جديد 4E

وتأخّر الإشعار الآخر.. صحافة بلا ورق تنتظر عودتها راقصة على إيقاع المطابع ..!

بعد عامٍ على تعليق طباعة الصحف .. أجواء إعلامية مكهربة بين صابرٍ ومستوعبٍ ومتشائم

علي نصر الله : سنَهزم كورونا.. وسنَعود لقرائنا .. لشَغفنا

ديب علي حسن : ليس حنينا فقط .. إنما هو وفاء لورق كان وسيبقى ذاكرةً ووطناً بهياً

وصال سلوم : عام مضى بتداعيات بارود حربٍ ومرض طغى على رصاص الكلمة

وضاح عبد ربه .. مِنْ : سنعود لنجتمع ونعمل ونضحك على الكورونا .. إلى : الإعلام نحو مزيد من الانهيار ..!

خاص للسلطة الرابعة – علي محمود جديد

في الثالث والعشرين من شهر آذار من عام 2020م الماضي – أي مثل يوم أمس – كنا نسمع أن بعض الدول قامت بإيقاف إصدار صحفها ورقياً والاكتفاء بالإصدار الإلكتروني للوقاية ما أمكن من انتشار فيروس كورونا، والابتعاد بقدر ما نستطيع عن هذا الفيروس القاتل الذي ينجذب – كما قيل – إلى الأسطح الورقية ويلتصق بها، ما يؤدي إلى سرعة الانتشار والعدوى.

مبنى وزارة الإعلام

وعلى الرغم من هذه المعلومة التي انتشرت بسرعة إلى مختلف دول العالم، لم نكن نتوقع أن يصل البلل إلى ذقننا في الوسط الإعلامي السوري في الصحافة المقروءة، لاسيما وأن الإصابات في سورية كانت وقتها شبه معدومة، غير أنه وصل فعلاً، ففي ذلك اليوم قررت وزارة الإعلام تعليق صدور الصحف الورقية إلى إشعار آخر.. وتوقفت الصحف الأربعة ( الثورة – تشرين – البعث – والوطن ) عن الصدور فعلاً والاكتفاء بصدورها إلكترونياً.

سنعود لشغفنا

يومها كتب رئيس تحرير صحيفة الثورة الزميل الأستاذ ( علي نصر الله ) زاوية مؤثّرة كانت بعنوان ( سنعود لشغفنا ) تحدث في بدايتها عن الإجراءات الصارمة والحاسمة التي اتخذتها الصين، وكيف أنها قامت بعزل أقاليم بحالها لتطويق انتشار الفيروس، وقال :

سورية – وطننا الغالي – خالية حتى الآن إلا من إصابة واحدة لقادم من الخارج، فيما أظهرت كل المُسوحات الطبية للإصابات المُشتبه بها أنها سلبيّة. وهو ما يحرضنا ويحفزنا على الالتزام بالقرارات والإجراءات الاحترازية المتخذة في إطار خطة التصدي لكورونا، بالتقيد الصارم بها نحمي مجتمعنا من العدوى، الأمر مُتوقف على الوعي والالتزام، ثم على الوعي والالتزام.

علي نصر الله

وأضاف نصر الله :

في التقييم الذاتي لكل منّا، قد يرى أحدنا ببعض القرارات المُتخذة ولا سيما تلك التي تتصل بعمله وبنمط حياته، أنها قرارات مُؤلمة، هذا صحيح ودقيق، غير أنّ مُحاكمة بسيطة سريعة للتغيير الطارئ الذي أحدثته هذه القرارات أو تلك الإجراءات بالمُقارنة مع ما قد يحدث لو لم تُتخذ، أو في حال عدم الالتزام بها، سنجد أنّ ألم النتائج بهذه الحالة سيكون مُضاعفاً!.

وتابع رئيس تحرير الثورة يقول : بالإسقاطات التي نَتَعمّد إظهارها بهذه المناسبة، سأُحاول تَوصيف شعور ذاتي، وما تَلمسته لدى زملاء أعزاء في مهنة الصحافة، ونحن نتخذ قراراً جماعياً في اجتماع جرى برئاسة السيد وزير الإعلام، يقضي بتعليق صدور صحفنا الوطنية إلى إشعار آخر، ذلك انسجاماً مع الإجراءات الحكومية الاحترازية، وتنفيذاً لخطتها في التصدي لوباء كورونا العالمي.

