الحرارة اللاهبة تزيد انتشار العقارب والأفاعي في الحسكة .. 161 حالة لدغ في شهر واحد .. !

انتشار العقارب والأفاعي بشكل كبير وازدياد لدغاتها يشمل جميع أنحاء المحافظة

حتى الشقق الطابقية لم تعد مكاناً آمناً من العقارب والأفاعي التي دفعتها الحرارة اللاهبة للزحف على وسط المدينة

30 حالة لدغ في عامودا و45 في معبدة و25 في المالكية و60 في القامشلي و31 في الحسكة خلال شهر واحد

مدير الصحة: ارتفاع بلدغات العقارب والأفاعي في المحافظة دون تسجيل أي حالة وفاة بسببها هذا الصيف

مدير الصحة: اتخذنا كافة الإجراءات اللازمة لمواجهة لدغات العقارب والأفاعي خلال فصل الصيف

توفير المصل المضاد في المؤسسات الصحية وتدريب الكادر الطبي وتوعية المراجعين من أبرز الإجراءات المتخذة

في سورية 12 نوعاً من العقارب أخطرها الأصفر وعدة أنواع من الأفاعي  السامة

سم العقرب يسبب شللاُ وتقلصات ووقف التنفس ويدمر سم الأفعى الجهاز الدموي

الدقائق العشر الأولى هي الأكثر أهمية في علاج لدغات الأفاعي

*الحسكة ــ خاص بالسلطة الرابعة – من خليل اقطيني:

*كما هي عادته دائماً، جلس خالد المحمود في المساء في شرفة منزله، للتمتع بنسمات الهواء المنعشة التي تهب بعد غياب الشمس بدءاً من المساء وحتى الصباح، لكأن الطبيعة تريد تعويض الناس عن الحرارة اللاهبة التي تلفح وجوههم وتكوي أجسادهم في النهار، وخاصة أن منزله مرتفع نسبياً فهو عبارة عن شقة في الطابق الثالث وسط مدينة الحسكة، ما يؤهله لاستقبال تيارات الهواء أكثر من غيره من البيوت.

*العقارب تغزو المناطق العليا

ويتابع خالد حديثه للسلطة الرابعة: وحوالي الساعة التاسعة وبعد الرشفة الثالثة من كأس الشاي رفعت يدي إلى الأعلى قليلاً ووضعتها على الجدار وإذ بي أشعر بوخزة قوية، سحبت يدي وأنا أتفف من الألم والتفتُّ إلى الجدار وإذ بعقرب أسود اللون كبير الحجم يتمختر على جدار الشرفة متابعاً طريقه بكل ثقة وكأنه لم يفعل شيئاً، قفزت من مكاني وتناولت (شحاطتي) التي لا تليق إلا بأمثاله ورحت أنهال بها عليه بضربات قوية تنم عن رغبة قوية للانتقام من هذا الكائن الغدار، إلى أن التصقت بقايا جثته على الجدار، رغم أنني كنت واثقاً أنه قـُتـِل من الضربة الأولى، وما الضربات اللاحقة إلا لشفاء الغليل. ثم سارعت بالذهاب إلى المركز الطبي (اللؤلؤة) في وسط المدينة حيث تلقيت العلاج اللازم وعدت إلى منزلي. وطوال تلك الفترة وحتى الآن أنا مستغرب كيف استطاع هذا العقرب الصعود إلى شقتي التي يفترض أنها آمنة من العقارب والأفاعي بسبب ارتفاعها من جهة ووجودها وسط المدينة المكتظ بالبنايات والسكان والسيارات من جهة ثانية، هذا الوسط الذي يفترض أنه ليس المكان المثالي والآمن للعقارب والأفاعي كالبيوت العربية غير الطابقية الموجودة في المناطق المفتوحة والملتصقة بالمناطق الخالية المترامية الأطراف. وهذا مؤشر على أنه حتى الشقق الطابقية لم تعد مكاناً آمناً من العقارب والأفاعي، التي دفعتها الحرارة اللاهبة للزحف على وسط المدينة.

