جديد 4E

مرَّ يوماً من هناك..

علي محمود جديد :

في شهر تموز الماضي أصدر السيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد جملة مراسيم تقضي بتعيين محافظين جدد، وإعادة انتشار محافظين آخرين، كما أننا نعيش في هذه الأيام – وعلى امتداد البلاد – أجواء انتخابية استعداداً لانتخابات أعضاء المجالس المحلية التي ستجري في الثامن عشر من أيلول المقبل.

السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان في مثل هذه الأجواء: ماذا يفيدنا السادة المحافظون..؟ وماذا تفيدنا المجالس المحلية والبلديات المنتشرة على طول البلاد وعرضها..؟.

المحافظون والمجالس المحلية والبلديات يختصون بإدارة شؤون مجتمعية كثيرة وواسعة، وعلى صعدٍ مختلفة.. خدمية واقتصادية وأمنية.. وما إلى ذلك، فما هي الفوائد التي يلمسها المواطنون ويشعرون أن المحافظين والوحدات الإدارية تقوم بواجباتها تجاه الناس كما ينبغي، وتوفر لهم الخدمات الجيدة والإجراءات والبنى التحتية أو الأجواء التي تساهم بتحسين أوضاعهم وخلق فرص عمل وإنتاج تنعش المجتمع وترفع من سوية الأحوال المعيشية..؟.

هذا من صلب مهامهم، فلو عدنا إلى قانون الإدارة المحلية نجد أن من أهداف هذا القانون الواردة في الفصل الثاني منه:

– جعل الوحدات الإدارية في كل المستويات، مسؤولة عن الاقتصاد والثقافة والخدمات وكل الشؤون التي تهم المواطنين في هذه الوحدات مباشرة. وذلك في نطاق التخطيط العام والقوانين والأنظمة التي تقرها الدولة وابتغاء النهوض بالمجتمع في شؤونه العامة والمحلية في آن واحد.

– نقل الاختصاصات المتعلقة بهذه الشؤون إلى السلطات المحلية بحيث تقتصر مهمة السلطات المركزية على التخطيط والتشريع والتنظيم وإدخال أساليب التقنية الحديثة والرقابة، والتأهيل والتدريب والتنسيق، وتتبع التنفيذ، وتنفيذ المشروعات الكبرى التي تعجز عن تنفيذها الوحدات الإدارية، أو تكون بطبيعتها ذات أهمية تتصل بالمواطنين عامة.

– تأمين مساهمة حقيقية ومجدية، في الجهود التي تبذل لتحقيق النهوض بالمجتمع في إطاره المحلي، من قبل ذوي الكفاءات القادرين على تقديم مثل هذه المساهمة البناءة.

 

لو أجرينا مقارنة موضوعية بين هذه الأهداف الرفيعة المستوى، وبين الواقع الحقيقي الذي نلمسه على الأرض لنتائج أعمال المحافظين والمجالس المحلية والبلديات، هل يمكننا العثور على ما يشير إلى أن هناك من يعمل على القيام بتطبيق فعلي لهذه الأهداف..؟.

لن نأكل وننكر.. فهناك بعض الخدمات التي توفرها الوحدات الإدارية دون شك، ولكن هذه الخدمات – في أغلب الأحوال – تذوب كفصوص الملح أمام تزاحم المعاناة الخدمية والاقتصادية، فالوحدات الإدارية تُرهقنا بالضرائب قبل أن تُقدم على تنفيذ خدمة هنا وأخرى هناك، ودائماً نرى المنغصات تُطوّق الوحدات الإدارية أكثر بكثير من أطواق الخدمات، فهناك نقص مستمر في أداء الخدمات، وفي خلق الأجواء المحفزة وخلق فرص العمل والإنتاج، والكثيرون يجدون في الوحدات الإدارية عامل إعاقة لمثل هذه الفرص أكثر مما هي خلاّقة لها.

بكل الأحوال من الغريب كيف أن المحافظين والوحدات الإدارية لا يكونون حريصين على إحداث بصمة قوية وواضحة في إطار عملهم زمانيا ومكانياً، ولاسيما المحافظين الذين يمتازون بصلاحيات واسعة، حتى أن المحافظ يمثل رئيس الجمهورية على مستوى محافظته، ومع هذا نرى بعض المحافظين يأتون ويذهبون وكأنّ شيئاً لم يكن، فلا بصمة بارزة تشير إليه.. ولا إلى أنه قد مرّ يوماً من هناك..!.

صحيفة الثورة – على الملأ – 14 آب – 2022م