المنتدى الاقتصادي السوري الكوري يبحث فرص التعاون وتعزيز الشراكات الاستثمارية وتطوير مشاريع إعادة الإعمار
السلطة الرابعة – 4e :
شهدت دمشق انعقاد المنتدى الاقتصادي السوري الكوري الأول، الذي ناقش سبل تطوير الشراكات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، وتعزيز التعاون في مرحلة التعافي وإعادة إعمار البنية التحتية، عبر خلق بيئة جاذبة للمستثمرين، وتبادل الخبرات، وتأسيس روابط أعمال طويلة الأمد.
مسارات التعاون الاستراتيجي
وخلال المنتدى أكد وزير الاقتصاد والصناعة نضال الشعار في كلمة له أن الصناعات المتقدمة ونقل التكنولوجيا والطاقة المتجددة، والبنية التحتية الذكية، والتعليم والتدريب وبناء الكفاءات، مسارات يمكن أن تشكل أساس تعاون استراتيجي بين سوريا وكوريا، مشدداً على أن العمل ماض لتثبيت الاستقرار الاقتصادي، وتطوير البيئة التشريعية، ودعم القطاعات الإنتاجية حتى يصبح اقتصادنا أكثر قدرة على التصدير وأكثر انفتاحاً على العالم.
وقال الوزير الشعار: إن الحكومة السورية ملتزمة بتوفير كل ما يلزم لإنجاح الشراكات الجادة، وفتح الطريق أمام استثمارات كورية نوعية، وتحويل هذا المنتدى إلى نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية السورية الكورية.
البحث عن شراكات حقيقية
مدير إدارة الشؤون الأفروآسيوية وأوقيانوسيا في وزارة الخارجية والمغتربين محمد زكريا لبابيدي، أشار في كلمة له ألقاها نيابة عن وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني، إلى أن هذا المنتدى ينعقد في مرحلة مهمة ومفصلية من تاريخ سوريا الجديدة، لنؤسس معاً لمرحلة البناء وإعادة الإعمار وإطلاق الفرص الاستثمارية، ونصل إلى الدولة التي ينشدها الشعب السوري، وتليق بتاريخه العريق.
وقال لبابيدي: “إن انعقاد المنتدى في هذه الأيام التي نعيش فيها فرحة ذكرى التحرير المبارك لسوريا، هو تجسيد واضح للسياسة الخارجية السورية الجديدة، سياسة تفتح أبواب التعاون مع جميع دول العالم، وتقوم على الوضوح والاحترام المتبادل، والبحث عن شراكات حقيقية، تحقق مصالح شعبنا السوري، وتسهم في بناء سوريا الجديدة”.

تعزيز العلاقات الاقتصادية
من جهته، أكد سفير كوريا الجنوبية في لبنان المكلف بتسيير شؤون بلاده في سوريا “غيوسوك جون” التزام بلاده بدعم المشاريع المستقبلية التي تسهم في إعادة إعمار سوريا، وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ومواصلة العمل لتطوير قنوات التواصل والتعاون المشترك، لافتاً إلى أن انعقاد المنتدى في دمشق يشكل بداية فصل جديد في العلاقات الكورية السورية، ورسالة واضحة على استعداد البلدين للمضي قدماً في تعزيز التعاون المشترك.
ولفت إلى الاهتمام الحقيقي الذي أبدته الشركات الكورية التي يزور بعضها دمشق لأول مرة باستكشاف الفرص في مجالات البنية التحتية، والطاقة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والصناعة، وقطاعات حيوية أخرى، مشيراً إلى أن النقاشات التي شهدها المنتدى تعكس بداية مسار يقوم على الشراكة والمرونة والازدهار المشترك، وأن العمل الذي انطلق خلال هذا الحدث سيستمر عبر علاقات وأفكار تسهم في بلورة تعاون ملموس خلال المرحلة المقبلة.
من جهته، قال المدير العام لدائرة الشؤون الأفريقية والشرق أوسطية في وزارة الخارجية الكورية “غوانغ يونغ جونغ”: إن العلاقات بين سوريا وكوريا الجنوبية تجسد التزام البلدين الراسخ بتعميق علاقاتهما، وبناء شراكة قوية قائمة على الثقة المتبادلة.
بدورها، أكدت مديرة المكتب الإقليمي للوكالة الكورية لترويج التجارة والاستثمار (كوترا) “هانا كيم” التزام الوكالة لتكون شريكاً فاعلاً، وتعزيز التواصل مع الجهات الحكومية والشركات السورية، لاستكشاف فرص التعاون ودعمها بكل الإمكانات وبناء مستقبل مشرق مبني على الصداقة والشراكة بين البلدين، داعية إلى أن تتحوّل الأفكار والنقاشات التي تم طرحها في المنتدى لمشاريع تعاون عملية تُسهم في إعادة إعمار سوريا، وتنمية اقتصادها.
التجربة الكورية
وزير الاتصالات وتقانة المعلومات عبد السلام هيكل أوضح في تصريح لمراسلة سانا أن التجربة الكورية الجنوبية أنموذج مهم للاطلاع والاستفادة، وتقدم مثالاً عملياً يمكن الاستفادة منه في سوريا، لتحقيق التنمية بالسرعة المطلوبة، وخاصة في مجال بناء بنية تحتية حديثة تمكّن مختلف القطاعات.
ولفت الوزير هيكل إلى أن السوق السورية تُعد نقطة ارتكاز لوجستية مهمة يمكن للشركات الكورية الاستفادة منها، سواء عبر المشاركة بالنهضة الاقتصادية المحلية، أو عبر استخدام سوريا كمنصة للوصول بسهولة إلى أسواق إقليمية واسعة.
