جديد 4E

أرأيــتم..؟

علي محمود جديد :

تحدثنا مراراً بأن الحكومة بصلاحياتها وسلطاتها الدستورية، وبأموالها قادرة على أن تفعل الكثير الكثير مهما تكن الصعوبات.. ورغم أنف الحصار والعقوبات، وما حصل بشأن هذا الشطر المتبقي لموسم الحمضيات الحالي يؤكد ذلك، فبقدرة قادر استنفرت الحكومة بين ليلة وضحاها، وصار بإمكانها السيطرة على تدفق إنتاج هذا الموسم بالكامل وتسويقه إلى آخر حبّة.

كم كان جميلاً.. وموقفاً يُسجّل للحكومة فعلاً لو أنها بادرت تلقائياً إلى اتخاذ هذا القرار، وأبدت غيرة حقيقية تجاه انتاج ذهبي يتهالك، ونحو أتعابٍ تكاد تُهدر لفلاحين ومنتجين..؟ غير أن هذا لم يحصل، وكان الوضع عند الحكومة شبه طبيعي والاهتمام بفوائض هذا الموسم لا يرقى إلى مستوى السيطرة عليه، فبقيت الأزمة ضاغطة.. والحلول بدت وكأنها غير مجدية، ورأينا كيف أن العديد من المنتجين اضطروا إلى اتلاف كمياتٍ مُحزنة من الليمون والبرتقال بعد أن تقطّعت بهم سبل التسويق.

أمام هذه الصورة القاتمة جاء التوجيه الكريم للسيد رئيس الجمهورية من أجل إنقاذ الوضع، فاستنفرت الحكومة ذلك الاستنفار، وخلال يومين جرت كل الترتيبات الضامنة لإنقاذ ما تبقى من موسم الحمضيات.

أرأيتم ..؟ إذن الحكومة قادرة على أن تفعل الكثير فعلاً لو أرادت، وقناعاتنا بذلك ليست عبثية، فأمامها مجال طويل عريض لتسوية الكثير من الأوضاع والتحرك بمنأى عن واقع الحصار والعقوبات، وآن الوقت لنتفهّم جميعاً أن هذا الواقع قائم فعلاً، ولكن علينا أن نتفهم أيضاً ضرورة الكفّ عن جعل الحصار والعقوبات شمّاعة مشبعة بالذرائع والتبريرات غير المنطقية ولا المقنعة التي يُحمَّلُ عليها الإهمال وعدم الاكتراث واللامبالاة لأي شيء قد يُحرجنا بالزاوية الضيقة عندما لا نُبادر ولا نتصرّف كما هو ممكن ومتاح.

لم يكن من المناسب إطلاقاً ما جرى في المرحلة السابقة لنتحول فجأة إلى أذنٍ صاغية وبمنتهى الدقة بعد التوجيه بالذهاب نحو الصارخين لحل الموضوع.

كان هذا عملاً حكومياً بامتياز، وكان بإمكان الحكومة والحكومات السابقات أن تقوم به تلقائياً لإنهاء هذه القضية الموسمية التي تطل علينا بأعبائها في كل عام كمعجزة لا يمكن لأحدٍ أن يتخطاها، وإذ بها حدثاً عادياً لا يحتاج إلى أكثر من إرادة صادقة، وقناعة بالحل.

على كل حال هذا الموضوع بات خلفنا، ولكن ما هو أمامنا صار علينا أن نتطلع إليه جيداً، ونبحث جديّاً وبإرادة صادقة كيف يمكننا أن نحل هذه القضية أو تلك، ونحن على يقين أننا قادرون على الكثير.

 

جريدة الثورة – زاوية ( على الملأ ) 16 / 1 / 2022م