التوازن الاقتصادي

كتبه الدكتور . عامر خربوطلي :

التوازن الاقتصادي مصطلح وقاعدة تعني توازن العرض والطلب وتوازن المؤشرات الاقتصادية الكلية لتحقيق أهداف بعينها، وهو مأخوذ من قانون توازن السوائل الفيزيائي وغالباً ما تسعى الاقتصاديات لتحقيق هذا التوازن إلا أنه أمر صعب التحقيق أو هو غير موجود أصلاً على أرض الواقع ولا يمكن لأي دولة تحقيقه بصفته النظرية بل بالعكس تماماً غالباً ما يكون الهدف الانتقال من حالة عدم توازن لحالة أخرى من عدم التوازن ومن خلال هذا الانتقال تتحقق أهداف اقتصادية أو مالية أو نقدية أو تجارية معينة فالتوازن في سعر الصرف غير متاح وغير مطلوب تحقيقه إذا كانت كلفة الوصول لهذا التوازن أكبر من منافع هذا التوازن.

وتوازن الميزان التجاري أو الزراعي أو ميزان المدفوعات لا معنى له إذا لم يحقق توافر المواد في السوق المحلية بأسعار مقبولة أو إذا جاء نتيجة قرارات إدارية متشددة في منع الاستيراد أو ترشيده لتحقيق توازن وهمي مقابل الصادرات.

النتيجة إن حدوث عدم التوازن مع تحقق وفورات أو زيادة في الناتج المحلي أو الفردي أو تحسين مستوى المعيشة هو الهدف الأساسي من التوازن أو عدم التوازن، فسياسة مالية متقشفة لتحقيق توازن في الميزانية العامة على حساب تراجع الاستهلاك وانخفاض الاستثمار لا جدوى منها إذا كانت النتيجة جمود وركود في الأسواق وعدم توفر السيولة اللازمة لتأسيس المشروعات والأعمال، وسياسة دعم تعتمد على عجز الموازنة لتحقيق توازن ما اجتماعي ستؤدي لاحقاً إلى زيادة أسعار المواد الأخرى غير المدعومة نتيجة حدوث تضخم غير محمود

النظريات الاقتصادية الحديثة أصبحت تركز على عوامل غير مادية أصلاً في تحقيق معادلات النمو منها التقانة والابتكار وريادة الأعمال أكثر من التراكم الرأسمالي عند تحقيق الاستثمارات.

وبالتالي فإن وجود تضخم محمود وعجوزات إيجابية وفروقات في العرض والطلب تدفع القوى الاقتصادية لمحاولة الوصول للتوازن الذي لن تصله بالتأكيد على ارض الواقع، ولكن بحركتها تلك ستحرض الطلب الفعّال والعرض الفعّال للانزياح أو الانجذاب نحو مؤشر التوازن وتؤدي لتحريك العملية الاقتصادية بمجملها.

ما يهمنا في هذا الكلام أن بوصلة الاقتصاد السوري هي تحقيق مستوى معيشي جيد وحركة استثمارات مستمرة دون الحاجة للتركيز على تحقيق توازنات وهمية على حساب أهداف النمو و التنمية الحقيقية .

وهذا هو هدف عدم التوازن التحريضي الإيجابي…

العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم /199/

دمشق في 10 أيار 2023م