إحساس المطلقة
أنس الفيومي
فجأة تتحول إلى شخص غريب … لايجوز أو من غير الممكن أن تطلع على شيء … لمجرد أنك أصبحت متقاعداً …
زملاء الأمس أصبحوا غرباء طلقوك طلقة بائنة مؤكد لا رجعة فيها … ومن كان يناديك أستاذ … يتجرأ اليوم أن يناديك باسمك المجرد … وإن تضمن النداء بعض الاحترام ستكون محظوظاً جداً … ستكتشف أن كل ما زرعته كان على أرض بور متحجرة … لا أثر لك … بكل بساطة وجودك لم يكن محور الكون وغيابك لن يغير الكون … الحجة في ذلك … محمد مات واستمرت الأمة …
لم يعد مهماً أن تفرح لفرح أحد منهم أو تحزن لحزنه … لقد نزلت في محطة العمر الأخير … والذين كانوا معك … مجرد أشخاص في رحلة … سبقك الكثير … وسيلحق بك الكثير … وأنت … لم تفهم أنه ليس ضرورياً أن تبني صداقة في رحلة العمل … فهي مجرد وهم …
إنجازاتك … سيرثها غيرك وينسبها إليه … وإخفاقاتك سيلاحقك بها باتهامات أمام ماسحي الجوخ الجدد … هكذا سنة الكون … فأنت اليوم … كالمطلقة …
ونفقة المطلقة … هي راتبك الهزيل التقاعدي … الأمور الطارئة من دواء وطبابة أصبحت وحدك مسؤولاً عنها … مت بسعالك بآلام ظهرك باحتشاء قلبك الذي أفنيته يوماً بالعمل …
مت قاعداً أو واقفاً … لايهم … الستون هي أمر الموت المنصوص عنه في قانون العاملين …
اليوم غربت شمسك …