جديد 4E

إجرام وظيفي…!!

فارس تكروني

 

لا أعتقد أن أحدا يمكن أن يجد سببا أو مسوغا مقنعا يمكن تقديمه لتبرير المماطلة في تثبيت العاملين المؤقتين في سورية و صدور قانون أو مرسوم بتثبيتهم، وإغلاق هذا الملف الذي نال من الأخذ والرد و التصريحات الإعلامية المستهلكة ما جعله محط سخرية لهذه الفئة من العاملين، الذين يمارسون العمل الوظيفي فعليا لأكثر من 9 سنوات بصفة عقود سنوية – منذ عام 2011 – و قبلها منهم من عمل تحت صفة المياومة و الفاتورة لمدة قد تصل إلى 8 سنوات و ربما أكثر… موعودون في كل لحظة بصدور قانون أو مرسوم يثبتهم.

هؤلاء المؤقتين الحالمين بصفة الديمومة يتساءلون عن الأسباب التي تؤخر صدور تثبيتهم، فهل يعقل أن عاملا  يمضي ما يقارب الـ10 سنوات من حياته  منتظرا تثبيت عقده…!!! في حين تم تثبيت ما يسمى بعقود تشغيل الشباب التي كان من المقرر أن تنتهي بعد خمس سنوات من تعيينهم..!!

كما تم صدور قانون بتثبيت العاملين بصفة البونات في القطاع العام و الذين كانوا يعملون على الإنتاج والقطعة وغيرها، في حين  لم يصدر بحق العاملين المؤقتين الذين لا يقلون أهمية عن غيرهم لجهة قوة الصفة القانونية و حاجة القطاع العام لخبرتهم الطويلة، و حقهم في توفير الأمان الوظيفي و الذي أصبح في الحد الأدنى.

و للأسف لم تتوقف معاناة هؤلاء العاملين عند هذا الحد، وممارسة اللامبالاة تجاههم على مقولة  “على مهلكم، خير شو صاير عليكم” بل تعداه إلى صدور قرار حكومي في عام 2015 بمنع تعديل أوضاعهم الوظيفية في حال نيلهم شهادات عليا و إبقائهم على الفئة المعينين عليها، ومنعهم من تطوير مستواهم الوظيفي.

ليكون بالتالي هذا القرار هو الضربة التي حطمت أحلام هؤلاء العاملين  بحرمانهم من التفكير بتطوير درجتهم الوظيفية، و من ثم التفكير بتقديم استقالاتهم والعمل في مكان أخر، لأن الأمر لا يقف عند عدم التعديل وتطوير المركز الوظيفي، بل الحرمان من التعديل حتى بعد صدور التثبيت، والسبب مفاده أن الشهادة التي حصل عليها الموظف قبل التثبيت ستكون بعده بحكم الشهادة القديمة ولا يمكن التعديل عليها، ولهذا سنجد موظفين حصلوا بعد تعيينهم و لاحقا تثبيتهم شهادات جامعية و درجات في الماجستير و الدكتوراه يعملون في الفئة الثانية ” بكلوريا – معهد ”  ولم يعودوا قادرين على تعديل فئاتهم التي تعينوا عليها.

هذا القرار التعسفي بلا شك لا مبرر له، كما المماطلة في صدور قرار تثبيت هؤلاء العاملين، وهذا بالتأكيد لا يطور و لا يقدم و لا يساهم في بناء البلد، بل يجعل هؤلاء العاملين وخاصة فئة الشباب يفكرون بالهروب من مهامهم الوظيفية لعدم تقديرهم و احترام عملهم، وربما في الهجرة إلى دول أخرى يجدون فيها احتراما لشهاداتهم و عملهم.

فقد ساوى هذا القرار بين هؤلاء العاملين المؤقتين الذين حصلوا على شهادات عليا بعد تعيينهم، وبين الذين أخفوا شهاداتهم العليا طمعا في الحصول على وظيفة بشهادات أدنى على أمل أن يتم تعديل وضعهم لاحقا، علما أن إصلاح ذلك لا يكلف الحكومة أي عبء مادي، ولا أعتقد أن المطالبة بهذه الحقوق هو من باب الرفاهية، و الأمر لا يتعدى إلا القليل من الاهتمام في  إلغاء هذا القرار التعسفي، و الإسراع في إصدار قانون تثبيت العاملين….وإنهاء هذه المعاناة و التخفيف على هؤلاء.

farestakrony@gmail.com