وقال نصر الله: هو أحدُ القرارات المُؤلمة، لنا، كعاملين في الإعلام الوطني، في الصحافة الورقية المَطبوعة، نعم هو قرارٌ مُؤلم، لكن إذا كان له مُبرراته الواضحة التي تتصل بحفظ الصحة والسلامة العامة، وإذا كان له مُسوغاته القوية لجهة توفير الحماية للمُجتمع، فإنّ تحمّل ذلك الألم هو وُجوب واجب، لا مَكان للأنانية، ولا للعواطف عندما يتعلق الأمر بأمن المجتمع وسلامة الوطن والمواطنين.

 الوَرقيات – كمادة وكسطح – بتوقيت الجائحة والوباء هي ناقل جيد للفيروسات، وبالتالي فإنّ بتعليق الصدور ورقياً، حماية، وإنّ بالاستمرار في الصدور إلكترونياً رسالة، سنَتصدى للوباء.. سنَهزم كورونا.. وسنَعود لقرائنا، لشَغفنا.

وبعد عام

مضى عام كامل على اتخاذ ذلك القرار، وما إن حلّت ذكرى صدوره بالأمس حتى تفتّقت الجروح، لتبثّ على الملأ لواعج الشوق والحنين لتلك الصفحات المفقودة التي حرمنا بغيابها عبير المطابع وحبرها ونكهة الورق، وجلبة التوزيع عند كل فجر، وبهجة الوصول في الصباح إلى الأسواق، وإلى الشركات والمؤسسات ورواد المقاهي وكل المشتركين الذين كانوا ينتظرون هذه الصحيفة أو تلك عند كل صباح.

عام على التعليق … أقل من مرثية وأبعد من سؤال ..

تحت هذا العنوان الجميل كتب بالأمس الزميل ديب علي حسن، أمين تحرير الشؤون الثقافية في جريدة الثورة – وكتبها للثورة أونلاين طبعاً – يقول:

ديب علي حسن

اليوم بالتمام والكمال يمضي مع نهاية النهار عام كامل على تعليق صدور الصحف الورقية في سورية، تقرر الأمر كما يقول الخبر المنشور في صحيفة الثورة بتاريخ 23 آذار عام 2020 الصفحة الثالثة، طبعا بعد التمهيد له بعنوان عريض على الصفحة الأولى، يقول : إنه تم تعليق صدور الصحف الورقية كون الورق ناقلا للفايروس، ويمضي إلى الحديث عن توفير الورق في النهاية ومستلزمات الطباعة .

بداية هذه وجهة نظر تمثلني شخصيا – يقول الزميل ديب – ولست معنيا أن تمثل أحدا آخر غيري لأسباب كثيرة ، أولها الصمت المطبق حول التعليق، والجواب الدائم : ستعود بصيغة جديدة، هذا جواب مهدئ وسريع ، ستعود ، نعم نثق أنها ستعود، أما الصيغة التي ستعود بها، فماذا عنها، من يعمل عليها ،من يقررها ، كيف ماهيتها، هل ثمة من يعمل كما العادة في الكثير من الأمور تشكل لجان بمكان معين تخطط تقرر ، وعلينا التنفيذ ، دون أن يسألنا نحن العاملين في الصحافة عما نحن فيه ..؟ ما الذي يجعلنا – حسب زعمهم هكذا – ما أوجاعنا ، كيف يمكن أن نخرج من الحال لا تعجبهم ،ونحن أيضا لا تعجبنا ..؟ ولكننا أيضا نقول : لقد عملنا واجتهدنا، ومن حقنا أن نقول قد عملنا، ومن حق الجهات التي تتابع أن تضع الملاحظات التي يجب تجاوزها ،وغالبا هي جزء منها ،وقبل أن أقول كيف يجب أن نعترف أنها المرة الأولى يكون فيها حضور قوي ونقاش شامل وموسع حول الواقع الإعلامي من قبل الزملاء العاملين؟ كانت في ورشة المحتوى الرقمي وهذه بادرة تسجل في العمل المؤسساتي، ولبنة يبنى عليها في الأداء الإعلامي ،وتضع الجميع أمام مسؤولياتهم ، لقد أخرجتنا من حجة أن الآخر يقرر من وراء مكتبه ونحن علينا التنفيذ ،أسقطت الورقة الدائمة التي كنا نحاجج بها، وسوف أحاجج ببقية منها فيما جعل للجهات التنفيذية دورا في التكلس الذي تتحدث عنه .

