جديد 4E

هل العالم ما بعد كورونا مثل ما قبله..؟ لكل حرب نتائجها…فما هي نتائج الحرب الكونية الكورونية؟

أحمد تكروني

لم نعش الحرب العالمية الكبرى بتفاصيلها المشاهدة عيانيا لكننا سمعنا و قرأنا عنها، وعن المناطق التي جرت عليها, و الخسائر التي أصابت العالم, و الهلع الذي عصف بالبشرية.

محليا عشنا حرب تشرين التحريرية, و شاهد بعضنا و علم الآخرون أن المواطنين السوريين خرجوا من داخل منازلهم إلى الأسطح ليشاهدوا وسائل الدفاع الجوي تتصدى لطيران العدو الإسرائيلي و تسقطه دون أن يخاف الناس على أنفسهم من حطام طائرة أو آثار صاروخ أو….

أحمد تكروني

اليوم الصورة  مختلفة, العالم كله في ارتباك , في خوف, و ربما وصل البعض إلى حالة الهلع.

اكتظاظ على المحال التجارية لشراء الحاجات الضرورية ثم الانكفاء السريع و الاستقرار في المنازل مع الإجراءات الاحترازية حتى لا يهاجم الفيروس العدو الناس داخل منازلهم.

و السؤال هل نحن في حرب؟

نعم أننا في حرب فهذه هي مظاهر و مؤشرات الحروب , ليس هذا و حسب فأنها حرب تشترك فيها كل دول العالم من أصغرها إلى أكبرها.

خسائر في الأرواح و في الاقتصاد أصابت الدول الكبرى و الصغرى  , الغنية و الفقيرة.

مطلوب من الناس أينما كانوا الالتزام في منازلهم و الابتعاد عن التجمعات الرئيسية، و هذا يعني دون شك توقف عن الإنتاج، سواء أكان هذا الإنتاج زراعيا أم صناعيا أم …

لا أحد يستطيع ان يؤكد ان هذه الحرب ستنتهي خلال أيام أو أشهر و لا يستطيعون تقدير نتائجها.

حالة الهلع أصابت الأوروبيون الذين يدعون أنهم أصحاب الحضارات و أصحاب العلم و…

رئيس وزراء اسبانيا يؤكد ان بلاده لم تشهد هذا الموقف الصعب منذ الحرب الأهلية التي دارت فيما بين عامي 1936-1939 و لقي خلالها نصف مليون شخص حتفهم, و ايطاليا خسرت في يوم واحد 400 شخص.

و في الوقت الذي دارت دول أوروبا ظهرها لبعضها البعض اتصل الرئيس بوتين برئيس الوزراء الايطالي هاتفيا معربا عن دعم بلاده لايطاليا قيادة و شعبا بسبب الحالة الوبائية، بالغة القسوة التي تعيشها و أكد استعداد روسيا الاتحادية لتقديم المساعدات الضرورية بصورة عاجلة , و أعلنت موسكو أنها تخطط لتزويد روما بالمستلزمات الوقائية، و المعدات الطبية و أرسلت 9 طائرات محملة بالمساعدات و 100 أخصائي في عالم الأوبئة إلى المناطق الأكثر تضررا.

الرئيس الصيني شي جين ينغ اتصل برئيس اسبانيا و أعلن دعمه لجهودها و إجراءاتها لمكافحة الفيروس و استعداد الصين للمشاركة في خبرات الوقاية من العدوى, و خطط التشخيص و العلاج و توفير المساعدة و الدعم، مؤكدا أنه لا يمكن التغلب على وباء الكورونا ألا من خلال التضامن و التنسيق، و دعا لبناء مجتمع عالمي له صحة عامة.

فماذا فعلت الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها الدولة الأقوى و الأغنى في العالم؟

شددت العقوبات على الشعب السوري و على إيران رغم المطالبات العالمية برفع العقوبات أو تخفيفها عن إيران نظرا لانتشار الوباء فيها لكنها رفضت ذلك, و عندما لاقت تنديدا من معظم العالم بسبب هذا الموقف أعلن ترامب أنه يمكن مساعدة ايران وفق الشروط الأمريكية, و كان الجواب من الرئيس علي خامنئي ان الأمريكيين متهمون بصنع الفيروس و نشره و لا يمكن الوثوق بهم, و ما يهدفون إليه هو الاطلاع عن قرب على آثار الفيروس على المرضى الإيرانيين, فأمريكا هي العدو الاخبث لإيران و قادتها محتالون و دجالون و إرهابيون.

اشترت طهران ملايين الكمامات من بريطانيا، و التي امتنعت عن تسليمها بسبب العقوبات و هذا يؤكد أن دعوة أمريكا للمساعدة هي دعوة كاذبة .

و بالنسبة لألمانيا فقد أراد ترامب شراء المعدات و الأجهزة و الدواء لمداواة الشعب الأمريكي الذي يرغب بكسب أصواته في الانتخابات القادمة، فكان الجواب رادعا و هو ان ألمانيا ليست للبيع, و هو يفعل الأمر ذاته بالنسبة للدول الأوروبية الأخرى.

و إذا كان مبكرا التحدث عن نتائج هذه الحرب التي ظهرت فيها مواقف الدول الكبرى و الصغرى و مواقف ترامب تجاه أعدائه و أصدقائه مقارنة بمواقف روسيا و الصين اللتين مدتا يد العون للمساعدة بعد أن استطاعتا الحد من انتشار الفيروس .

فهل ستبقى أوروبا خاضعة لأمريكا بعد كل ما حدث؟

هل سيبقى المزاج العالمي على ما هو عليه؟

نظرة النخب الأوربية و العالمية هل ستبقى دون تأثر أو تأثير؟

هل الأباطيل و الدعايات الكاذبة الموجهة ضد سورية و إيران و روسيا ستستمر في القبول من بعض شعوب العالم ؟

هل يواجه العالم أمريكا بحقيقتها و مواقفها العدائية للبشرية؟

هل سيبقى الشعب الأمريكي مؤيدا لترامب الذي انسحب من كل المنظمات العالمية التي تهتم بحقوق الإنسان و صحته؟

باختصار شديد هل العالم قبل فيروس كورونا كما بعده؟

أسئلة نتركها لانتهاء هذه المعركة التي قد تطول أو تقصر , و لكن آثارها لا بد أن تكون واضحة في مختلف الاتجاهات , و نأمل ان تستفيد البشرية من هذه المحنة و لا تقتصر آثارها على الضرر فقط.