جديد 4E

التضخم المتوحش أدخل الكثيرين في دوامة التعثر المالي وعدم القدرة على تسديد الالتزامات أو بيع الأملاك .. فهل من مخرج ..؟

 

السيولة

كتبه الدكتور . عامر خربوطلي :

عندما ينخفض الدخل الفردي وتتراجع الأعمال وترتفع الأسعار فإن (السيولة) وهي المبالغ المالية الجاهزة والسريعة لتسديد الالتزامات المختلفة تصبح هدف جميع الأفراد، فكيف نفسر في الحالة السورية امتلاك الأفراد لعقارات وأراضي ومحلات بأرقام فلكية بفضل التضخم المتوحش ولكنهم غير قادرين على تأمين سيولة كافية لمتطلبات معيشة عادية أو طارئة، وبالتالي يدخلون في أزمة التعثر المالي وعدم القدرة على (تسييل) ما يملكونه من عقارات إلى أموال سائلة بالسرعة الكافية وإن تم ذلك فبخسارات غير محمودة.

فما هي السيولة المطلوبة وما هي حدودها الدنيا والعليا لتأمين حياة كريمة؟ وما هي أنواع السيولة وتعريفاتها المختلفة؟ وما هي قاعدة التوازن في السيولة؟؟

السيولة هي من الظواهر السهلة الممتنعة سهلة التعريف، ولكنها معقدة في تحديد درجات السيولة لكل شريحة من الموجودات حسب الحجم والوقت وحالة السوق ودرجة التشبع، ويمكن النظر إلى السيولة من خلال الشروحات التالية :

-السيولة هي أن يكون لديك المال عندما تحتاج إليه.

-السيولة هي القدرة على توفير الأموال بكلفة معقولة لمواجهة الالتزامات عند تحقيقها.

-السيولة هي القدرة على مواجهة المسحوبات من الودائع ومواجهة الطلب على القروض.

وهي أخيراً القدرة على تحويل بعض الموجودات إلى نقد جاهز خلال فترة قصيرة ودون خسارة .

في عالم الأعمال يمثل رأس المال العامل أو التشغيلي السيولة المطلوبة لتسديد النفقات والأعباء لدورة إنتاجية واحدة تنتهي مع بدء بيع المنتجات أو الخدمات وتحويلها إلى سيولة مرة أخرى تستخدم لشراء المواد الأولية وتسديد النفقات المختلفة مرة ثانية وثالثة وهكذا..

أما على مستوى الأفراد فالسيولة تمثل ما يستطيع الفرد تأمينه بأقصى سرعة لتسديد التزامات متوقعة عادية أو طارئة، وهنا تندرج أنواع السيولة من النقد المحلي وما يكتنفه من تدهور في قيمته عند حدوث التضخم إلى الأسهم والسندات وهي تمثل مدخرات تشغيلية سريعة السيولة، ويأتي بعد ذلك المعادن الثمينة والقطع الأجنبي مع ما قد يتعرض له من تذبذبات في الأسعار وفق الحالة الاقتصادية وقوى العرض والطلب.

والسؤال المفتاحي المهم لدى الجميع يتمثل في الحد الأدنى من السيولة المطلوبة لدى الأفراد والشركات والأعمال لتغطية الاحتياجات دون الدخول في حالة (الجفاف المالي) أو العسر المالي أو نقص السيولة وفي المقلب الآخر الحد الأقصى من السيولة كي لا ندخل في حالة (التعطيل المالي) أو السيولة المفرطة غير المبررة.

في كلا الحالتين يمكن تطبيق قاعدة نسب السيولة من خلال توفير الأموال لما يحقق تسديد الالتزامات لمدة من شهر إلى أربعة أشهر كحد أقصى في مجال الأعمال التجارية والخدمية والصناعية، أما على مستوى الأفراد فيقاس ذلك بقدرة الفرد على توليد دخل نقدي مستمر لمواجهة أعباء الحياة المختلفة دون الحاجة لتسييل الأملاك الخاصة والخطر دوماً يأتي من التسييل المستمر دون وجود دخل دائم، أو من خلال تأجيل حالة االتعثر لمدة معينة في حال اللجوء للاقتراض أو المرابحة وهما في جميع الأحوال تمثلان سيولة جديدة لإعادة التوازن المالي.

حالات عديدة نجدها لأشخاص يملكون قدرات مالية كبيرة ولكنها جامدة وصعبة التسييل وهم لا يملكون القدر الكافي من الأعمال لتوليد دخول جديدة، إنها حالة أغلب الأفراد والأعمال في سورية فهل من مخرج!!

 

العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم /198/

دمشق 3 أيار 2023م