ويتابع الزميل الأستاذ ديب:

بكل صراحة كان لك أن تغمض عينيك قبل صدور المحددات التي ضبطت الإيقاع وجاءت بوقتها حبل إنقاذ من الغرق كان أن تضع إصبعك وأنت مغمض العينين على الصفحة الأولى من صحيفتنا (الثورة ) لتجد بشكل يومي خبرا مع صورة تم إرسالهما بعد العاشرة أو الحادية عشرة ليلا ، السيد رئيس مجلس الوزراء ومن معه .

وقس على ذلك في تشرين ، ولم تخرج المحطات التلفزيونية عن الأمر قبل صدور المحددات و أذكر أني في لقاء مع السيد وزير الإعلام تحدثت مرة عن نشرة اخبار السادسة التي تبث أخبار البلد ساعة كاملة من البث كان السادة الوزراء فيها ضيوفنا ..لم تتطرق إلى همّ معيشي واحد .

لم يتكرر الأمر بعد المحددات لكننا كنا فقدنا الكثير من رصيدنا عند المتلقي، وهذا أيضا رحم الله الزميل خالد الأشهب مدير التحرير ( قلته وإياه على طاولة اجتماع هيئة التحرير ..لقد ابتعدنا كثيرا عن نبض الناس والحياة وغرقنا فيما يفعله هذا وذاك من المسؤولين ).

ومع هذا كله : لقد أدينا ما علينا، ونطمح للمزيد ،لسنا هيابين الإعلام الرقمي ، بل نحن منغمسون به نريد أ ن نبحر أكثر فأكثر في لجاته، ونعمل على أن نحجز مكانا لنا في خارطة العالم الأزرق قد يكون نقطة لكنها سوف تكبر إلى أن تصبح بقعة ،بؤرة ، سمها ما شئت .

أما عن حال الورق فلا أدري – يقول ديب – من الذي زرع في أذهان بعض المسؤولين أن الورق والطباعة قد صارت من مخلفات الماضي، في الغرب الذي يصدر التقنيات الرقمية إلينا (يمكن لمسؤولينا أن يبحثوا عن ناتج الطباعة والدعم الذي تقدمه الحكومات الغربية في ظل أزمة كورونا لدور النشر وللورق ( يمكن قراءة مقال بعنوان : سياسة طوارئ ثقافية وغير ذلك كثير ..)

ومن يظن أن الولايات المتحدة التي تصدر للعالم هذه الثورة الرقمية لا تطبع ولا تقرأ نقدم له بعضا من المعطيات جاء في كتاب وسائل الإعلام والمجتمع و تأليف آرثر بيرغر أنه عام 2003 صدر في الولايات المتحدة 164 ألف عنوان ، أي بمعدل 450 كتابا يوميا، ويضيف لقد فاق ناتج صناعة النشر ناتج هوليود .

في الحديث عن الورق لابد من صقل التجربة وإثرائها والعمل على رؤية جديدة لاسيما في القيم المعرفية والتحليل والتنوير، فلم تعد الصحافة الورقية صاحبة الضخ الخبري، ولكنها هي التي تشكل جدار الصد والتنوير والقدرة على التحصين من خلال الدور المعرفي الذي يجب أن يكون مختلفا تماما .

ومن باب التذكير فقط : يمكن القول إن الصحيفة الورقية مازالت أكثر قدرة على الوصول من إعلامنا الرقمي، فما من نسخة ورقية تصل إلى مكتب، مدرسة مكان ما , إلا ويتم تداولها والحديث عنها، حتى عندما كانت تنقل هموم المجتمع كانت استجابة الجهات التنفيذية للأمر واضحة وسريعة، ولكنهم الآن ..

