جديد 4E

سيبقى .. مسؤولاً..!

 

مرشد ملوك:

في النوادي الرياضية وفي مناسبات الأفراح والعزاء وفي مكاتب العقارات والسيارات وفي جلساتهم العامة وبطبيعة الحال في جلساتهم الخاصة يتحدث القسم الأكبر من المسؤولين السابقين عن الظرف الاقتصادي والاجتماعي والسياسي “من دون ادنى شعور بالمسؤولية” .

وما يزيد من خطورة طرح “المسؤول السابق” أنه يتحدث بلسان العارف والمضطلع ببواطن الأمور والظروف، الأمر الذي يؤجج ضعف الانتماء وفي لحظة ما يقوض نظرية الدولة.

أغلب المسؤولين السابقين – والتعميم عمى – يملكون العقارات من بيوت ومحال تجارية وسيارات وأولادهم يدرسون خارج البلاد وداخلها بأهم المؤسسات التعليمية.. يقدمون النظريات والأفكار والمبادرات حول ما يجب أن تفعله الحكومة أو هذه الوزارة أو الهيئة أو تلك، وما يزيد الطين بلة من كان منهم عائد إلى الحياة العامة من خلفيات فاسدة، والطامة الكبرى تجدهم أكثر الناس تذمراً من الظروف، الأمر الذي يثير تهكم وسخرية الكثير من الطبقات الاجتماعية التي لسان حالها يقول “اسمعوا مين عم يشكي”..

مقابل ذلك تجد أن بعض المسؤولين والوزراء السابقين استطاعوا النفوذ إلى بعض المؤسسات الاقتصادية والتعليمية لكن القسم الكبير أخفق في تحقيق ذلك.

ما أيقظ هذا الطرح هو حديث بعض المسؤولين السابقين في مناسبة تعزية والدي رحمه الله ، والتحليل الإيجابي الذي قدمه مسؤول  رفيع المستوى، وتالياً الأثر النفسي الذي خلفه الحديث من تداعيات إيجابية لها علاقة  بتحديد المسؤوليات وأثر ذلك  على البني المجتمعية والاقتصادية  عامة، على عكس ما يتشدق به بعض المسؤولين السابقين .

وهنا تؤكد الدراسات النفسية أن الزعماء والمبدعين والمتميزين معرضون للاضطرابات النفسية بشكل حاد.. ومعرضون لأمراض نفسية مثل الاكتئاب والقلق وغيرها من الأمراض النفسية، وبالمختصر هؤلاء أناس مؤثرون جداً بالمجتمع أكثر وقتما كانوا في مواقعهم لأنهم يتحدثون بلغة لم يتحدثوا بها أيام ما كانوا على رأس عملهم، وعقولهم مبرمجة للحديث في سوق الكلام الأسود.

من الضرورة الإشارة أن “المسؤول السابق” موصف كشريحة سياسية واجتماعية واقتصادية في كل المجتمعات والدول، وهو دائماً قادم إلى موقع المسؤولية من خلفية سياسية وحزبية ومهنية كطبيب ومحامٍ ومهندس، أو من خلفية اقتصادية تفرزه الشركات الصغيرة والكبيرة، لكن بعده وقربه من العمل العام والخدمة العامة يكون وفق التصنيف الطبيعي، والمسؤولية قد تكون حالة طبيعية في حياته.

لكن لدينا في سورية تجد بأن كلمة ” مسؤول سابق” تصل الى أن المسؤولية هي مهنة قائمة بحد ذاتها، يعني فلان لا يعرف أن يعمل أي شيء إلا أن يكون مسؤولاً فقط.

المسؤول المدني والعسكري يملك التجارب والخبرة، وبالتأكيد وصل إلى هذا بعد سنوات العمر من النجاح والإخفاق، لذلك قد يكون رأب هذه الشريحة في روابط ونوادٍ ومنظمات ونقابات فاعلة غير الموجودة حالياً، أو بعد تفعيل التنظيمات الحالية، وفق ترتيبات معينة تقوم بها “مؤسسات ما بعد المسؤولية والتقاعد، هو حراك اجتماعي سيتحول إلى نشاط اقتصادي، لأن هؤلاء يملكون المال والخبرة، هؤلاء طاقة  وطنية ضائعة تشعر بالغبن جراء التجربة التي تملكها تحتاج لمن يقدر قيمتها، بدل من تسكعهم في النوادي والمقاهي ويفرغون طاقاتهم التي تحولت إلى سلبية، ولن تصح نظرية “عاش الملك.. مات الملك” هنا.