جديد 4E

جرائم يعاقب عليها الضمير..!

 السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:

انشغل الكثير ممن يملكون صفحات ومواقع الكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة على الفيسبوك بالقانون الذي يجري تعديله وتشديده ومناقشته .. ونخشى من إقراره في مجلس الشعب بخصوص ما يسمى الجرائم الإلكترونية، وخشي البعض منهم أن يُستخدم هذا القانون باستنسابية لقمع منتقدي الأداء الحكومي ومعاقبة من يتحدثون بالشأن العام، حيث لا توفر المواد والمعلومات المسربة من مشروع القانون أي ضمانة تحول دون تفسيرات مزاجية قد تجر الكثيرين إلى قاعات المحاكم لدفع غرامات بملايين الليرات أو التعرض للسجن بسبب “التطاول” على ما يسمى هيبة الدولة أو الإساءة إلى موظف كبير من رتبة وزير أو مدير عام أو ما شابه، أو إثارة الرأي العام كما جاء في القانون، وقد شهدنا في السنوات الماضية وفقا للقانون الجاري تعديله حالات توقيف لبعض الإعلاميين أثارت الرأي العام أكثر بكثير من “الأخطاء” التي ربما اقترفها أو لم يقترفها هؤلاء الزملاء.

وبغض النظر عن الوضع الجديد الذي ستبدو عليه الحريات العامة والإعلامية بعد تطبيق القانون الجديد، فقد وجدت من واجبي – ومن باب الحذر والحرص على ألا يطالني شبح القانون المخيف – أن أتحدث عن “جرائم غير الكترونية” ترتكب بحق الكثير من السوريين  أو يرتكبها البعض بحق أنفسهم وتمر دائما دون مساءلة أو عقاب لأحد، وكأنها أقدار مكتوبة لا يمكن منعها أو التدخل فيها، فعلى سبيل المثال لا الحصر:

–  أليست “جريمة” في عز الشتاء والبرد أن يكون لديك مدفأة وأنت غير قادر على ملئها بالمازوت بسبب تأخر وصول رسالة تكامل أو بسبب نفاد الكمية الشحيحة “المدعومة” التي ملأتها هذا الشتاء ..؟!

–  أليست “جريمة” أن يكون لديك براد في بيتك وأنت عاجز عن استخدامه، مرة لانقطاع الكهرباء الطويل ومرة بسبب ضيق ذات اليد..؟!

–  أليست “جريمة” أن يكون لديك “غسالة أتوماتيك” وأنت عاجز عن غسل ثيابك مرة لانقطاع الكهرباء الطويل ومرة لشح المياه..وإذا تعطلت تعجز عن إصلاحها..؟!

–  أليست “جريمة” أن يكون لديك “قاظان” في حمامك ولا تستطيع استخدامه بسبب شح المازوت والكهرباء والمياه..؟!

–  أليست “جريمة” أن تقدم لك الحكومة دعما “افتراضياً” في مادة مثل الخبز ثم  تذهب إلى الفرن وتشتريها بسبعة أضعاف سعرها الرسمي من باعة غير رسميين..؟!

–  أليست “جريمة” أن تكون مكلفا بدفع العديد من الفواتير الشهرية وأنت عاجز عن تسديدها بسبب ارتفاع قيمها بشكل دائم..؟!

–  أليست جريمة أن يكون لديك سيارة اشتريتها بالتقسيط في زمن الرخاء وأنت اليوم عاجز عن ملئها بالوقود أو إصلاحها إذا تعطلت أو استبدال قطعة غيار واحدة في حال تلفها..؟!

–  أليست “جريمة” أن تكون مقيما في محافظة ووالديك في محافظة أخرى وأنت عاجز عن زيارتهما في عطلة أو إجازة بسبب صعوبة وغلاء المواصلات ووسائل النقل..؟!

–  أليست جريمة أن تمرض أو تضعف صحتك وحين يصف لك الطبيب الدواء تعجز عن شرائه أو تتجاهله أو تؤجله بسبب سعره المرتفع..؟!

–  أليست “جريمة” أن تعمل موظفا أو عاملا لشهر كامل من 31 يوما وتتقاضى راتبا أو معاشاً لا يكفيك لأربعة أيام ..؟!

–  أليست “جريمة” أن تتخرج من الجامعة ثم لا تجد فرصة عمل تناسبك في وطنك فتضطر للهجرة ..؟!

–  أليست “جريمة” أن لا تستطيع أن تحلم بشراء منزل أو الزواج في حياتك الافتراضية..؟!

–  أليست “جريمة” في حال تزوجت “لا قدر الله” أن تنجب أطفالا لست قادرا على إعالتهم أو شراء حفاضات أو تقديم الحليب والطعام لهم.. فيحقدون عليك ويحملونك المسؤولية..؟!

–  أليست “جريمة” أن يكون لديك وطن تحبه وتدافع عنه وتفاخر به ثم تشعر بأنك غريب فيه ومنبوذ ولا تساوي كرامتك شيئاً..؟!

–  أليست “جريمة” أن تتعلق بحبال الأمل فيما اليأس والقنوط والإحباط يحاصرك من كل جانب..؟!

–  أليست جريمة أن تمتلك قلما حراً ثم تعجز او تستنكف عن الكتابة أو أن يكون لك لسان مشاكساً فتصمت ..؟!

–  أليست “جريمة” أن تحسب نفسك من الأحياء الذين يرزقون وأنت تعيش بعض هذه المرارات وأكثر..؟!

…………..

ما من شك أننا نرتكب في كل يوم “جرائم” عديدة لا يعاقب عليها القانون، بل ربما يعاقب عليها الضمير وشتان ما بين عقاب القانون والضمير…!!!