جديد 4E

بين تاريخين !

محمد خبازي

   بين 15 آذار  2011 و15 آذار 2021  ،  عشرُ  سنوات  بالتمام والكمال من عمر  بلدنا الحبيب  سورية ، عنوانها  العريض حربٌ همجيةٌ ضروسٌ،  ارتدت لبوس “الثورة الشعبية والمطالب المحقة !! ”  ،  طالت البشر والحجر  والشجر، ولم تدع  بيتًا سوريًّا إلَّا وتركت فيه  جرحًا لا يندمل، جرّاء  فقدان  عزيز،  شهيدًا أو مخطوفًا،  أو إصابة بالغة لجريح،  تسببت له بعجز كليًّ أو نسبيٍّ.

   عدا عن تداعياتها ومنعكساتها على  الاقتصاد السوري،  الذي  كانت الوفرة سمته الرئيسية قبل ذلك التاريخ المشؤوم،  والذي  أمست الندرة علامته الفارقة خلال ذلك العقد “الثوري”!.

 وهو  ما جعل معدلات الفقر بأعلى نسبها  ،  وهمُّ تأمين قوت اليوم من أكبر المؤرِّقات للمواطن .

  في علم السياسة وتاريخ الشعوب، أن الثورة ـ أي ثورة ـ أداة تغيير جذري، تقلب الواقع المتردي على كل الأصعدة وفي كل القطاعات، وفي جميع المجالات، في البلد ـ أي بلد ـ تقوم فيه ، إلى واقع أفضل وأجمل، وتوفر للشعب مقومات الحياة الكريمة ، وأسباب العيش الرغيد  ، وتحقيق العدالة المجتمعية والكرامة الإنسانية.

  وإلَّا لن تكون ثورةً حقيقيةً، إنْ لم يعش الناسُ بخيرها العميم، ويتمتعوا بغلالها  ،  ويحسِّنوا  حياتَهم بقطافها  .

  وخلال هذا العِقد الدامي من عمرنا، لم تقدم تلك الثورة المزعومة لنا كسوريين، سوى  القتل والتدمير لمنشآتنا  الاقتصادية والطبية  والتعليمية  ،  والتخريب لبنية مدننا وقرانا  التحتية  ،  والفقر المدقع للسواد الأعظم من شعبنا  !.

  عِقد كامل  بسنينه وأشهره وأيامه،  لم نعش فيه ساعة هناء،  ولم نذق طعم الفرح  ،  ولم تهبنا تلك” الثورة ! ” رغدَ العيش ولا أي سبب من أسباب الحياة الحرة الجميلة  .

  بل على  العكس  تمامًا  ،  نقلتنا من البحبوحة التي كنا نرفل فيها منذ العام 2000 حتى العام 2010  ،  إلى الضنك والضيق،  ومن الأمن والأمان إلى الرعب والخوف،  ومن الاقتصاد المزدهر  إلى الفقر المدقع.

  بخلاف كل الثورات في العالم، لم تكن ثورات أو بتعبير أدق فورات الربيع العربي  ،  معبِّرةً عن إرادة شعوب البلدان التي اضطرمت فيها،  وإنما كانت أدوات للظلم والطغيان وتدمير مقدرات البلاد والعباد  ،  وإفقار أغلبية الناس ،  وكانت بعيدة كل البعد عن العدالة المجتمعية  ، والقيم الإنسانية !.. 

 وخير دليل ،  ماعشناه كسوريين بين ذينك التاريخين  ،  وما نعيشه اليوم  كتداعيات لتلك ” الثورة !” الفورة، التي أكلت الأخضر واليابس في بلدنا الغالي ، الناهض من دمارها ورمادها للشمس  ، بل لذرا الشمس.