جديد 4E

اكتشاف أحد أهم أسباب انخفاض مستوى المعيشة: التعثر في دوران المحرك الأول للنمو الاقتصادي .. وتعطيله

باحتضان روّاد الأعمال الأذكياء المتشوقين لحرية التجارة والأفكار الناشئة يتعافى الاقتصاد وتتحسن الدخول وترتفع معدلات المعيشة

 

رواد الأعمال قادرون على إيجاد فرص مربحة لتمويل استثمارات تولد موجة استثمارات أخرى تشغل مصانع جديدة لتبدأ موجة ازدهار

 

(المبادر الذكي)

 

كتب الدكتور عامر خربوطلي :

نجاح الأعمال واستمرارها يكتنفها العديد من الاسرار والجوانب الخفية التي يحتار البعض في تفسيرها فلماذا ينجح فرد ويفشل آخر ويتردد ثالث رغم امتلاك الجميع في أحيانٍ كثيرة لنفس رأس المال وحتى نفس المشروع  أو الفكرة في بعض الأحيان.

إنها صفات يختص بها أشخاص ولا يتمتع بها آخرون رغم أنهم ولدوا وعاشوا وسط عالم الأعمال إنها المهارات والملكات والمواهب الشخصية الفطرية والمكتسبة التي تجعل من الشخص رائد أعمال ناجح.

أول من اكتشف وجود هذه المهارات الخاصة والاستعداد الجيني للمبادرة وتوليد الأفكار وإقامة المشاريع هو الاقتصادي النمساوي (جوزيف شومبيتر) عام 1939 الذي اشتهر بنظرياته المهمة جداً حول التنمية والدورات الاقتصادية وريادة الأعمال.

صفات المبادر أو المستحدث أو المنظم أو رائد الأعمال  (Entrpreneur)والتي أصبحت كلمة مفتاحية في أغلب لغات العالم منها القدرة على تقبل المخاطرة والمجازفة ومهارات التفكير الإبداعي واستخدام أدوات الإدارة بفن وذكاء هي التي تجعل الشخص مبادراً ناجحاً دون غيره فهو يعيش المستقبل دوماً وهو الذي يخلق الفكرة وهو الذي يعتبر الأحداث السيئة فرص أعمال جديدة.

ويعتبر (شومبيتر) في نظريته الاقتصادية العالمية أن المبادر أو منظم المشروعات هو المحرك الأول للنمو الاقتصادي على المدى الطويل.

فعلاً إنه كلام هام وخطير ويلخص دور هذا المبادر الذكي وهو الذي يفسر نهضة البلدان التي تشجع وتحفز وتخلق البيئة المناسبة لقيام المبادرين بإنشاء المشروعات الناجحة وافتتاحها بعكس البلدان التي تركز على التوظيف والعمل بأجر ولا تمنح المبادرة الفردية تجربة انطلاقها.

ان التطور في ظل النظام الرأسمالي يحدث في صورة قفزات متقطعة واندفاعات غير متسقة ، تصاحبها فترات كساد و رواج قصيرة الأجل متعاقبة ،وذلك بسبب التجديدات والابتكارات التي يحدثها المنظمون ورواد الأعمال والتي من شأنها زيادة الانتاج ودفع عجلة النمو وهذا ما قاله (شومبيتر) وأضاف:

ـ يتوقف النمو على عاملين أساسيين الأول هو المنظم أو رائد الأعمال ، والثاني هو الائتمان المصرفي الذي يقدم للمنظم إمكانيات التجديد والابتكار .

ـ إعطاء المنظم و رائد الأعمال أهمية خاصة ووصفه بأنه مفتاح التنمية او الدينامو المحرك لعجلة التنمية.

ـ التطورات التي يحدثها المنظم أو رائد الأعمال تؤثر في العادات والتقاليد وأذواق المستهلكين التي يمكن ان تأخذ احدى أو بعض الصور التالية :

  • استغلال موارد جديدة .
  • استحداث سلع جديدة .
  • استحداث أساليب انتاج جديدة .
  • فتح اسواق جديدة .
  • إعادة تنظيم بعض الصناعات .

وفي تحليله لعملية النمو الاقتصادي يبدأ (شومبيتر) بافتراض سيادة المنافسة والعمالة الكاملة لاقتصاد ما في حالة توازن ساكن يكرر نفسه دائماً دون وجود صافي استثمار او زيادة سكانية ؛ حيث يقوم المنظم أو رائد الأعمال بإيجاد الفرص المربحة لتمويل استثمارات جديدة ، فتولد موجة من الاستثمارات نتيجة التجديد والابتكار ، فيتم تشغيل مصانع جديدة ، وتجد السلع طريقها الى الاسواق ، وتبدأ موجة من الازدهار تغذيها زيادة الائتمان المصرفي ، فتحقق زيادة في الانتاج والدخل ويعم الرواج ، وتعمل زيادة معروض السلع على انخفاض الاسعار ، وتصبح المنشأة القديمة غير قادرة على منافسة المنشآت الجديدة ، فتغلق ابوابها وتسود حالة من التشاؤم لدى المنظمين ، فتتعثر حركة التجديد والابتكار ، وتسود حالة من الكساد ، ولا يلبث الكساد الا فترة وجيزة لتعود الامور الى التحسن بابتكارات جديدة ، واستحداث اساليب إنتاج افضل ، فاستثمار وتوسع للنشاط الاقتصادي وهكذا…

الاقتصاد السوري سيتعافى وينهض باحتضان رواد الأعمال الأذكياء الغارقين في بحر الاعمال والأسواق والمتشوقين لحرية التجارة والاستثمار والمبادرة الفردية والأفكار الناشئة بالإضافة لتقديم مناخ الاستثمار الأمثل لمشاريعهم وأفكارهم من قبل الحكومة وكلما ازداد عددهم سينهض الاقتصاد السوري وتتحسن الدخول وترتفع معدلات المعيشة، إنها فعلاً مسؤولية المبادر ورائد الاعمال الذكي.

 

العيادة الاقتصادية السورية – حديث الأربعاء الاقتصادي رقم ( 143 ) 

دمشق في 3/11/2021.