ليس مغالطة ما قلته عن أنها أكثر وصولا إلى المتلقي في سورية، فمن يملك المحمول ويتواصل مشغول بصفحات ومواقع التواصل خلال الساعتين اللتين تأتي بهما الكهرباء، أو يذهب إلى منصات أخرى، يظهر هذا من خلال أرقام المتابعين، قد يسال أحد ما عن أسباب ذلك، هذا له حديث طويل .

أما وقد أتم الغياب حولا كاملا

فليس حنينا فقط  – يقول الزميل ديب – إنما هو وفاء لورق كان وسيبقى ذاكرة ووطنا بهيا ، وليس الحديث خوفا من لجة إعلام رقمي علينا أن نمضي في ركبه ونكون فاعلين لا منفعلين ،ونحن مازلنا فيه منفعلين ،إذ يبدو أن بعضنا فهمه منصات أخبار سريعة وجبة (فشار بملح ما ..) ليس هكذا أبداً، إذا ما بقينا هكذا نراه فهو أخطر أدوات الليبرالية الحديثة التي تقتلع جذورنا وتجعلنا كائنات هلامية .

لزملائي الذين تُعتق في أنوفهم رائحة الورق وحنين الأمس

وصال سلوم

الزميلة وصال سلوم من صحيفة تشرين، نشرت يوم أمس أيضاً في صفحتها على الفيسبوك تقول:

حدث في مثل هذا اليوم تعليق عمل الصحف الورقية..عام مضى بتداعيات بارود حرب ومرض، طغى على رصاص الكلمة .. لم يكن حضورنا الإعلامي يلبي طموحنا

لكن يحسب – لفريق تشرين – أننا سعينا.

وتُضيف الزميلة وصال:

لسورية الوطن ولزملائي الإعلاميين في تشرين والثورة والوطن والبعث ممن تعتق في أنوفهم رائحة الورق وحنين الأمس ألف تحية.

الزميلة وصال تلقت تعليقات تضامنية كثيرة سأورد بعضها مع القليل من التصرف فقط لجهة تحويل العبارات المكتوبة بلهجة عامية إلى لغة فصحى .. وأرجو أن يعذروني على ذلك :

الزميلة لبنى شاكر

تشرين.. بيتي والمكان الذي تعلمت فيه ولا أزال…لها ولكادرها كل الحب والأمل بنتاج أفضل وظروف معنا لا علينا… الورق حلم بعيد اليوم لكن حلم سعينا ونسعى دوما ليتحقق بأفضل مما كان وكما يستحق ونستحق.

الزميل وليد محيثاوي

لا أجمل من الورق ونكهة الورق في الصحافة المكتوبة ..موجة عابرة ان شاء الله ويعود الورق إلى نكهته.

محمد كوسا

هي الحياة لا تتكرر.. عمرها واحد .. ذكرياتنا تشبهها .. تقودنا إليها ..الدروب العتيقة

وزواريب الحنين

احن الى رائحة كتابي في الصف الأول .. والى باسم ورباب.

غابت الورقة .. لا هنت انت ولا الهوى هانا.

تحياتي

الزميل علي غالب عباس

ذكرى موجعة لنا جميعا، عرقلة مسيرة حروف كلماتنا التي لا تعرف المسافات …رصاص هدفه دقيق …وصوت صداه الانساني مفيد، ويقلق ضمير وعقول الفاسدين

دام تألقك يواكب رسالتنا الصحفية

الزميل أمين دريوسي :

احلى ايام.. بعد الورقي لا يوجد صحافة

الزميل وليد اسعيد

نعم يا سيدتي …نحن الجيل الذي عشق رائحة ورق الصحف والكتب وحبر المطابع …ونكهتها لا تفارق ذاكرتنا …وعندما نقرأ على وسائل التواصل نشعر كان الافكار تتلاشى بسرعة ..الف تحية لك.

الزميل شحادة الشعبي

ايه .. كم كانت جميلة تلك الأيام التي حملنا فيها رسالة اعتبرناها من اقدس الرسالات فعملنا على حملها بأمانة المحب للحق وللمغلوبين على أمرهم من بسطاء الناس .. وقد تخندقنا في خندق الكلمة المكتوبة التي تدلل على صدق المشاعر ومصداقية العمل والانحياز للوطن المتمثل بفقرائه وصغار كسبته وكل من ينتج بعرق الجبين ..