شراكات واقعية
أكد رئيس اتحاد غرف التجارة السورية علاء العلي أن الملتقى الكوري – السوري الأول مسار عملي، قابل للتحول إلى شراكات واقعية في مجالات واسعة، لافتاً إلى أن النقاش أظهر أن التكنولوجيا الكورية، المقترنة بالكوادر السورية وخبرات القطاع الخاص، يمكن أن تثمر مشاريع نوعية تُسهم في تعزيز الاقتصاد السوري وتنويعه، ورفع قدرته التنافسية.
ويلتزم اتحاد غرف التجارة السورية، وفقاً للعلي، بشكل كامل بخلق مناخ استثماري محفّز وترسيخ الشفافية وضمان حقوق المستثمرين، والعمل على فتح الطريق أمام الشركات الكورية لدخول السوق السورية من خلال مسارات واضحة وتعاون فعّال.
مدير عام المؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية محمد حمزة بين أن المنتدى أتاح فرصة حقيقية لتبادل الرؤى والأفكار، حول آفاق التعاون المشترك، واستكشاف فرص الاستثمار وإعادة الإعمار، وبحث سبل الاستفادة من الخبرات الكورية في مجالات التكنولوجيا، والصناعة، والبنية التحتية والطاقة، بما ينسجم مع توجهات الحكومة السورية نحو الانفتاح الاقتصادي وبناء شراكات استراتيجية مع الدول الصديقة.
كما بين ممثل هيئة الاستثمار السورية أمين محمد أن الهيئة حلقة وصل بين المستثمرين من جميع أنحاء العالم والمؤسسات الحكومية السورية، لضمان التنسيق السلس والشفافية طوال عملية الاستثمار، مشيراً إلى الجهود التي تبذلها الهيئة بإرشاد المستثمرين خلال إجراءات الاستثمار، ودعمهم أثناء تنفيذ المشاريع، ومتابعتهم بعد إطلاقها لضمان نجاحها واستمراريتها.
وخلال فعاليات المنتدى أكدت مديرة إدارة الشرق الأوسط الأولى في وزارة الخارجية الكورية الجنوبية جيسو بيو، أن الحكومة الكورية تولي اهتماماً بالمجالات القادرة على دعم التعافي الاقتصادي في سوريا، وفي مقدمتها مشاريع البنى التحتية، ومنتجات الأغذية والتجميل والمحتوى الثقافي الكوري عبر تسريع الإجراءات الجمركية، مشيرةً إلى أن التعاون بين البلدين يشهد مرحلة من الانفتاح المتجدد.
فرص التعاون بين سوريا وكوريا
بدوره استعرض نائب مدير مكتب الوكالة الكورية للترويج التجاري والاستثمار (كوترا) في عمّان جاي وون جو، أولويات التعاون المشترك، وفرص الاستثمار في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمدن الذكية، والنقل، ومعدات إعادة الإعمار، والطاقة المتجددة، والمجال الطبي والصيدلاني، مُقدماً استراتيجية تعاونية مرحلية تبدأ بالسلع الأساسية والطبية ثم معدات إعادة الإعمار قصيرة المدى، لتتطور لاحقاً نحو شراكات واسعة في مشاريع البنى التحتية بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وصولاً إلى تعاون استثماري طويل الأمد.

كما دعا “جو” إلى تأسيس أطر مؤسسية قوية تشمل اتفاقيات حماية الاستثمار، وتجنب الازدواج الضريبي، وفتح قنوات مالية تسهم في تعزيز ثقة المستثمرين.
دخول الشركات الكورية للسوق المحلية
من جهته، أكّد مدير مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية في اتحاد غرف التجارة السورية محمد غزال، أنّ دخول الشركات الكورية الجنوبية إلى السوق السورية يشكّل فرصةً لإعادة دمج سوريا في الاقتصاد الإقليمي والدولي، عبر ربطها بشبكات التجارة وسلاسل القيمة في الشرق الأوسط، مستفيداً من كون السوق السورية إحدى أقل الأسواق ازدحاماً بالمنافسة في المنطقة.
وفي قطاع السيارات، أوضح ممثل الصندوق السيادي السوري وليد سحاري أنّ التعاون مع الشركات الكورية يمكن أن يدعم نقل التكنولوجيا وتطوير خطوط الإنتاج، والتوجّه نحو تصنيع مكونات أساسية بشكل تدريجي، بما يرسّخ توطين صناعة السيارات في سوريا، ويعزز سلاسل التوريد، مؤكداً أن الموقع الجغرافي لسوريا يمنحها مزايا استراتيجية تجعلها سوقاً واعدة لجذب استثمارات جديدة في هذا القطاع.
وعقد المنتدى الاقتصادي السوري الكوري الأول في دمشق في الرابع من كانون الأول برعاية وزارة الخارجية والمغتربين ووزارة الاقتصاد والصناعة وبالتعاون مع سفارة جمهورية كوريا الجنوبية في لبنان والوكالة الكورية للترويج التجاري والاستثمار “كوترا”، وذلك في فندق البوابات السبع بدمشق.
ويأتي انعقاد المنتدى في سياق توجه الحكومة السورية لفتح قنوات تعاون مع دول تمتلك قدرات تقنية وصناعية متقدمة، ولا سيما في مرحلة التحضير لإعادة الإعمار، كما أنه يمثّل خطوة تأسيسية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وبناء شراكات من المعول أن تتحول مستقبلاً إلى مشاريع عملية على أرض الواقع.
( المصدر : سانا )
