جديد 4E

الهدف … ما كتش فيعينو .. الهاجس الأهم للعمل الحكومي يغيب عن جلسة مجلس الوزراء الأخيرة ..

علي محمود جديد :

غاب عن جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية يوم الثلاثاء الماضي، ما وصفه البيان الوزاري بـ ( الهاجس الأهم للعمل الحكومي والهدف الرئيس للسياسة الاقتصادية للحكومة ) وهما – أي الهاجس والهدف – تحسين مستوى معيشة المواطنين في ظل الصعوبات التي واجهت معيشتهم بسبب مفرزات الحرب الوجودية المفروضة على بلدنا.

وما نخشاه هو أن يكون هذا الغياب مؤشّراً إلى أن حكومتنا العزيزة قد ذهبت باتجاه الاعتبار بأن مستوى معيشتنا قد تحسّن وأن الصعوبات قد زالت، أو على الأقل هي آخذة بالتحسن والزوال، فتوقفت عن الهاجس، وتنحّت عن الهدف لتركّز اهتماماتها حول تسعير القمح من الفلاحين بمبلغ 1500 ليرة للكيلو غرام الواحد، ومنح السورية للتجارة سلفة مالية بمقدار / 65 / مليار ليرة حرصاً من الحكومة على حلاوتنا، حيث خُصّص هذا المبلغ لتمويل شراء السكر الأبيض.

لا أخفيكم أنني عندما قرأتُ في الخبر الحكومي كلمة ( منح ) انتفض قلبي، وخلال أجزاء من الثانية خمّنتُ أن الحكومة قررت أن تمنحنا شيئاً كمحاكاة لهاجسها الأهم .. ولهدفها الرئيس، فوضعت جدول مشتريات لأشياء بتنا في دائرة الحرمان منها، قلتُ في نفسي سأشتري سندويشة شاورما على الفور، ثم ما لبثت أن تراجعت وقلت : لماذا الشاورما ..؟ سأشتري فروجاً بحاله، أخبّئه في البراد وألتهمه تقسيطاً وسيكفيني أنا وزوجتي الغالية لمدة أسبوعٍ على الأقل، نُقرمشُ في كل يوم قطعة منه، ولكني سرعان ما تذكّرت أن الكهرباء تشلّ البرّاد شلاً، ولم يعد مؤهلاً لحفظ أي شيء مثله مثل المجلى، أو كأي رفٍّ آخر من رفوف المطبخ، وهذا أمر يحزّ في نفوسنا ونفوس الملايين من السوريين الذين فقدوا مفعول براداتهم نتيجة الجهود الكهربائية العظيمة، ما أدى إلى فقدان الكثير من المؤونات التي أعدتها سيدات المنازل، ومن ثم إلى فقدان القدرة على الاحتفاظ بأي شيء، الأمر الذي ساهم بالاستمرار بهدرٍ إلزامي للكثير من الأغذية يومياً، وهذا أدى بدوره إلى انخفاضٍ أكبر في مستوى المعيشة، وأيضاً هذا ما تعرفه الحكومة جيداً لأنه ساهم من جهتها برفع منسوب الهاجس، وزيادة بنك الأهداف.

ومع أن وزير الكهرباء كان في الأردن الشقيق – الذي استفاق مسؤولوه فجأة على أن سورية شقيقة له وقد اشتاقوا إليها وإلى ربوعها وأسواقها – وجرى البحث حول الربط الكهربائي والاعداد لاتفاقية بهذا الشأن على أن تتم صياغتها وتوقيعها لاحقاً، وأبدى الأردن استعداده للتعاون في مجال الطاقة البديلة، لاسيما وأنه يحقق موقعاً متقدماً في هذا المجال، ولكن الوزير لم يُعلمنا – بحكم الشفافية – لا هو ولا الحكومة عن مدى انعكاس هذا الكلام على الوضع الكهربائي.

وبالعودة إلى كلمة ( منح ) وأجزاء الثانية .. قلت في نفسي أيضاً سأشتري عشرة بيضات بحالها ودفعة واحدة، فأربعة آلاف ليرة وما كانت، وسأقهر تلك البيضة التي قفزت إلى أربعمئة ليرة وبقيت صامدة دون أن تنكسر .. ودون أن يقف أحد في وجهها.

ولسوف أضحّي وأشتري كيلو عدس بثلاثة آلاف ليرة وكيلو جزر بثلاثة آلاف وخمسمئة ليرة، وكيلو فليفلة حمراء وخضراء بألفين وخمسمئة، وكيلو لبن بألف وثلاثمئة وكيلو باذنجان بألفين وخمسمئة، وكيلو فاصولياء بخمسة آلاف ليرة، وكيلو بندورة بألف وثلاثمئة، ونصف كيلو مسبحة حمّص بألفي ليرة، وأوقية طحينة بألف وستمئة ليرة، فـ /  22700 / ليرة وما كانت أيضاً، وهذا كله لنقوم بتحضير فطور باهر من شوربة العدس التي أشتهيها منذ أشهر مع قطع الجزر والفليفلة الحمراء والخضراء التي تكسبها ألواناً زاهية تثير الشهية أكثر، ولتحضير متبل الباذنجان مع صحن مسبحة الحمص.

أما الفاصولياء والبندورة سندعها احتياطاً استراتيجياً لوجبة الغداء لليوم أو لليوم التالي إن لم نأتِ على وجبة الفطور بالكامل.

هذا كله خلال جزء من الثانية ريثما أدركتُ أن المنح ليس لنا .. بل للسورية للتجارة.

وتوقفت كل التخمينات .. وهدأ القلب عن انتفاضه تماماً عندما شدد المجلس على أهمية التوسع باستخدام الري الحديث، وكان قد لفت إلى ضرورة استكمال أتمتة عمل المديرية العامة للمصالح العقارية وفروعها بهدف تبسيط الإجراءات على المواطنين والحفاظ على حقوقهم وممتلكاتهم.

وهكذا غاب الهاجس والهدف الرئيس عن الجلسة، ولكن نرجوكِ يا حكومتنا العزيزة فمستوى معيشتنا يزداد سوءاً يوماً وراء يوم، فإن كان هذا الغياب ناجم عن قناعتك بأن وضعنا قد تحسّن فعلاً وأصبتِ الهدف وزالت الصعوبات فهذا غير صحيح، ومن أخبرك بذلك ليس جادّاً .. فلا تصدقي كل ما يُقال، ونرجوك العودة إلى ذلك الهاجس، ومتابعة البحث عن طريقة فعالة لإصابة الهدف .. لأن التسديد ( وحياة عينيكي ما كتش فعينو )

( سيريا ستيبس )