جديد 4E

تعالوا نكتشف الكهرباء مجدداً..!

عبد الحليم سعود

لم يعد السؤال: (من اخترع الكهرباء) فالكهرباء اكتشفت ولم تخترع، وكما هو معروف تعتبر الكهرباء شكل من أشكال الطّاقة التي احتاج البشر إلى الكثير من الوقت لاكتشاف وجودها في الطّبيعة، والقصة الحقيقية لاكتشاف الكهرباء قديمة، بدأت أول فصولها في القرن الخامس قبل الميلاد، ولم يكن مجرد شخص واحد هو الذي اكتشفها، بل كان هناك العديد من العقول العظيمة التي ساهمت بهذا الانجاز الذي غير حياة البشرية ونقلها من الظلمة إلى النور (وسامحوني على هذه الاستعارة) ، فالكهرباء اليوم تشكل الروح والدم اللذين يجريان في عروق كل الأنشطة الإنسانية  بحيث يبدو الاستغناء عنها مستحيلا.

ورغم مرور أكثر من قرن ونصف على اكتشاف الكهرباء بصورتها واستخداماتها الحالية – اختراع “المصباح الكهربائي” على يد العالم توماس أديسون –  إلا أن السوريين مصرون اليوم على إعادة اكتشاف الكهرباء مجدداً – شعب عنيد بطبعه –  حيث أجبرهم التقنين القاسي الذي يطبقه “أديسونات” وزارة الكهرباء هذه الأيام على ذلك، ولأن الحاجة أم الاختراع والاكتشاف، فقد نكون على موعد  مع اكتشاف “الأمبيرات” أو المولدات الضخمة التي تحول الكهرباء من سلعة وطنية “مدعومة” إلى سلعة رأسمالية باهظة الثمن – مدينة حلب جربت هذا الاكتشاف على مدى سنوات الحرب الضارية – وقد تعايشنا على مدى عقود مع أشكال مختلفة من هذه الاكتشافات (المكلفة) ، محطات حرارية، مراوح هوائية ضخمة، مولدات، لدات، شواحن، بطاريات، انفيرتيرات..إلخ، وتسميات تحتاج إلى مهندسي كهرباء للتفصيل فيها، في حين كانت العنفات المولدة في سد الفرات “طيب الذكر” الشكل الأكثر شهرة في مجال توليد الطاقة حين كنا نحتفل بإيصال الكهرباء ببطء شديد إلى قرى  بعيدة على مساحة الوطن، لتتحول قضية الكهرباء في مراحل لاحقة إلى  أوسع مجالات  الفساد وصفقاته المريبة، فمع كل أزمة كهربائية “مفتعلة” تمتلئ أسواقنا بالمولدات وبقية الأجهزة الكهربائية المستوردة وسريعة العطب  “فهل هذه  مصادفة بريئة”..!

 تقول وزارة الكهرباء في إطار تبريرها لتقنينها الظالم والقاسي وغير العادل وكثرة الانقطاعات بالتيار الكهربائي أن المتوفر حاليا من الكهرباء حوالي 3000 ميغا واط في حين أن الحاجة الفعلية هي 8500 ميغاواط – اعتذر سلفا في حال وردت أرقام غير دقيقة –  وكثيرا ما نسمع عن نقص الفيول وقلة التوريدات بسبب الحصار ، وأحيانا نسمع عن مشكلات متعلقة بحقول الغاز وخطوط نقله إلى المحطات الحرارية، وتارة نسمع كلاما عن القطع الترددي بسبب الحمولة الزائدة ووو، ولكن أكثر ما يثير استغرابي (كمقنن) هو ذلك التضارب الكبير بالأرقام بين وزارتي النفط والكهرباء مع أنهما تابعتان لحكومة واحدة ..!

باختصار لم تعد معاناة السوريين مع الكهرباء مقتصرة على الإضاءة والأنوار – مع أن بعض الشوارع الفارغة تضاء في النهار أكثر من الليل – بل قضية تتعلق بحياتهم وكل تفاصيلها، فالناس تحتاج الكهرباء من أجل الحصول على مياه الشرب، والغسيل والكوي والطهي والحمام والتدفئة والكثير الكثير من الشؤون الأخرى، أي أن انقطاعها بصورة طويلة وفي مواعيد غير منتظمة يربك الناس ويعطل أعمالهم وينعكس سلبا على نفسيتهم، ناهيكم بالأضرار الذي تلحق بالأدوات الكهربائية الباهظة الثمن نتيجة القطع المتكرر والتفاوت في شدة التيار، فالناس تجد معاناة مادية في دفع الفواتير فمن أين لها أن تقوم بإصلاح أعطال الغسالات والبرادات والكومبيوترات والتلفزيونات وما إلى ذلك وهي بالكاد تعالج الأضرار التي لحقت بها من جراء أزمة الخبز..!

معلومة:

 بقناعتي نحن بحاجة إلى إعادة اكتشاف الكهرباء في أنفسنا قبل أن نطلبها من وزارة عاجزة..

تقول مجلة كوكب العلم في مقال لها:  يتم توليد الكهرباء في جسمنا بواسطة مولدات كهربائية طبيعية؛ حيث يتشابه جسمنا مع تصميم نظام كهربائي؛

و يعمل المخ مثل جهاز كمبيوتر ممتاز، في حين أن الأعصاب تقوم بدور الأسلاك الكهربائية وتقوم بتأسيس الاتصالات بين الحبل الشوكي والمخ إلى بقية الجسم بأكمله.

هامش:

ما علينا سوى تمديد أسلاك من أجسامنا للحصول على الكهرباء ذاتيا وهكذا نستغني عن وزارة الكهرباء وفواتيرها وتقنينها وتبريراتها…وبذلك نوفر مليارات الليرات المهدورة على أرباب الصفقات والفساد..انتو شو رأيكم…؟!