جديد 4E

لن أصدق..!

خاص ـ علي محمود جديد

كم نأمل أن تكون تلك الضبوط والمخالفات التي تنظمها الأجهزة الرقابية على اختلاف أنواعها صحيحة، ووجدانية، وفي مكانها، سواء كانت مُنظّمة من قِبل الرقابة التموينية، أم السياحية، أم الصحية، لاسيما وأنّ بعض المخالفات تنضوي على خطورة كبيرة، بل ومميتة أحياناً، ولكنها مع الأسف ما تزال تكتسب نظرة عامة حولها، على أنها ضبوطٌ مشبوهة، ومجبولة بالشك، حتى وإن كانت مبنيّة على مخالفات..!

فهم بالفعل يضبطون مخالفات واقعية، ويوصّفونها بتلك الضبوط، ولكن أكثرنا يعرف أنّ بجانب المخالف الذي يُنظَّم الضبط بحقه، يكون هناك مخالف آخر، وربما أشدّ منه ارتكاباً، ولكن لا أحد يقترب منه، ولا يخالفه، ونستغرب السرّ الذي يكتنف هذه الحالة، فيأتي الجواب البديهي بأن المخالف الذي ( أكل الضبط ) لم يقبل بدفعِ المعلوم، بينما الذي لم يقترب منه أحد ولم تُسجّل بحقه مخالفة دفع المعلوم..!

أي أنّ المخالف الذي لا يدفع الرشوة تُثبّت عليه مخالفته ويلقى مصيره بالعقاب والقصاص، والمخالف الذي يدفع الرشوة يصير غير مخالف، على الرغم من أنه يكون قد خالف مرتين، مخالفته القائمة، ومخالفته بتقديم الرشوة ..!

في بعض مطاعم دمشق – أيام زمان، ووقتما كنّا نستطيع ارتياد المطاعم – كنتُ أعاني أحياناً، وإلى حدود المقتِ والغيرة، من إهمال النّادل لطاولتي، بينما ينصرف وباهتمام بالغ للعناية بطاولة أخرى عليها مجموعة شباب، وتكون عامرةً بكل شيء، يأكلون ويشربون دون أن يدفعوا شيئاً، وكان النادل ورفاقه، وحتى صاحب المطعم يقومون لوداعهم باسمين وضاحكين، غير أنّ صاحب المطعم يعود وهو يُبربر بفمه ( ويُشبّرُ بيديه ) ومرة سألته ما الحكاية؟ فقال : هؤلاء هم الرقابة السياحية، إن لم أفتح لهم طاولة عامرة كما يشتهون، فإنهم ينظمون بحقي ضبطاً يُربكني ويكلفني الكثير، لقد أرهقوني، ولكن هكذا أفضل..!

وهل أنت تخالف بشيء حتى يُنظّمون الضبط ..؟ قال : لا يهم .. هو ربما أكون قد سهوت عن شيء ما، ولكن إن لم يكن كذلك فليس أسهل عليهم من أن يخترعوا مخالفة ما، ويضبطونها ..!!

هكذا مظاهر رقابية بائسة، خطيرة جداً، وتقود إلى التشجيع على المخالفات، فلم تعد أي مخالفة ذات أهمية، مادامت محلولة برشوة أو بمائدةٍ عامرة ..!

منذ أيام علمنا أنّ لجان الضابطة العدلية، المكلفة بالرقابة على المنشآت السياحية، والعاملة بالمحافظات، قامت بتنظيم 107 ضبوط و٣٢ إغلاقاً بحق المنشآت ومواقع العمل السياحي المخالفة خلال الشهر الأول من العام، إمّا لعدم الإعلان عن الأسعار، أو مخالفة الشروط الصحية، وما إلى ذلك ..كم كنتُ أتمنى تصديق هذا الخبر ..!