*انتشار كبير

وأكدت يازي الجاسم وهي سيدة سبعينية في حي العزيزية  شرق مدينة الحسكة للسلطة الرابعة أن العقارب والأفاعي تنتشر بشكل كبير في الحي، بسبب عدم رش المبيدات القاتلة للحشرات والزواحف. وتقول أنهم كل يوم يقتلون عقرباً أو أفعى على الأقل في الحارة التي تقطن فيها، وفي الليل يضطرون لإغلاق الأبواب بإحكام عليهم خشية تسلل عقرب أو أفعى إليهم وحدوث ما لم يكن بالحسبان.

وقال عواد الخلف من سكان حي النشوة الغربية غرب مدينة الحسكة للسلطة الرابعة أنهم اضطروا لتلبيس أولادهم أحذية بلاستيكية طويلة العنق (بواط أو جزمات) للوقاية من لدغات العقارب التي انتشرت خلال هذا الصيف بشكل كبير في الحي. ويضيف: حتى هذه الأحذية لم تق ِ بعض الأطفال من لدغات العقارب التي وجدت فيها مكاناً للاختباء والتربص استعداداً للانقضاض على قدم الطفل ما إن تدخل الحذاء، فاحترنا ماذا نفعل.

وتبين المعلومات التي جمعناها أن انتشار العقارب والأفاعي بشكل كبير وازدياد   لدغاتها يشمل جميع أنحاء المحافظة. فمدينة عامودا الواقعة شمال الحسكة على الحدود السورية التركية كانت تشهد ما يعادل حالة واحدة على الأقل من لدغات العقارب والأفاعي كل يوم أي ما يعادل 30 حالة في الشهر، وفي أحد الأيام تم تسجيل 11 حالة لدغ بسبب الارتفاع غير المسبوق بدرجات الحرارة. وشهدت بلدة معبدة الواقعة شمال شرق الحسكة نحو 45 حالة لدغ في شهر واحد، أما مدينة المالكية الواقعة في أقصى الشمال الشرقي لسورية على الحدود السورية العراقية التركية (منقار البطة) فقد شهدت 25 حالة لدغ في الشهر.

*امتناع غير مبرر في القامشلي..

وفي القامشلي شمال الحسكة لم نتمكن من الحصول على أي معلومات أو إحصائيات من الهيئة العامة لمشفى القامشلي الوطني عن لدغات العقارب والأفاعي بسبب رفض مدير المشفى الدكتور عمر العاكوب تزويدنا بأي معلومة رغم تواصلنا معه عدة مرات عبر الواتس آب والموبايل، (احتجاجاً على قيام أحد إعلاميي المحافظة بتجاهل دور الهيئة العامة لمشفى القامشلي الوطني ونسب أعمالها لمديرية الصحة رغم أن المشفى هيئة مستقلة تابعة لوزارة الصحة مباشرة) حسب قوله.

ورغم أننا أكدنا للدكتور العاكوب أننا سننصف المشفى ونعطيها حقها، ورغم وعده لنا بإرسال المعلومات المطلوبة، فإننا لم نتلقَّ شيئاً منه رغم انتظارنا وتأخير إرسال هذه المادة للنشر عدة أيام. ما اضطرنا للاعتماد على أنفسنا وجمع المعلومات اللازمة بطريقتنا الخاصة، هذه المعلومات التي تبين أن القامشلي شهدت إصابتين على الأقل بلدغات العقارب والأفاعي في اليوم الواحد. وأكد العديد من أطباء المدينة ازدياد أعداد هذه اللدغات خلال الصيف الحالي عدة أضعاف عن الأعوام السابقة.

