جديد 4E

بعد الله.. عليكم الاتكال..؟!

سلمان عيسى :

كان سعر القمح في آخر عقد توريد وقعته “السورية للحبوب” هو ٤١٠ دولارات للطن الواحد (مليون طن على دفعتين ٦٠٠ + ٤٠٠ ألف طن) يضاف إليها ١٠% عمولات للجمارك، بينما كان السعر العالمي أثناء توقيع العقد وتنفيذه هو ٣٧٥ دولاراً واصل المرافئ المقصودة..

يوم أمس خرج اجتماع مجلس الوزراء بنتائج يمكن عدّها غير مرضية.. حيث تم تسعير القمح المحلي بـ٢٣٠٠ ليرة.. ليس هذا هو المستغرب، بل إن الاجتماع في مداولاته للسعر أكد أنه يدعم زراعة القمح بالمازوت والسماد.. والبذار..؟

لا يمكن اللعب بذاكرة السوريين.. كلنا يعلم.. بل تابعنا كل القرارات خاصة في العامين الماضيين لناحية ارتفاع كل أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي.. من زيادة أسعار المازوت (إذا توفر المازوت طبعاً) لأن كل تلك القرارات كانت تؤكد على المتاح من كميات المحروقات هذا على سبيل المثال..

أما السماد، فقد تجلى هذا الدعم (بالغرامات التي تم تخصيصها للدونم الواحد ولم يحصل الفلاح عليها إلّا من السوق السوداء) هذا عدا عن رفع سعره إلى درجة تفوق قدرة أي مزارع على شراء السماد لتسميد الأرض على أصولها – والفلاح السوري يعلم جيداً تلك النسب حتى قبل أن تدخل الهندسة الزراعية في تفاصيل الزراعة..

في دعم البذار مثلاً، تم شراء القمح من الفلاحين بـ ١٨٠٠ ليرة وأضافت عليها لاحقاً مبلغ ٢٠٠ ليرة مكافأة عن كل كيلو غرام.. أي ٢٠٠٠ ليرة، وبيع للفلاحين مغربلٌ ومعقم بـ٢٨٠٠ ليرة ( العام الماضي ).. أي أنّ تكلفة الكيلو في التعقيم والغربلة هي ٨٠٠ ليرة ؟

الأمر الأكثر إيلاماً أن يتم بيع المواطنين القمح على شكل برغل في “السورية للتجارة” بأسعار تتراوح بين ٥٠٠٠- ٧٠٠٠ ليرة.. علماً أنها قامت بشراء القمح العام الماضي بـ ٢٠٠٠ ليرة وبعد عملية السلق والجرش والتغليف (التي يفترض أن تكلفة هذه العمليات لا تشكل أكثر من ١٥ – ٢٠ بالمئة) تربح مؤسسة التدخل الإيجابي ٥٠٠٠ ليرة من المواطن عن كل كيلو قمح .. وأكثر من ذلك فإنّ تدخل “السورية للتجارة” أدى إلى رفع أسعار البرغل لدى التجار.. وبقي أقل من التدخل الإيجابي ..

هناك أسرار كثيرة و(قطب) مخفية مزروعة في وزارة التجارة الداخلية، ومع إني من أكثر المتفائلين بالتغيرات الأخيرة ومع علمي أن الفساد كبير في هذه المؤسسات بدءاً من الطابق الثاني تحت الصفر إلى أعلى السطح.. ومع أن المعنيين  ليس لديهم عصا سحرية تمكِّنهم من الدخول إلى مغارة علي بابا التي تم تسييجها بأربعين حرامياً – فإنّ تفاؤلي بأصحاب الضمائر والشرفاء هو أنهم قادرون على تحويل “السورية للتجارة” إلى مؤسسة تدخل إيجابي تتحكم بأسعار السوق وليس العكس..

في العودة إلى تسعيرة هذا العام للقمح، يمكننا أن نقول إنها “غير منصفة ” في ظل الحديث عن تحسن الإنتاج بعد الأمطار الأخيرة خاصة للأراضي البعلية.. لذلك فأضعف الإيمان أن تتساوى أسعار القمح المحلي مع المستورد.. هذا إذا أردنا شراء كامل كميات القمح المنتجة هذا العام وخاصة بعد التخلي  عن دعم الزراعة ولاسيما القمح..!؟

يجب ألّا يطول انتظارنا لبث هذه البشرى للفلاحين لأكثر من ٢٨ الشهر الحالي- موعد انعقاد مؤتمر الحبوب السنوي في مدينة السبينة.. وعلى هذا المؤتمر.. ورئيسه.. كل الاتكال..؟!

صحيفة تشرين – 19 نيسان 2023م