لكم التحية والتقدير الزملاء الاكارم في كل الصحف المحلية وتشرين صحيفتي على وجه الخصوص.

الزميل دريد سلوم

كل التحيات لفريق تشرين المتألق وآمل أن تعود الدوريات للصدور لأنه لابديل عن الورقيات

الزميلة بادية الونوس

والله اشتقنا للورقي.. وأنا من أنصاره ..ولا يعلى عليه صالح لكل زمان ومكان والأهم من ذلك أنّ الورقي فيه الروح.. وهذا ما يفتقد إليه الإلكتروني.

الزميلة ميليا اسبر

والله اشتقنا للورقي..ولا يوجد ما هو أجمل منه.. إن شاء الله ترجع قريبا

مودتي وصال الجميلة.

نبوءة مقلقة لا تسعفها المقدمات

كل ما ذكرناه يمكننا تصنيفه في إطار المعقول والممكن على الرغم من كمِّ الآلام والحسرات التي أبداها بعض الزملاء الأعزاء وهذا أمر طبيعي لأن غياب الصحيفة الورقية – بغض النظر عن المواقف المتباينة – هو بالنهاية تغيير عميق بالهوية والهيكلية،

ولكن الأمر – ومادام مؤقتاً إلى الآن على الأقل – لا أراه يتعدّى ما قاله الزميل ديب علي حسن، بعبارته الدقيقة ( أقل من مرثية وأبعد من سؤال ) إذ لم نسمع أن أي أحد من أصحاب القرار قد تبنّى فكرة عدم عودة الصحافة الورقية، والأمر ما يزال معلقاً إلى إشعار آخر، صحيح أن هذا الإشعار قد تأخّر ولكن أسباب التعليق المُعلنة ( فيروس كورونا ) ما تزال قائمة بل وتزداد حدّة في هذه الأيام، وهذا لا يعني موت الأمل في العودة إلى الطباعة، ولو كان الأمل مفقوداً لجعلها ديب علي حسن مرثيّة.

أ . وضاح عبد ربه

هذه هي الصورة الواضحة حتى الآن إلاّ إن كان هناك خبايا لا نعرفها بعد، وهذه الصورة تستدعي الشوق والحنين المجبول بالأمل، غير أن العبارة التي أطلقها الزميل العزيز ( وضاح عبدربه ) رئيس تحرير صحيفة الوطن، كانت صادمة وقاسية ومثيرة للقلق الشديد، إذ لم أكن أتوقع أن أسمعها من أحد، فكيف وقد أتت من وضاح ..؟!

مكتب رئيس تحرير صحيفة الوطن

صحيح أن عبارته كانت مقتضبة، ولكنها تحمل تلك المعاني التي ذكرتها وأكثر، فقد شارك الأستاذ وضاح في صفحته على الفيسبوك يوم أمس صورة لمكتبه في جريدة الوطن منذ عام كامل، مترافقة مع مقال كتبه في 23 آذار 2020م أي يوم اتخاذ قرار تعليق طباعة الصحف، وقد قدّم لهذه المشاركة بعبارة تقول : ( عدتُ إلى المكتب .. ولكن الطباعة لم تعد .. والإعلام إلى مزيد من الانهيار والحمد لله ) .. !!

بعد هذه العبارة الصارخة والمقلقة، يأتي المقال المنشور منذ عام المترافق مع صورة المكتب، والذي قال فيه :

اليوم ودعت هذا المكتب الذي، على الرغم من قذائف الاٍرهاب والسيارات المفخخة والتهديدات بالقتل، بقيت أبوابه مفتوحة ولم تغلق يوماً طوال تسع سنوات حرب على سورية.

ودعته وأنا على ثقة بأني سأعود إليه بعد أيام معدودة وليس أسابيع.

ودعته وأنا أحاول أن أطمئن كل الزملاء بأن قرار تعليق إصدار الصحف الورقية ليس إلا اجراء وقائي لن يطول.. وأننا قريباً سنعود لنجتمع ونعمل ونضحك على الكورونا الذي ألزم أكثر من مليار شخص حتى الآن البقاء في منازلهم.

