جديد 4E

أسماء وأماكن..؟!

 

السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:

حين تقرأ أسماء الشوارع والساحات والجادات والازقة في مدينة دمشق او غيرها من المدن السورية ستشعر للحظة أن من أطلقوا هذه الأسماء أشخاص ينتمون الى عصور قديمة أو أنهم فتحوا كتب التاريخ القديم الملون بكل أنواع المتناقضات والصراعات  وراحوا يختارون لكل اسم – لا على التعيين وكيفما اتفق – معلما او شارعا تكريما له، وكأن صاحب الاسم كان فلتة عصره وقدوة مجتمعه، رغم أن الكثير منهم لا يكاد يكون له أي اثر يذكر الا في كتب التاريخ نفسها، لأن مؤلفي هذه الكتب كان لهم وجهة نظر معينة بهذا الشخص أو ذاك.. وأستغرب كيف غاب عن بال لجان اطلاق الاسماء العشوائية أسماء رجالات الدولة السورية منذ عهد الاستقلال حتى يومنا هذا، فقد حفل هذا التاريخ بأسماء جديرة بكل التقدير والاحترام والتبجيل لما قدمته لوطنها وشعبها في مجال عملها او كفاحها أو إبداعها.

ثمة أسماء وطنية كبيرة ورجالات دولة حقيقيين- ما زال البعض منها يعيش بيننا – في مجالات علمية وأدبية وفكرية وإنسانية ومجتمعية وحتى (سياسية وعسكرية)  تستحق أن نتذكرها دائما وأن تكون قدوة للأجيال القادمة، ألم نسمع ببطولات جيشنا في حرب تشرين واجتياح لبنان وحتى في الحرب الحالية، حتى نطوب شوارعنا وساحاتنا العامة بأسماء أشخاص لا نعلم عنهم شيئا سوى ما ذكره ابن عساكر وابن كثير وابن بطوطة وغيرهم، وكلنا يعرف كيف كانت تؤلف كتب التاريخ والسير في ذلك الوقت، حيث كان الحكام يغيبون أسماء ويبرزون أخرى تبعا للمعارضة او لدرجة الولاء والطاعة العمياء، حتى حفلت هذه الكتب بأسماء تثير التبرم أكثر مما تدفع على الاقتداء والاسوة الحسنة.

وإذا كان ولا بد من إطلاق أسماء على الشوارع والساحات وبقية المعالم الثقافية والسياحية والعلمية والتعليمية والدينية فلماذا لا نختار أسماء تعزز القيم الأخلاقية وتدفع الجميع للتفكير مليا بهذه القيم وتأثيرها على المجتمع وضرورة التمسك بها.

قد يقول قائل ما قيمة طرح هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات ونحن نعيش ظروفا اقتصادية وسياسية صعبة، وماذا يقدم ذلك أو يؤخر في مسيرة بلدنا وشعبنا، ولكن ألا تتفقون معي بأن اول طريق الخروج مما نحن فيه هو صناعة القدوة والنخبة التي تنهض بالبلاد من كبوتها، فماذا يفيدنا ابو الدرداء او ابو محجن او ابن متعوس او مسعود او غيرهم حتى نقرأ أسماءهم اينما اتجهنا او مشينا، ما المانع ان تكون رموزنا الثقافية والفنية الكبيرة وأيضا العلمية مكتوبة مع انجازاتها على لوحات رخامية في مداخل الأحياء والشوارع أليس الماغوط وبدوي الجبل وسليمان العيسى وصباح فخري  ودريد لحام (مثلا) افضل من ابن حذاقة وابن مغرور وابن شنبور وابن قطة وغيرهم..أليس أبطال حرب تشرين مثلا أحوج ما نكون للاقتداء بهم من مماليك الزمن السلجوقي والعثماني وما إلى ذلك….؟!