د. رشا سيروب : لا بد من توفير التمويل الميسر للمشاريع الصغيرة وتبسيط الاجراءات وتقديم الدعم وبناء شبكات الأعمال
ندوة الثلاثاء الاقتصادية و دور المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر من منظور سوري
سيروب: وضع مفهوم للتعافي المبكر يتوافق مع السياق السوري .. وهو ليس مصطلحاً جديداً بل عملية انتعاش متعددة الأبعاد
استهداف الشرائح الأكثر هشاشة بوصلة السياسات الاقتصادية
السلطة الرابعة – سوسن خليفة :
حظيت ندوة الثلاثاء الاقتصادية التي أقامتها جمعية العلوم الاقتصادية في 13 آب في المركز الثقافي في أبو رمانة بعنوان “دور المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر في التعافي المبكر من منظور سوري”
بحضور نوعي ونقاشات غنية ونقاط ركزت عليها المحاضرة، ولم يكن قد تم التطرق إليها من قبل. حيث أوضحت الدكتورة رشا سيروب أسباب اختيارها لهذا العنوان الذي يعود إلى التغيير في استراتيجية الداعمين والمانحين والتحول من صيغة الإغاثات الانسانية إلى التعافي المبكر خلال الأعوام الثلاثة الماضية ، إضافة إلى قيام المنظمات الدولية من خلال المنظمات المحلية بدعم بعض المشاريع الصغيرة أو تقديم منح مالية لتوسيع مشاريع أخرى. ولا يزال مفهوم التعافي المبكر موضوع نقاش متزايد داخل سورية وفي أروقة المنظمات الدولية ويفتقر لتعريف دقيق وموحد في ظل تعقيدات العقوبات الدولية فأنشطته تتداخل بين المشاريع الانسانية وإعادة الاعمار.
وأشارت سيروب إلى أن التعافي المبكر هو نهج يعالج احتياجات الإنعاش التي تنشأ خلال المرحلة الإنسانية من حالة الطوارئ؛ ويستخدم آليات إنسانية تتماشى مع مبادئ التنمية. وتشكل عملية التعافي المبكر بمثابة طريقة لتنفيذ الاستجابة الإنسانية والمساهمة في حل المشكلات الدائمة، وتشكل عملية التعافي المبكر جسراً بين الاستجابة الإنسانية للأزمة من جهة وقيام عملية التنمية من جهة أخرى. والتعافي المبكر ليس مجرد ” مرحلة “، بل هو عملية انتعاش متعددة الأبعاد تبدأ في الأيام الأولى للاستجابة الإنسانية.
وبينت سيروب أن الهدف من طرح الموضوع وضع مفهوم للتعافي المبكر يتوافق مع السياق السوري انطلاقاً من اعتبارات محلية تركز على الملكية المحلية ، واعتماد مجتمعاتها على نفسها وتطوير قدرات الأفراد نحو الاستدامة في الموارد، أي أن يكون الانطلاق من الداخل ولا ننتظر الخارج.
واستعرضت سيروب بعض مؤشرات التعافي المبكر وسبل العيش منها مستوى التماسك الاجتماعي للأسرة، والقدرة على سداد الديون من إجمالي النفقات ، ومستوى التوافر اليومي للكهرباء التي تصل للأسرة.، و قدرة الأسر على تغطية الاحتياجات الأساسية، وبيان السبب الذي يحد من قدرة الأسر على تلبية الاحتياجات الأساسية. مع الاشارة إلى الفجوة بين الدخل والنفقات. مبينة تطور الاحتياجات المالية المقدرة دولياً ونسب التنفيذ .
وانتقلت المحاضرة للحديث عن السياق الاقتصادي والاجتماعي استنادا لأرقام مكتب التنمية الانسانية حيث 83.4 % من العاطلين عن العمل لم يعملوا سابقاً منهم 1.1 مليون ليس لديهم خبرات. و 43.1 % بطالة الإناث بينما بلغت بطالة الشباب 60% من سن 20-24 . وهو مؤشر انخفاض قوة العمل نتيجة الهجرة أو الاحباط
وبالنسبة إلى آليات التكيف السلبية هناك ما نسبته 33% تسرب الأطفال من المدارس ، و 5 % عمالة الأطفال، إضافة إلى ظاهرتي الزواج المبكر والتسول.
وتهدف المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر إلى خلق فرص عمل وتوليد الدخل وخفض معدلات البطالة ، واكتساب خبرات ومهارات عملية مما يخفض من الفجوة بين الدخل والنفقات . وينعكس تنفيذ هذه المشروعات على تخفيض الهجرة الداخلية والاندماج في المجتمع وتلبية الاحتياجات المحلية وزيادة النمو الاقتصادي وتمكين الفئات الهشة
ومن أبرز التحديات التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر: نقص التمويل، والبيروقراطية الإدارية، وهجرة الكفاءة، وصعوبة الوصول إلى الكهرباء. ولمواجهة هذه الصعوبات وتوفير الدعم المطلوب لا بد من توفير التمويل الميسر، وتبسيط الاجراءات ، وتقديم الدعم الفني والتدريب وبناء شبكات الأعمال.
وخلصت سيروب إلى توصيات بإحداث صندوق للتعافي موارده غير تقليدية يدار على مستوى المحليات. والمشاركة المجتمعية وتعزيز الترابطات بين الإدارات المحلية.
