جديد 4E

لغةُ المعارض

علي محمود جديد

صحيح أن المؤسسة العامة لمعرض دمشق الدولي- المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية حالياً – قد أحدثت في عام1955أي منذ 66 عاماً غير أن عمر معرض دمشق الدولي صار اليوم 67 عاماً، فقد كانت أول دورة لمعرض دمشق الدولي في عام 1954 أي قبل إحداث المؤسسة بعام، ويعتبر معرض دمشق الدولي أقدم المعارض السنوية في منطقة الشرق الأوسط وقد شكل على مدى هذه السنين نقطة التقاء فريدة من نوعها للتبادل التجاري والاقتصادي والثقافي بين الدول العربية والأجنبية، كما يعكس الصورة الحقيقية لواقع النشاط الاقتصادي في سورية على الصعيد الصناعي والتجاري والخدمي، وبات مركزاً هاماً وفرصة أمام المستثمرين بشكلٍ عام، للتبادل التجاري وعقد الصفقات.

هذا كله يعطي المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية الكثير من الأهمية والعراقة والخبرة التي يمكن استثمارها على نطاق واسع.. هذا صحيح.

ولكن الصحيح أيضاً أن سوق الإنتاج الصناعي والزراعي في حلب لا يقل أهمية ولا عراقة عن مؤسسة المعارض، فقد تأسس في عام 1959 أي منذ 62 عاماً، وهو فوق عراقته يمتلك رمزيّة جميلة حيث كان تأسيسه في عهد الوحدة بين سورية ومصر، وقد خُلِقَ في حلب رمز الصناعة وقوة الاقتصاد السوري، غير أن هذا السوق ما يزال مهملاً ولا يحظى بالاهتمام الكافي، وهو معطل منذ سنوات، ونائم بحكم الحرب والأحداث، ولكن آنَ له أن يستفيق، غير أنّ أحداً لا يحاول إيقاظه على ما يبدو، رغم أن فعاليات حلب بمصانعها ومتاجرها وحرفها العريقة وخدماتها، توّاقة لإعادة إحياء هذا السوق الذي كان يعكس الحياة الاقتصادية والإنتاجية في حلب، وكذلك الحياة الاجتماعية والثقافية والفنية.

هذا السوق الحلبي العريق اليوم يغوص بمشكلة عويصة تتمثّل بنقله من مكانه المعهود داخل المدينة، أو بالقرب من محيطها، إلى مكانٍ رحب خارج المدينة أكثر اتساعاً واستيعاباً للفعاليات العارضة، ولكن الذي حصل بكل أسف هو أن المكان القديم تعطل على أمل النقل، والمكان الجديد ما يزال متعثراً في نقله.

نحن نعتقد أن المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية بإمكانها أن تفعل الكثير تجاه سوق حلب الصناعي والزراعي، وليس فقط كذلك، بل وفي جميع المحافظات السورية التي تفتقر كلها إلى أراضٍ معرضيّة، مع أنه يمكن بكل بساطة تحديد أراضٍ لإقامة المعارض عليها، من خلال المؤسسة العامة للمعارض، عندما توظّف عراقتها وخبرتها في هذا الاتجاه، فهي المعنية بتنظيم وإقامة معارض وأسواق محلية ودولية نوعية داخل الجمهورية العربية السورية، والتنسيق والمساهمة مع الجهات العامة التي تقوم بتنظيم المعارض والأسواق الدولية داخل القطر وخارجه، ومن مهامها الإشراف على المعارض والأسواق التي يقيمها القطاع الخاص داخل الجمهورية العربية السورية وخارجها، فهي اليوم بإهمالها لمسألة العناية الجيدة لإقامة المعارض في المحافظات – ولاسيما سوق الإنتاج الصناعي والزراعي في حلب – وتهيئة البنية التحتية المناسبة لها فإنها تفوّت على نفسها وعلى الدولة بمقتضى الحال خسائر باهظة، لاسيما وأن كار المعارض كارٌ مرغوب من مختلف الأطراف، لأنه فرصة أمام المنتجين والتجار وأمام المواطنين للتسوّق بأسعار معرضية مخفضة، وللترويح عن النفس ولو قليلاً في هذا الزمن العاطل.

 

صحيفة الثورة – زاوية ( على الملأ ) 11 تموز 2021 م