جديد 4E

الحكومات المحظوظة!

زياد غصن :

سبحان الله، جميع الحكومات لدينا محظوظة. فما أن تنتهي صلاحية عذر لديها حتى يأتيها من “الغيب” عذر آخر تعلق عليه كل أسباب الفشل، التقصير، والنتائج المخيبة لآمال المواطنين.

لاحظوا معي…

في البداية كانت العقوبات الخارجية والأزمة الاقتصادية اللبنانية هي الشماعة الوحيدة، التي تعلق عليها الحكومة أسباب تدهور الأوضاع الاقتصادية، الغلاء، تفاقم الفقر، وغير ذلك، ثم جاء انتشار فيروس كوفيد19 ليضيف شماعة أخرى، واليوم باتت هناك شماعة ثالثة، وهي ارتفاع أسعار السلع والخدمات عالمياً.

وهذا حال جميع الحكومات السابقة، التي كان يخدمها الحظ في إيجاد مبررات هي في جزء منها موضوعية ولا يمكن تجاهلها أو التقليل من تأثيراتها، إنما في جزء آخر منها ليست كذلك.

فمثلاً…

هل كانت مؤشراتنا الاقتصادية تسجل نمواً لافتاً ومبشراً، ثم جاء تهديد انتشار فيروس كوفيد19 ليحد من ذلك النمو الطموح أو يقتله؟

وهل كانت أسعار السلع والمواد في الأسواق المحلية مضبوطة، وتعكس بدقة متناهية تكاليف إنتاجها قبل أن يشهد العالم ارتفاعات في أسعار السلع وخدمات نقلها وتأمينها؟ وهل تكاليف استيراد تلك السلع مساوية تماماً لنظيراتها في دول مجاورة مشابهة في أنظمتها ورسومها؟

مشكلة الحكومة في مقاربتها للعوامل الخارجية المؤثرة على الوضع الاقتصادي المحلي، أنها تحملها كل المسؤولية، وتحولها إلى شماعة تصلح لتبرير حتى خسائر المنتخب الوطني لكرة القدم، وهي بذلك إما تحاول إخفاء فشلها في معالجة بعض المشاكل أو ترحيلها إلى الأمام!

في كل العوامل والأسباب الخارجة عن إرادة الحكومة تحضر “خصوصية” بيئة العمل في سورية لتضاعف من تأثيرات تلك العوامل والأسباب، فترفع مثلاً من أسعار السلع بشكل مضاعف عما شهدته الأسواق العالمية، وتعمق من حجم الخسائر أكثر مما يحدث في دول أخرى…. وغير ذلك!

والمقصود بعبارة “خصوصية” بيئة العمل هو أشكال الفساد وحلقاته، الإجراءات غير الشفافة والطويلة، غياب المنافسة المرتكزة إلى المصلحة الوطنية، ضعف البنية المؤسساتية وعدم قدرتها على الاستجابة والتأقلم مع المتغيرات والأزمات الطارئة، الروتين والبيروقراطية…إلخ.

وهذا كله له ضريبة، ندفعها نحن اليوم كمستهلكين لصالح طبقة لا تزال تحاول إقناعنا أنها تعمل من أجل الوطن والمواطن… حتى وهي تكدس ثروات وأموال “لا تأكلها النيران”!

هامش1:

تشتكي معامل الدواء منذ سنوات من ارتفاع التكاليف، وتحذر من توقف إنتاجها، وتضغط بطرق شتى لرفع الأسعار… إذا كانت هذه الصناعة خاسرة فعلاً، فلماذا هناك إقبال للحصول على تراخيص لإنشاء معامل دواء جديدة؟

 

 فينكس – زاوية ( بتصرف )