د. سليمان الموصلي : المفروض أن تعكس سوق الأوراق المالية حالة الاقتصاد وهذا يتطلب اقتصاداً خلاقاً .. وظروف الحرب حالت دون ذلك
سوق دمشق للأوراق المالية دور تنموي ومحفزات استثمارية وتتيح فرصة تداول الأسهم عبر الأنترنت
د. سليمان الموصلي نائب مدير سوق دمشق للأوراق المالية لندوة الثلاثاء الاقتصادية:
ليس لنا سلطة التشريع ودورنا مراقبة العمليات وتنفيذها بالشكل المناسب
السلطة الرابعة – سوسن خليفة:
الدور التنموي لسوق دمشق للأوراق المالية عنوان محاضرة ندوة الثلاثاء الاقتصادية التي أقامتها جمعية العلوم الاقتصادية بتاريخ 14 تشرين الثاني 2023م والتي ألقاها د. سليمان موصلي نائب مدير سوق دمشق للأوراق المالية الذي يرى أن دور سوق الأوراق المالية الحفاظ على الكتلة المالية من التضخم وهو فرصة استثمارية مهمة تحقق الفائدة للسوق وللمستثمر في آن واحد منوهاً بأنه ليس للسوق المالية سلطة التشريع وإنما ينحصر دورها في مراقبة العمليات المالية وضمان تنفيذها بالشكل المناسب. والمفروض أن تعكس السوق حالة الاقتصاد وهذا يتطلب اقتصاد خلاق ولكن ظروف الحرب حالت دون ذلك.
وتسهم سوق دمشق للأوراق المالية في حماية المستثمرين من خلال الافصاحات الدورية والتقارير التي تطلبها من الشركات المدرجة في السوق المالية وكذلك من شركات الوساطة بما يجعل المعلومات متاحة لجميع المستثمرين دون تمييز وفي الوقت المناسب لاتخاذ القرار الاستثماري الصحيح. ويتحقق نتيجة لذلك التسعير الصحيح للورقة المالية بحيث تنعكس جميع المعلومات في السعر ولا يتعرض المستثمر للغبن.
وعرض المحاضر مساهمة سوق دمشق للأوراق المالية في التنمية المستدامة من خلال:
توفيرها لفرص استثمار وتعويض التضخم حيث تشكل سوق دمشق للأوراق المالية قناة إضافية للاستثمار وتوظيف المدخرات لتحقيق العوائد الاستثمارية من توزيعات أرباح وأرباح رأسمالية. وبعد سنوات الحرب القاسية استعاد المؤشر العام لسوق دمشق للأوراق المالية عافيته عام 2016 بارتفاع بلغ 31.75% تلا ذلك ارتفاع كبير في مؤشره العام وصل إلى 269.77% وعلى الرغم من تراجع المؤشر في عام 2019 بمعدل 5.71% إلا أن الارتفاعات المستمرة منذ عام 2020 وحتى 2023
– وعلى الرغم من معدلات التضخم المرتفعة التي شهدتها سورية – فإن العوائد المحققة في السوق فاقت في الأعوام 2017 و 2018 معدلات التضخم واستطاعت في العامين 2021 و 2022 أن تحقق ما هو أفضل مع العلم أن العوائد محسوبة وفق استراتيجية (Buy and Hold)
( هذه الاستراتيجية حسب ويكيبيديا تعني : تداول الموقع أو المركز، وهو استراتيجية استثمارية حيث يشتري المستثمر الأصول المالية أو الأصول غير المالية مثل العقارات، للاحتفاظ بها على المدى الطويل، بهدف تحقيق ارتفاع في الأسعار، على الرغم من التقلبات )
وبالتالي ستكون عوائد الاستثمار أكبر إن كان المستثمر يغير من تركيبة محفظته الاستثمارية بشكل مستمر
تمويل عجز الموازنة دون حدوث آثار تضخمية
كما وفرت سوق دمشق للأوراق المالية ميزة السيولة في الاصدارات الأخيرة لسندات الخزينة من خلال إعداد تعليمات تسجيل وايداع وتداول سندات الخزينة حيث أصبحت سندات الخزينة قابلة للتداول في سوق دمشق للأوراق المالية مما يسهم في زيادة سيولة هذه السندات ويشجع على الاستثمار في هذه الورقة المالية لما يوفره من معدل عائد ثابت مضمون. كما فتح باب الاكتتاب في سندات الخزينة عبر شركات الوساطة بعد أن كانت مقتصرة على المصارف وتم ادراج اول اصدار لسندات الخزينة في كانون أول 2022 وبلغ عدد الاصدارات المدرجة في السوق 4 إصدارات بقيمة 502.6 مليار ليرة سورية.
وأكد المحاضر أن الاعتماد على سندات الخزينة يشكل بديلاً آمناً للتمويل بالعجز (طباعة النقود) بحيث لا يترتب عليه آثار تضخمية بل ويسحب جزءاً من الكتلة النقدية العاطلة عن العمل.
