علي محمود جديد :
من قال أن الإنتاج عندنا يتراجع ..؟! إننا منتجون بلا هوادة فها نحن استطعنا أن ننتج نسبة عالية جداً من الفقر .. والفقر المدقع أيضاً نُباهي بها الأمم، فالكثيرون منّا اطلعوا على آخر تقارير البنك الدولي حول سورية والذي توقع فيه أن يسجل الاقتصاد السوري انكماشاً بنسبة 1.5% خلال عام 2024، مقابل انكماش بنسبة 1.2% خلال العام الماضي، مشيراً إلى أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لسوريا يتعرض لحالة غير مسبوقة من عدم اليقين، وأنه من المتوقع أن يبقى الاستهلاك الخاص، وهو عجلة النمو الرئيسية، في تراجع مع استمرار تآكل القوة الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار.
وقال البنك الدولي إن الفقر طال 69% من السكان، أي نحو 14.5 مليون سوري في عام 2022. وطال الفقر المدقع أكثر من واحد من كل أربعة سوريين في عام 2022، وربما زاد حدة وشدة بسبب الآثار المدمرة لزلزال فبراير/ شباط 2023.
وأضاف أن هناك عدة عوامل خارجية، لا سيما الأزمة المالية في لبنان عام 2019، وجائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا، ساهمت في زيادة تراجع رفاه الأسر السورية في السنوات الأخيرة.
ولم نلاحظ أي رد رسمي محلي على تلك الاحصائيات، ما يعني أنها صحيحة، أو أننا لا نمتلك أي إحصائيات تُمكّننا من المقارنة، وربما كان هذا هو الأرجح، فآخر همّنا نحن الاحصائيات ولاسيما بعد أن تحولنا إلى مثل هذه الأكوام الدوكما من الفقر والفقر المدقع.
صحيح أنّ البنك الدولي لا نطيقه ولا يطيقنا هو الآخر على الرغم من كونه أحد وكالات الأمم المتحدة وسورية عضو فيه، وكان من المفترض أن يكون عوناً لنا، لاسيما وأنه يرفع شعار ” الحد من الفقر وتحسين معايير المعيشة في جميع أنحاء العالم ” ولكنه يعلم ونحن نعلم أن هذا الشعار المُعلن لا ينسجم مع توجهاته في الخفاء، فالمعروف أن الولايات المتحدة الأميركية تتحكّم به وبقراراته، حتى صار وكأنه أحد أذرعتها التي تضغط من خلالها على الكثير من دول وشعوب العالم بحجج باتت واهية ومكشوفة تتناسب مع النزعات الاجرامية لواشنطن في ترويض الدول والشعوب لخدمة مصالحها، ولذلك بقيت سورية محافِظة على عضويتها في البنك الدولي مع أخذها لجانب الحيطة والحذر منه دائماً.
ولكن ما علينا .. فمع أن إحصاءات هذا البنك تجاه سورية تبقى غالباً مشبوهة ومُسيّسة ضدنا، فإنها تبقى أفضل بكثير من إحصاءات أخرى سمعنا بها عن جهات مغرضة أيضاً تقول بأن نسبة الفقر في سورية وصلت إلى 90 % ولم تحظَ مثل هذه النسبة الملعونة بأي رد ولا اعتراض ولا تصحيح حكومي أيضاً، وكأنها أقل مما خطّطت له الحكومة التي حققت نجاحاً باهراً في إنتاج الفقر وبكل سهولة، فتفقير الناس من أسهل المهام إذ تكفي الاجراءات والقرارات سهلة الاتخاذ برفع أسعار المواد الأساسية ( مشتقات نفطية – كهرباء – اتصالات – اسمنت – حديد ..الخ.. ) حتى تتحقق هذه النتائج الباهرة من التفقير والتشرد.
فإذا اعتمدنا إحصاءات البنك الدولي يمكننا القول بأن السوريين – يوم الأحد 8 أيلول مع بداية العام الدراسي الجديد – استفاقوا على مليونين و739 ألف و300 مصيبة هي النسبة الناتجة عن 69% من أصل 3 ملايين و700 ألف تلميذ وطالب و 270 ألف معلم ومدرّس وإداري مكللين بالإحباط بعد أن خابت آمالهم بازدراء حكومي أدى إلى رميهم في هذه المعمعة بلا زيادة رواتب ولا حتى منحة كبحصة تسند جرة الحياة الثقيلة.