جديد 4E

طريقة ناجعة للخلاص المعيشي

 

ميشيل خياط :

نبحث عن بصيص أمل للعبور إلى واقع معيشي افضل، في وقت بلغ فيه السيل الزبى وطفح الكيل معيشيا، إذ الغلاء الفاحش يستفحل ورفع الأسعار لم يعد وقفا على الأسواق الخاصة، ففي كل يوم تقريبا تفاجئنا الحكومة عبر وزاراتها المختلفة بزيادات على أسعار سلع تنتجها أو تستوردها وأجور خدمات تقدمها، معتدة أنها ضاعفت الرواتب والأجور، علما أن تلك المضاعفة كانت مطلوبة لسد جزء من الفجوة الكبير سابقا ما بين الأجور والأسعار وما حدث الان أن الهوة اتسعت أكثر ووصلت حد اللامعقول في حياة ذوي الدخل المحدود ومن لا يعملون ويعيشون على إعانات الأهل أو الجمعيات الخيرية .

وكمتابع للحالة المعيشية ومهتم بالبحث عن حلول، تلقفت خبر محاضرة في المركز الثقافي العربي في دمشق (ابو رمانة ) للدكتور سليمان موصلي نائب مدير سوق دمشق للأوراق المالية  عن  الدور التنموي لتلك السوق .

ما من شك أن التنمية سبيلنا إلى النهوض الاقتصادي، فهي تعني امتلاك منشآت منتجة في الصناعة والزراعة، وهذا الإنتاج يؤمن فرص عمل تتيح دخلا ماليا لعدد كبير من العاطلين عن العمل، ويلبي الاحتياجات بأسعار معقولة بما أنه وطني وبكميات كبيرة ويوفر القطع الأجنبي عبر التصدير وبهذا القطع نستورد احتياجاتنا الضرورية التي لا ننتجها محليا .

ومثلما توقعت فإن المحاضرة قدمت شرحا وافيا عن سوق الأوراق المالية التي بدأت عملها الفعلي في العام 2009

وادرجت فيها حتى الآن 27 شركة واغتنت مؤخرا بأربعة اصدارات لسندات الخزينة بقيمة 502,6مليار ليرة سورية شكلت بديلا آمنا للتمويل بالعجز (طباعة النقود) بحيث لا يترتب عليه آثار تضخمية ، بل وسحبت جزءا من الكتلة النقدية العاطلة عن العمل. .

بالحديث عن التضخم المالي اقترب المحاضر من وجع ملايين السوريين مع الغلاء إذ أفقد التضخم عملتنا جزءا كبيرا من قدرتها الشرائية ووصلت نسبته هذه السنة إلى 79%وكان في العام الماضي 74%

تضخم تراكمي، جعل مؤسسات – حماية المستهلك – تبيع كيلوغرام لحم العجل بـ 110آلاف ليرة  سورية..!! .وكانت حتى وقت قريب تبيعة بستين ألف ليرة سورية.

وثمة من يرى أن هذا الغلاء محصلة لافتقارنا إلى العجول والأغنام والدجاج .

وهذا صحيح إذ كانت سورية تملك مليون بقرة، انخفض العدد إلى نصف مليون بسبب الحرب وتداعياتها، وكانت تملك 15مليون رأس غنم انخفض الرقم إلى 7ملايين .

وهكذا في الصناعة (اسمنت – سماد – حديد – جرارات ) وفي الخدمات وأبرزها النقل داخل المدن والى الأرياف ، وبين المحافظات .

ولئن كنت تاريخيا مقتنعا أن بإمكاننا زيادة انتاجنا ومضاعفته عدة مرات بامتلاك منشآت مساهمة، تبنى بأموال الشعب بمختلف فئاته (على قاعدة الحمل على الجماعة خفيف ) فإن المعلومات التي قدمها المحاضر رسخت قناعتي تلك ولاسيما بعد صدور قوانين جديدة للعمل التشاركي  وقدرة سوق الأوراق على حماية الاسهم وجعلها رابحة أكثر من نسبة التضخم وأضعاف أضعاف الفائدة المصرفية .

قدم أمثلة عن ربح بنسبة 70% في السنة ، معترفا أن أخطاء الماضي يجب ألا تتحول الى شماعة فما فات مات ، والوضع اليوم مختلف في ظل قوانين استثمار جديدة .

سالته : من يتبنى تأسيس تلك الشركات التي تنتج وتخدم ..؟ أحال السؤال إلى عراب المحاضرة ومحاوره السيد محمد حلاق بصفته عضو مجلس إدارة جمعية العلوم الاقتصادية وصاحب باع طويل في غرف التجارة والصناعة التي يرى المحاضر أنها الأداة لتأسيس هذه الشركات . رمى الكرة في ملعبهم وكان الجواب :ابتسامة مبهمة.

أرى وضع النقاط على الحروف : نحتاج إلى شركات مساهمة تتبناها مؤسسات كبرى حكومية أو خاصة ، تقوى على تحفيز الناس على المشاركة فيها لحل مشاكلهم على الجانبين المباشر وغير المباشر .

لعلنا بحاجة إلى محاضرات عديدة تضيء هذه الإجابة الجوهرية :من يؤسس ومن يقود ومن يدير – شركات مساهمة – بأموال الناس، تستورد العجول وتبني حظائر تسمين الأغنام من جديد  وتوسع المداجن الحكومية، وتعيد تشغيل مصانع الجرارات  والحديد الصلب والاطارات …الخ . وأميل إلى الاعتقاد أنه يتوجب على المؤسسات الحكومية ان تضطلع بهذا الدور الإنقاذي بأسرع وقت ممكن. يجب أن يعمل الوزراء والمدراء بحماسة وطنية مذهلة للنجاح على هذا المسار .

صحيفة الوطن 19 تشرين الثاني 2023م