جديد 4E

السينما السورية..للتذكير حبا ..اختم الرقصة الأخيرة .. واسقط في حفرتك الضيقة ولا تتأوه

باسل الخطيب عميداً لأملٍ سينمائي قادم

ناديا المير محمود

نداءٌ خالدٌ شجاع بداية فيلم الفهد،حيث جسد إغراء التي جعلته بقناعة جسرا لعبور السينما السورية،جسرا لم يخدم عبد الودود التايه في حيرته مابين الشرق و الغرب في فيلم الحدود،ليقابل ( صدفة ) كحبيبة أتته من المجهول،روحٌ حاولت استحضار الاطمئنان بها ليرسى بأفكاره،فمابين عمق صدفته و بساطة الست خديجة في فيلم رسائل شفهية،تنهال على ذاكرتنا محاولاتها ضبط سلوك أبنائها في ظل الحضور المؤقت لوالدهم،صادا إياها بعبارته(يا ست خديجة يا ست خديجة مليون مرة قلتلك لا تعرقيلي مهماتي)،مهمات جعلت الأخوة الثلاثة في فيلم ليالي ابن آوى يهربون من سيطرة والدهم نحو الجبال و المدن و الأحضان.

أحضان استقطبت تفاصيل واقعية برعت السينما السورية في إحيائها،لنوقن أنها فكرة أصيلة،تاريخ جميل،فن أثبت الجدارة،و استلذ الصعاب.

تكمن أناقة العمران في بناء الشبابيك،ولا يمكننا غض النظر عن مدى جودة شباك التذاكر السينمائي السوري سابقا،شباكاً أظهر عراقته من تزاحم المتشوقين لرؤية ماهو الجديد..

فالسينما كفن تمحور دوره في توحيد الصوت،الصورة،و الفكرة معا لتعكس واقعا محيطا به،محدثة التغيير والتأثير.فما تراه أشد وقعا مما تسمعه،فمعالجة القضية يحفز على التذكير بضرورة الحل،منهج اعتمدته الأفلام السورية في حقب زمنية مختلفة،ليكون فيلم {المتهم البريء}الانطلاقة الأولى خير برهان،بجهود الرواد الأوائل رشيد جلال وأحمد تللو و أيوب بدري،وماكان له من أثر واضح في الشارع السوري آنذاك،لأنه تناول الشر الأكبر وهو مجموعة اللصوص الذين جالوا دمشق و ضواحيها ناشرين الفساد في كل صوب،ليظهر مدى رحابة الهواة السوريين على احتواء هذا الفن الغريب القادم و محاولات التطوير و التأهيل،عند السماع نتذمر و عندما نرى الخطر يتحرك و يمثل أمامنا نباشر فورا للتخلص و القضاء عليه،مما يحتم ضرورة إعادة عبارة أن ماتراه أشد وقعا مما تسمع،فكيف إذا تحققت الرؤية و السمع معا.

لذا معالجة الفيلم لأمر اجتماعي،ثقافي وسياسي،كرس عند الجمهور السينمائي مفهوماً خاصاً بأنها المنبر الحر،ناقل لتفاصيل تفتح الأذهان على النقاش و التغيير..

*دافئ شعور الحنين،ولنجعل حاضرنا دافئا أكثر..

فمهمة تصوير تفاصيل الحياة تجاوز فكرة اللقطة و المعدات وهومهمة ليست بسهلة،فكما لعب فايروس كورونا دورا في شلل الحركة العالمية كجائحة،برجوع بسيط للخلف نراه قد أصاب العقول مسبقا و كما حال جهاز المناعة حال القوة العقلية حيث البقاء للأسلم والأكثر حرصا.ففي ظل حرب .. دماء .. تلميع لمستثقفين .. جثث .. حاجة وفقر ولأسباب كثر الحديث عنها،تحول الفن بمجمله إلى حرفة ومصدر دخل،متناسين أنه المرآة الأكبر لأي مجتمع يخرج منه،مجرد من أي غاية أو انتماء إلا ما ندر..

انشغل الناس بأحوالهم و تأمين احتياجاتهم،ليضيع جمهور و تزول صبغة الرغبة بمتابعة حقيقية، فشتان ما بين المغامرة و الفن،ما بين الدعابة و التهريج،ولا مجال لأي مقارنة ما بين الأصلي و التقليد،حيث استخفاف رافقه ابتزال في المضمون،مجرد مكنات تنتج موادا بصلاحيات محددة،ليكون في إحدى الزوايا مجموعة من الناجين بعقولهم وأدواتهم محاولين إنتاج فن دائم الأثر والمفعول،متأملين بمضاعفة الجهد لإبداع أكثر في ظل ظروف شبه كارثية.

يطول الحديث و تتلاطم الأفكار،فأصبح لزاما عدم اتباع سياسة النكران و التهميش بحق الدور السينمائي في وضعنا الراهن، وبعيدا عن إشارات الاستفهام و التعجب،الحقيقة الأوضح أن لا جدوى لبحر من أفكار لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به.

في مثل هذه الأجواء المحبطة سينمائياً يشرق علينا مؤخراً أمل جديد بإحداث المعهد العالي للفنون السينمائية الذي من شأنه تخريج الكوادر الخبيرة القادرة على صناعة سينمائية مميزة تعيد الألق للسينما السورية، وما يدعم أملنا أكثر كان تعيين الفنان المبدع باسل الخطيب عميداً لهذا المعهد الذي نطمح بأن ينقلنا إلى أجمل الأجواء السينمائية وأكثرها التصاقاً بالمجتمع وقدرة على التحفيز الفكري وتعرية الشوائب تمهيداً لإخضاعها إلى مختبرات التنقية .