والجدول التالي يبين إصدارات السندات الحكومية المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية حتى تشرين أول 2023
الاصدار | قيمة الاصدار | معدل الكوبون |
مزاد 2 لعام 2022 | 227.6 مليار ل.س | 8.41% |
مزاد 3 لعام 2022 | 83 مليار ل.س | 8.98% |
مزاد 1 لعام 2023 | 68 مليار ل.س | 9.83% |
مزاد 2 لعام 2023 | 124 مليار ل.س | 9.93% |
وبين المحاضر أهمية دعم الشمول المالي والتحول الرقمي بحيث يدعم التحول الرقمي عن طريق اتاحة خدمة التداول عبر الانترنت حيث بلغت قيم تداولات المستثمرين عبر الانترنت حوالي 85% من إجمالي قيمة التداولات (من دون صفقات ضخمة) في شهر أيلول 2023. وقد بلغ عدد المستثمرين الذين لديهم حساب تداول عبر الانترنت 613 مستثمر حتى 6 تشرين ثاني 2023.
(الشمول المالي أو الاشتمال المالي – حسب ويكيبيديا هو – مصطلح أطلق عليه العديد من التعريفات، ولعل أبرزها: إدخال أو دمج الفئات التي يطلق عليها مهمّشة ماليا أو من ذوي الدخل المالي المنخفض الذي لا يسمح لها بالانخراط في عمليات النظام المصرفي، بالتعامل مع الجهاز المصرفي من خلال منظومة العمل الرقمية باستخدام المحمول، بمعنى إتمام جميع التعاملات المالية بطريقة إلكترونية. ويهتم الشمول المالي بتقديم الخدمات المالية باستخدام الطرق السهلة والبسيطة وبأقل التكاليف، مثل الدفع عن طريق الهاتف المحمول ).
كما أن خدمة فتح الحساب الالكتروني تجيز للراغبين في الاستثمار في سوق دمشق للأوراق المالية فتح حساب تداول الكتروني عبر الموقع الالكتروني لشركة الوساطة ودون الحاجة إلى زيارة مكاتب شركات الخدمات والوساطة المالية بشكل وجاهي، على أن لا تزيد قيمة التداولات اليومية بموجب هذا الحساب عن مليون ليرة سورية وبقيمة محفظة لا تزيد عن 5 ملايين. وقد بلغ عدد المستثمرين الذين فتحوا حسابات تداول الكترونية 104 مستثمر حتى 6 تشرين ثاني 2023. ونتيجة العوائد المرتفعة المتحققة في سوق دمشق للأوراق المالية خلال الأعوام الفائتة ازداد عدد المستثمرين المهتمين بتوظيف أموالهم في السوق المالية مما حفز شركات الخدمات والوساطة المالية على تفعيل خدمة إدارة الاستثمار. حيث يتيح حساب إدارة الاستثمار لشركات الخدمات والوساطة المالية اتخاذ قرارات الشراء والبيع نيابة عن العميل وذلك بموجب اتفاقية تُعد لهذه الغاية.
دعم السيولة وحماية المستثمرين
وتحدث المحاضر عن استفادة الشركات المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية من تعديل التعليمات الناظمة لأسهم الخزينة حيث أصبح بمقدورها شراء أسهمها من السوق المالية مباشرة ثم توزيع هذه الأسهم على شكل أسهم مجانية للحيلولة دون الاضطرار لبيع هذه الأسهم في السوق المالية والذي سينجم عنه حدوث انخفاض في سعر السهم. سيشجع هذا التعديل الشركات المدرجة، لاسيما التي تعتقد أن أسهمها غير مقيمة بشكل صحيح، على الاستفادة من المرونة الواردة في التعليمات بحيث تقوم بشراء أسهمها، بعد الحصول على موافقات الجهة الإشرافية وهيئة الأوراق والأسواق المالية السورية، ودون خشية حدوث انخفاضات لاحقة في أسعار أسهمها.
كما بين المحاضر أهمية توسيع الحدود السعرية وتعديل ضوابط المادة 35 من تعليمات التداول وسرعة الوصول إلى السعر العادل للسهم وبالتالي تحسين الكفاءة السعرية للسوق ، وتحسين سيولة الأسهم: وجذب مزيد من المستثمرين إلى السوق المالية وتجنب حدوث مضاربات في السوق المالية أو محاولات للتأثير على أسعار الأسهم عبر إدخال أوامر تهدف فقط لتحريك السعر دون نية بيع حقيقية أو عبر إدخال أوامر بالحد الأدنى هدفها فقط تحريك السعر.
اطلاق المؤشر الاسلامي
تستعد سوق دمشق للأوراق المالية لإطلاق مؤشر اسلامي للسوق بعد حصولها على موافقة مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية رقم 102/م لعام 2023 وذلك بهدف جذب رؤوس أموال محلية وعربية للاستثمار في قطاعات متعددة من سوق دمشق للأوراق المالية، وتوسيع طيف الأوراق المالية المتاحة للاستثمار وبالتالي يخفف التركز الحالي على تداول بعض الأسهم.