*.. وتعاون جيد في الحسكة

أما في الحسكة فكان مدير الصحة الدكتور محمد رشاد خلف متعاوناً معنا وقال للسلطة الرابعة: بلغ عدد مراجعي المركز الطبي المحدث (مركز اللؤلؤة) المصابين بلدغات عقارب منذ بداية شهر أيار حتى نهاية شهر تموز 55 مراجعاً ولم يراجع المركز أي مصاب بلدغة أفعى. ولوحظ ارتفاع عدد المصابين بلدغات العقارب خلال الصيف الحالي فقد بلغ عدد مراجعي المركز خلال شهر تموز 31 مصاباً بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

وأكد الدكتور خلف عدم وجود أي حالة وفاة في المحافظة من جراء لدغات العقارب والأفاعي، نتيجة لاتخاذ مديرية الصحة الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه الحالة قبيل فصل الصيف. وأبرز هذه الإجراءات توفير المصل المضاد للدغات العقارب والمصل المضاد للدغات الأفاعي بكميات كافية، وحصر معالجة المصابين باللدغات في المركز الطبي المحدث (اللؤلؤة) وتزويده بالكميات الكافية من المصول. وتدريب الكادر الطبي والتمريضي على كيفية التعامل مع المصابين بلدغات العقارب والأفاعي وكيفية إعطاء المصل المضاد وشروط إعطائه، إلى جانب تنفيذ جلسات توعية وتثقيف لمراجعي المركز حول طرق الوقاية من لدغات العقارب والأفاعي والإسعافات الأولية الواجب القيام بها للمصاب قبل نقله إلى أقرب مركز طبي وتلقيه العلاج اللازم. وذلك لأن معظم الحالات قابلة للشفاء عند الوصول إلى الطوارئ في الوقت المناسب وتقديم الإسعافات الأولية بالشكل الصحيح.

*12 نوعاً من العقارب

وزودنا الدكتور خلف بمعلومات مفيدة عن لدغات العقارب والأفاعي قائلاً: إن العقارب عادة ما تختبئ تحت الحجارة وبين الصخور, وفي لدغتها ماده سامه زلالية تدخل مجرى الدم. وفي بلدنا 12 نوعاً من العقارب، أخطرها الأصفر. وأغلب اللدغات تكون في الأطراف السفلى. وتسبب لدغات العقارب ألماً موضعياً واحمراراً وورماً. وفي الحالات الصعبة قد يسبب السم شللاُ وتقلصات ووقف عملية التنفس. وعند الصغار قد تتطور الحالة إلى تسمم عام والعلامات هي إفراز لعاب زائد من الفم, مع دموع وسعال وتقيؤ وألم وإسهال، ونبض سريع وارتفاع في ضغط الدم, عرق بارد, تنفس سريع, توسع البؤبؤ, تسمر شعر واحمرار في الوجه والحاجة إلى التبول وسخونة ودوخه ورعدة عضلات وضبابية في الوعي. لكن بالرغم من خطورة هذه الأعراض وصعوبتها فإنها تزول عادة تلقائياً خلال ساعات، لكن الأهم الوقاية منها بمنع الصغار من قلب الحجارة والمشي حفاه بينها.

*أفاعي سامة متعددة

وأضاف الدكتور خلف: يسبب الخوف والانفعال من لدغة الأفعى نبضاً سريعاً وتوسعاً في الأوعية الدموية بحيث يسهل وصول السم سريعاً إلى جميع أعضاء الجسم. وبعد 10 دقائق يظهر لدى المصاب نبض سريع وضعيف، وتنفس سريع وضعيف ومن الممكن حصول فقدان وعي. وتوجد في بلادنا أفاعي سامة من عدة أنواع تتواجد في المناطق الخضراء وفي الصحراء وفي الرمال وقرب مصادر المياه، وفي حالة اللدغ يظهر في موضع اللدغة ثقبان لنابي السم.

ومن أعراض سم الأفعى التسبب بأذى في الجهاز الدموي يتطوّر إلى تميّع دم. ويظهر في موضع اللدغة الم متزايد, وورم متغير اللون ويمتد في الجسم مع جريان الدم ثم احمرار وازرقاق وتظهر على الجلد خطوط حمراء تـُبـرِز سريان السم في الجسم وبعد ساعات تظهر حويصلات موضعية فيها دم وسائل, وبدون علاج ملائم تتفاقم الحالة، ويزيد النبض وينخفض ضغط الدم حتى فقدان الوعي، وعند الملدوغين الذين لا يفقدون وعيهم يظهر إسهال وآلام بطن ثم إدماء من أماكن مختلفة من الجلد  والأمعاء  والقلب  والدماغ.

aqtini58@gmail.com