عن وزارة التجارة الداخلية . حيث  نصت المادة 6 من ذلك القرار : تتضمن الفاتورة او الارسالية المعلومات الاساسية الاتية :

  • الفعاليات التجارية والصناعية والحرفية والخدمية :

ومنها ان تتضمن الفاتورة 1 الاسم الكامل للبائع او المتجر2 الرقم الضريبي 3رقم الهاتف او الفاكس او البريد الالكتروني4 رقم السجل التجاري او ما ينوب عنه 5 الرقم المتسلسل للفاتورة 6تاريخ تحرير الفاتورة 7اسم المادة او الخدمة 8 الاسم الكامل للمشتري 9 الكمية المباعة 10 السعر الافرادي 11 السعر الاجمالي 12المجموع الاجمالي للفاتورة 13 الحسومات ان وجدت14رسم الانفاق الاستهلاكي 15 المجموع النهائي رقما وكتابة 16 الية البيع  17 مكان تسليم البضاعة 18رقم الارسالية 19 الخاتم والتوقيع …

وكأن الذي وضع هذا القرار يفترض ان مربي الدواجن خريج كلية اقتصاد وتجارة ولا يعرف ان 90% من المربين هم فلاحون ذوي طاقات انتاجية متواضعة بين 2000 الى 10000 طير وكثير منهم لا يجيد القراءة ولا الكتابة .

ورغم ان المادة 12 من نفس القرار نصت على :

يعفى المزارعون والفلاحون من اعطاء الفاتورة فيما يخص منتجاتهم ويلتزم تجار اسواق المنتجات الزراعية بتحرير بيان مشتريات بالمواد المشتراة من المزارعين او الفلاحين ايا كانت قيمتها ( مبيعات السلع التي يتم شراؤها من المزارعين او الفلاحين الى المشتري ) تتضمن بصورة اساسية المعلومات الآتية :

1 الاسم الكامل للمشتري وعنوانه2 الرقم الضريبي 3رقم الهاتف او الفاكس او البريد الالكتروني4 رقم السجل التجاري او ما ينوب عنه 5 الرقم المتسلسل للفاتورة 6تاريخ تحرير الفاتورة 7اسم المادة  8 الاسم الكامل للمزارع او الشخص الذي تم الشراء منه  9 الكمية المشتراة  10 السعر الافرادي 11 السعر الاجمالي 12المجموع الاجمالي للفاتورة 13 الحسومات ان وجدت 14 المجموع النهائي رقما وكتابة 15 الية البيع  16 مكان تسليم البضاعة  في حال الضرورة  17 رقم الارسالية 18 الخاتم والتوقيع …19 يمكن تنظيم ارسالية متسلسلة بدلا عن الفاتورة في حال كون البضاعة معروضة برسم الامانة مع الالتزام التام بالبنود المشار اليها انفا

إلا انه و رغم عمره الذي تجاوز سبعين عاماً لا يزال قطاع الدواجن بلا هوية ولا عنوان …قطاع بلا اسم ولا انتماء، وزارة النفط تصنفه تارة مع القطاع الصناعي وتارة مع القطاع الزراعي   .. ووزارة الزراعة بحكم  ولايتها  ومهامها  تعتمده قطاعا زراعيا …ووزارة الكهرباء تعامل القطاع تارة على انه صناعي وتارة على انه زراعي  ومرة  تجاري . علما ان مربي الدواجن هم فلاحين بالإجمال وتربية الدواجن يتم تدريسها اكاديميا في كليات الزراعة والطب البيطري وهم  يتبعون تنظيميا اما للاتحاد العام للفلاحين وجمعياته المعنية او لاتحاد غرف الزراعة السورية وتصدر تراخيص المداجن من وزارة الزراعة كما يتم تحديد احتياجات المداجن من مستلزمات الانتاج المحصور بيعها بدوائر الدولة من قبل مديريات الزراعة بالمحافظات ….

وبين تلك المفاهيم يضيع الموظفون الحكوميون في مجال تطبيق القوانين والقرارات واللوائح الحكومية ، ويقع مربي الدواجن المسكين ضحية عدم وضوح الرؤيا وعدم توحيد الفهم بين اللوائح الرسمية وبين مفهوم الموظف الحكومي الذي يمارس مهامه بموجب جمود النصوص دون ان يكون لديه اي قدرة على استيعاب واقع النشاط الذي تمارسه المداجن … وحتى الان يعتبر موظفو الرقابة التموينية ان المزارع والفلاح هو فقط من يفلح ويزرع الارض اما صاحب المدجنة فهو ليس فلاحا ولا مزارعا انما هو  صاحب منشأة تجارية وتنطبق عليه التعليمات المتعلقة بأصحاب المنشآت التجارية …ويطالبونه بإصدار فواتير فهل يمكن تربية الدواجن في العراء على الطريقة البلدية …

ايها السادة قطاع الدواجن قطاعا زراعيا مهما تبدلت تقنيات وآليات عمله وهو يتعامل مع أحياء وأرواح والعاملون فيه هم فلاحون من أبناء الأرياف ويوفر فرص عمل كبيرة بارتباطاته الأمامية والخلفية ويساهم بتحقيق الأمن الغذائي للمواطن ويدعم حركة الاقتصاد والأعمال واستمرار ضياع النظرة الموضوعية إليه يفقده قدرته على الاستمرار والعيش ..

فهل يريد البعض بضابية رؤيته القضاء على هذا القطاع ؟؟؟؟ والتحول بالقطر من مُصَدر لمنتجات الدجاج الى مستورد صاف لها ..؟. ألا يكفي ما أصاب القطاع من مصائب وتخريب بسبب الأزمة التي عصفت بالبلاد …؟ وألا يكفي المنتجين الخسائر التي أفقدت الكثير منهم قدرته على متابعة العمل والإنتاج ؟؟

ايها السادة  قبل ان تكلفوا موظفيكم بممارسة مهامهم وضحوا لهم مفردات القوانين التي سينفذونها وامنحوهم بعضا من الثقة ليكونوا موضوعيين في التنفيذ فالغاية من القوانين تنظيم حياة الناس وضمان تقدم البلاد ودعم نهضتها وتطورها والحرص على رفاهية المجتمع  وليس العكس . إن الممارسات الراهنة تهدد بتوقف المزيد من العاملين في قطاع الدواجن عن العمل ورميهم خارج حلقات الانتاج وتدمير قاعدة من قواعد الأمن الغذائي فهل انتم قادرون على تحمل تبعات ذلك ؟؟؟؟