ودعته وأنا أرى دموع عدد من الزملاء، اوقد تكون هذه فرصة جديدة، لأتوجه اليهم جميعاً بالتحية والشكر والعرفان والامتنان لكل ما بذلوه ويبذلونه يومياً من جهد لتبقى “الوطن” في الصدارة، وتبقى الرائدة في صناعة الخبر السوري.

ودعته لكن عاهدت نفسي وزملائي بأننا عائدون وقريباً جداً، لأننا بوعينا وإدراكنا للإجراءات الوقائية المتخذة لا بد وأن ننتصر على الكورونا..

ودعته وأنا، وكل فريق العمل، مستمرون معكم في نقل الخبر وصناعته وهذا ما أثبته الزملاء اليوم، الذين منذ الصباح الباكر أرسلوا كماً من الأخبار باتت تنتشر على موقع “الوطن أونلاين” وعلى صفحة “الوطن” على الفيسبوك، وتويتر، وبدأت صفحات تتناقلها.

إنه ليوم حزين بكل تأكيد، لكنه تحدي جديد أتخذناه على عاتقنا في الصحيفة لنبقى إلى جانب القراء والمتابعين، وهذا ما بدأنا نعمل عليه منذ اليوم متمنياً للجميع التوفيق والنجاح وأنا كلي ثقة أن “الوطن” باقية وعينها لن تغيب.

بين عامين

رغم هذه الجرعة من التفاؤل منذ عام، فإن عبارة الزميل العزيز وضاح اليوم نراها وقد انغمست بالإحباط والتشاؤم لدرجة التنبؤ بانهيار الإعلام، أعتقد أن هذا كثير يا أستاذ وضاح، وأرجو من الله أن لا تصحّ النبوءة .. ولن تصح، حتى وإن لم تعد الصحف للطباعة، فكيف وأن أمل العودة ما يزال قائماً ..؟

تعلم – أستاذ وضاح العزيز – وأعلم ويعلم الجميع أن الإعلام الإلكتروني يكتسح الساحات في مختلف أنحاء العالم، وكنّا كثيراً ما نتحدث – قبل ظهور كورونا بسنوات – عن تحديات الإعلام المطبوع التي يواجهها أمام هذا الواقع الجديد، وثمة دراسات وأبحاث طويلة عريضة حول هذا الأمر لا تخرج عن توقعات اندثار الصحف المطبوعة ولو تدريجيّاً، لأننا أمام واقعٍ جديد قد تجاوزها بكثير، ومع هذا فنحن مع تلك النكهة الحنونة والشيّقة للورقي، ولكن هذه النكهة قد طغت عليها النكهات والطعوم الإلكترونية فعلاً رغم الميزات المختلفة لكلا الصنفين.

على كل حال لن أطيل أكثر من ذلك حول هذا الأمر كي لا نغيّر مجرى الحديث بجدلٍ ربما لا طائل منه حالياً، ولكن ما أريد قوله بأن نتائج الأعمال هي التي تؤشّر لنا بالنهاية إلى مدى صحة المقدمات، وللأمانة فإن نتائج أعمال ( الوطن أونلاين ) خلال العام المنصرم كانت ممتازة جداً بالنسبة لما هي عليه البلاد من أوضاع، وأعتقد أن أي مراقب منصف لن يجهد نفسه كثيراً بالوصول إلى مثل هذه القناعة، ومن أجل هذا فقط أعتقد بأن نبوءة انهيار الإعلام فاقدة للمقدمات التي تدل عليها، وإعلامنا – تبعاً لظروفنا – أكثر من ممتاز، بل على العكس أراه متجهاً إلى مزيدٍ من القوة والبناء لا إلى الانهيار، وببساطة لا أجد ما يستدعي هذا الإحباط كله .. مع كامل الحب والتقدير والاحترام، وإن شاء الله لن يطول بنا الزمان حتى تعود صحفنا راقصة على هدير المطابع وإيقاعها وتستحمُّ بحبرها لتخرج منها بكامل الأناقة.