جديد 4E

سيدي المسؤول.. تباً!!

الدكتورة : أماني محمد ناصر

سيدي المسؤول..

قبل أن تكون مسؤولاً كنتَ مواطناً… لكن ربما وُلدتَ مع ملعقة فيها كثير من الذهب… وكبرتَ وأصبحت الملعقة مغرفة… وربما حينما تفرغ سيارتك من البنزين، لا تقف على دور البنزين لملئها، بل تشتري سيارة جديدة مليئة بالبنزين كي لا ترسل أحداً من طرفك حتى لا يتورط بمتاهة ووجع الدور، وإن لم يحصل على دورٍ يدفع ما مقداره عمل أسبوع كي يقرّب موعده…

سيدي المسؤول..

هل جرّبتَ يوماً أن تعيشه بلا غازٍ، وبالتالي بلا طبخٍ تملأ فيه بطون أطفالك الجائعة؟

سيدي المسؤول…

هل جرّبتَ يوماً أن تعيشه بلا خبزٍ، لتشاهد نظرات التساؤل في عيون أطفالك ودموع الحاجة إليه وأنك في نظرهم الأب، الذي لا يستطيع تدبير حتى قوت يومهم؟

سيدي المسؤول..

هل جرّبت يوماً أن تعيشه بلا “مازوت”، وتركض لتلف أطفالك بالأغطية وتلبسهم ما هبّ ودبّ من ثيابهم الرثة وربما البالية كي يشعروا قليلاً بالدفءِ؟ بل هل رأيتَ يوماً دموع أطفالك بسبب البرد والجوع؟

سيدي المسؤول..

هل جرّبتَ يوماً أن تشتري الخضار والفواكه والجبنة واللبن والزعتر والسكّر والشاي وترى كمية جشع تجار المواد الغذائية، لتتساءل بعد انتهائك من شراء أقل ما يلزمك “من وين بدّي لحّق صرف ألوف”؟

سيدي المسؤول..

هل جرّبتَ يوماً أن تنتظر وسيلة نقلٍ في ساحة العباسيين أو في ساحة الأمويين أو عند جسر الرئيس أو في المعضمية أو في الجديدة أو في شارع الثورة كي تقلّك إلى منزلك بعد يوم عمل مرير ومتعب، لتفاجأ حينها أنّ كماً هائلاً من الموظفين و”الغلابى” ينتظرون مثلك أمماً أمماً، وحينما تأتي وسيلة نقلٍ يتدافع هؤلاء كي يجدوا لأنفسهم مكاناً تطأ فيه أقدامهم وحسب حتى يصلوا إلى أطفالهم ومنازلهم، وحينما لا يستطيعون ذلك يضطرون للسير على أقدامهم في جوٍ إمّا عاصفٍ من البرد أو قاتلٍ من الحر؟

سيدي المسؤول…

هل جرّبتَ يوماً أن تدخل صفاً، وأنت أستاذه وكبيره فيبدأ الطلبة بممارسة الشغب وقلة الحياء معك أو بين بعضهم متناسين أنه لو كان والدهم أو والدتهم في مكانهم وبدأ زميل لهم بممارسة قلة الحياء في الدرس أو الشغب أمامه لكانت ردة فعل الطالب هي ضرب من أساء الأدب مع والده؟

سيدي المسؤول..

هل جربت أن تصادر أفكارك ويصادر إبداعك في بلدك بينما يتم تقدير ذلك خارجها؟

سيدي المسؤول..

هل جرّبتَ يوماً انقطاع الكهرباء في منزلك لمدة أربع ساعات ومجيئها خمس دقائق ثم انقطاعها خمس دقائق ومجيئها خمس دقائق أخرى وهكذا، لتخسر البراد والتلفاز وجهاز “الموبايل” والمدفأة وغيرها؟

سيدي المسؤول..

هل استيقظتَ يوماً عطشاناً، فتفتح صنبور المياه لتشرب، فتُبلى حينها بانقطاع المياه عن منزلك؟ فاليوم، لا غسيل ملابس، لا شرب، لا تنظيف، ولا حتى استحمامٍ!!!

سيدي المسؤول..

لماذا لا تجرب مرة واحدة زيارة إلى أماكن تواجد موظفي مؤسستك وتسألهم عن حاجاتهم ومتطلباتهم والمصاعب التي يواجهونها والمتاعب التي تؤرق معيشتهم؟

سيدي المسؤول…

لماذا لا تجرب يوماً النزول إلى الشارع لتلتقي بموظفيك وترى بأم أعينك أوجاعهم ودموعهم وحرمانهم من أقل حقوقهم كبشرٍ؟

سيدي المسؤول…

أطفالك يختلفون عن أطفالنا… فأطفالنا يبكون البرد والجوع والعطش وقلة المال… بينما سبب بكاء أطفالك لعبة باهظة الثمن اشتريتها لهم بدل لعبة أخرى أو أكلة “سوتشي” بدل “الفيليه!!!

سيدي المسؤول… تباً!!!

 

عن الصفحة الشخصية للدكتورة أماني – صباح 9 كانون الأول / ديسمبر 2021م