ولا شك بأن نجاح هذه المقترحات حسب رأي سيروب يتطلب الحد من التحديات أهمها: الفساد، وتسييس التمويلات والصراعات والتغيرات الاقليمية والدولية.
إدارة الندوة
أدار الندوة السيد فؤاد اللحام أمين سر جمعية العلوم الاقتصادية ، والذي اعتبر أن المحاضرة من أهم المواضيع التي يتم فيها النقاش وهناك تباين في الآراء، والسؤال المطروح لماذا نفتقد للمشروعات الصغيرة والمشروعات المتناهية الصغر؟ وأشار إلى أن الدكتورة رشا سيروب خير من يتكلم في هذا الموضوع والمعروف عنها الجهد الذي تبذله من خلال ما تقدمه من معلومات وأرقام وتحليلات. وهي محاضِرة تعشق المشاغبة إضافة إلى كونها عضو مجلس إدارة في جمعية العلوم الاقتصادية.
وجاء في تعقيبه على المحاضرة بأنها غنية بالأرقام والتحليلات الممتازة لافتاً بأن التشبيك بين المنشآت الصغيرة والكبيرة لها دور أساسي في نجاح تلك المشاريع ، إضافة إلى ضرورة ربط الاجراءات اليومية مع الرؤية المستقبلية والتي يجب أن تكون منسجمة فيما بينها.
المداخلات
– دكتور عامر خربطلي:
عنوان المحاضرة مهم وخطير، والحقيقة أنها “فشت قلبنا” مشيراً إلى أن 60% من المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر تمثل كتلة كبيرة غير مدعومة ، وهي بحاجة إلى شيء خاص بها لحل الاشكالية القديمة : كيفية البدء بهذا المشروع إذا كان عندي فائض، وهناك دور غائب بمنظومة الادارة المحلية لافتاً إلى أن المشاريع الكبيرة عوائدها يأكلها التضخم ولا يوجد لدينا رؤية مستقبلية لهذا القطاع
– الدكتور عمار يوسف:
وجه سؤالاً للمحاضرة : برأيك الشخصي هل يمكن للفساد أن يسمح بانتعاش المشروعات الصغيرة..؟
– الوزيرة السابقة الدكتورة لمياء عاصي:
رأت أن العقبة الأساسية للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر هي التمويل، إضافة إلى الإجراءات البيروقراطية، وهذه العقبات تعيق إقامة أي مشروع. مؤكدة ضرورة حل مشكلة ضمان القروض والكفالات، وضرورة إعفاء المشروعات الصغيرة لمدة 5 سنوات من الضرائب باعتبارها مشاريع انتاجية.
– دكتور بهجت عكروش:
رأى أن لا طائل من الحديث عن المشروعات الصغيرة إن لم يكن هناك إرادة سياسية لتبني تلك المشروعات لبناء لاقتصاد السوري مشيراً إلى أهمية الربط بين ريادة الأعمال والمشروعات المتناهية الصغر للاستفادة من الابداع. الفكرة أولا ومن ثم يأتي المال.
– الأستاذ وليد غمه:
أشار لدور لجان التنمية المحلية في مجالس المدن والبلدات التي تبرز مساهمة المجتمع المحلي في تنفيذ مشاريع تنموية. وطلب تقديم أفكار من قبل الاقتصاديين لتنفيذها.
– الأستاذ محمد حلاق عضو مجلس إدارة الجمعية:
أشار إلى أن المحاضرة قامت بتوصيف المشروعات ودورها في مرحلة التعافي المبكر شرط أن تكون قادرة على النهوض. وضرورة التفكير من خارج الصندوق ، ولدينا القدرة على ذلك.
– المهندسة ايمان عبد الله :
تحدثت عن ورشة للخياطة نفذت ولم تحصل على الطاقة الكهربائية، وتعثر المشروع، مشيرة إلى أن مدة صمود أي مشروع صغير لا تتجاوز ستة أشهر.
– بشار قاسم، المكتب المركزي للإحصاء:
تطرق إلى غياب الاعلام في مجال المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، وأن الأرقام التي استخدمت في المحاضرة بعضها غير دقيقة..
ولكن يبدو أن السيد بشار قاسم هو الغائب عن الإعلام حيث سئمنا ويئسنا وطلع الشعر على ألسنتنا ونحن نتحدث عن التقصير الحكومي تجاه المشاريع الصغيرة ومصاعب التمويل والبيروقراطية القاتلة .. !
رجع الصدى
– بدورها الدكتورة رشا سيروب أجابت على مجمل التساؤلات بالقول: أنا استخدم الأرقام الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء ، إذا كنتم تقدمون أرقاماً مضروبة ليست مشكلتي. وعلى العموم إذا كانت الأرقام مشكوك فيها فهي تبين حجم الكارثة، وفيما يتعلق بإشكالية التمويل فهي ليست بالمشكلة الكبيرة. نحن أفراد أن ننفذ الأعمال بشكل نقدي. ومصارف التمويل الصغير نماذج عن المصارف التقليدية. والفساد مشكلة حقيقية، والحقيقة لدينا القدرة على معالجته.
وبالتركيز على العمل المحلي قالت: إذا كنا سنقدم الأفكار فالجهات المحلية فهي الأقدر على تقديمها بناء على احتياجاتها الفعلية. وفيما يخص ريادة الأعمال والابداع فإن أغلب المشروعات المقدمة من جيل الشباب هي بروكار أكثر منها عمل تنموي تناسب المنطقة.