وأوضح موصلي أن إطلاق المؤشر يجذب مستثمرين إضافيين للسوق المالية . كما يتيح المؤشر مقياس مرجعي لصناديق الاستثمار التي يتم دراسة إطلاقها بحيث توفر معيار يمكن من خلاله تقييم أداء مدراء صناديق الاستثمار.
وقد تمت صياغة شروط الدخول لعينة المؤشر بما ينسجم مع معايير مؤسسة المعايير والمحاسبة المالية الاسلامية (أيوفي) مع الاخذ بعين الاعتبار سيولة الأسهم حيث تبين أن ثماني شركات تحقق شروط الدخول في عينة المؤشر الاسلامي
الفرص والتحديات
وعرض المحاضر أهم الفرص والتحديات التي تواجه سوق دمشق للأوراق المالية ومنها صدور القانون رقم /11/ لعام 2023 الخاص باندماج الشركات وتحولها إلى شركات مساهمة مغفلة، فمن المأمول أن يشجع هذا القانون الشركات لتتحول إلى شركات مساهمة بحيث يزيد عدد وتنوع الشركات المدرجة في السوق. إضافة إلى إعادة تقييم الأصول حيث بدأت الشركات المساهمة المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية في الاستفادة من الاعفاءات الممنوحة في القانون رقم 11 لعام 2023 المرتبطة بإعادة تقييم الأصول وذلك لجعل قوائمها المالية أقرب للواقع بعد حدوث اختلالات كبيرة في قيم بنود الميزانية نتيجة معدلات التضخم المرتفعة التي عانى منها الاقتصاد السوري.
كما ساهم قرار مصرف سورية المركزي بمنع المصارف من توزيع الأرباح النقدية ومتابعة زيادات رأس المال بدعم توجه هذه المصارف إلى توزيع أرباحها على شكل أسهم مجانية مما ساهم من جهة في رفع رأسمال هذه المصارف للإيفاء بمتطلبات القانون رقم 3 لعام 2010 وبالتالي تحسين مؤشرات كفاية رأسمالها من جهة وساهم أيضاً في رفع أسعار أسهمها وتحسين سيولتها. كما يسهم مشروع قانون الصكوك الاسلامية في إضافة ورقة مالية جديدة إلى الأوراق المالية المتاحة في سوق دمشق للأوراق المالية وسيجذب مدخرات مزيد من المستثمرين الراغبين في توظيف أموالهم بصيغ متفقة مع الشريعة الاسلامية
التطلعات المستقبلية
وختم د. موصلي محاضرته بجملة من التطلعات المستقبلية التي تركزت على توزيع الأرباح النقدية على المساهمين عبر مركز المقاصة والحفظ المركزي، حيث تعمل سوق دمشق للأوراق المالية على مقترح بتوزيع الأرباح النقدية على المساهمين لتوفير الوقت والجهد والكلفة على المساهمين وإعادة استثمارهم لتلك الأموال في السوق بأقل تكلفة وجهد. وأيضاً إيداع أسهم الشركات المساهمة الخاصة لدى مركز المقاصة والحفظ المركزي كخطوة أولى نحو تشجيع الشركات المساهمة الخاصة للإدراج في سوق دمشق للأوراق المالية، كما أفاد بأن السوق تدرس إمكانية البدء بإيداع أسهم الشركات المساهمة الخاصة بما يساعدها على اكتشاف ميزات الادراج من جهة ويدفع المساهمين للمطالبة بإدراج هذه الاسهم وجعلها متاحة للتداول في السوق.
ودعا المحاضر إلى تحفيز الشركات المساهمة العامة والخاصة على الادراج في سوق دمشق، وتسريع إجراءات الشركات، وإطلاق مؤشر الحوكمة، ودخول صناديق الاستثمار إلى السوق.
عوائد السوق مؤشر لاستثمار جذاب
وفي الختام نوه المحاضر إلى أهمية سوق دمشق نتيجة العوائد المرتفعة التي يحققها بالمقارنة مع فوائد البنوك التي لا تغطي معدلات التضخم. مما يجعلها استثماراً جذاباً للمستثمرين. ومما زاد من جاذبية الاستثمار ما قدمه مصرف سورية المركزي من استثناءات مكنت المستثمر الذي يبيع أسهمه في السوق المالية من الحصول على قيمتها فوراً وذلك استثناءاً من القيود المفروضة على السحوبات النقدية.
أدار الندوة السيد محمد حلاق الذي أشار إلى أهمية الدور التنموي للسوق المالية، منوهاً إلى أدائه في الظروف الحالية وأهميته في بناء الشراكات وجذب الاستثمارات.
مداخلات:
تركزت معظم المداخلات حول التخوف من الغش والتلاعب وأثر الصفقات الكبيرة على سوق الأوراق المالية وتساءلت بعض المداخلات عن سبب رفض بعض البنوك قبول الأسهم المالية كضمانة للقروض.
المحاضر أجاب بأن لدينا دائرة رقابة على التداول مهمتها ضبط حالات التلاعب والغش وارسالها إلى هيئة الأوراق المالية صاحبة العلاقة. وبالنسبة للصفقات الكبيرة مزاياها أكثر من مساوئها ومسموح التداول فيها ضمن السعر اليومي.