جديد 4E

الحلم المسروق..!

السلطة الرابعة – عبد الحليم سعود:

لا يخفى على أحد  أن الشارع الرياضي في بلدنا وخاصة مشجعو كرة القدم محبطون وغاضبون “نتيجة خسارة حلم ” بعد الهزيمة المؤلمة التي لقيها منتخبنا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم أمام منتخب لبنان، حيث عبّر الكثيرون عن هذين الشعورين المزعجين على وسائل التواصل الاجتماعي، تارة بسخرية وتارة بعصبية – والتنين معهم حق – ملقين المسؤولية تارة على اللاعبين – بعضهم أشبه بلاعبي الحارات الشعبية – وتارة على المدرب الذي لا حول له ولا مونة على أحد، وتارة أخرى على اتحاد كرة القدم الذي قصّر كثيراً في إعداد وتجهيز المنتخب لهذا الاستحقاق المهم وأخطأ في اختياراته في السنوات الماضية، ولعلها المرة الأولى التي يخرج فيها حكم المباراة بريئاً من المسؤولية عن الخسارة، رغم قيام معلق المباراة باستعراض أخطائه في مباريات سابقة لغاية في نفسه.

اعترف بداية بأني لست خبيراً بكرة القدم لاتهم هذا أو ذاك أو أتبنى أي من الاتهامات التي سمعتها أو أحلل أسباب الخسارة أو أتحدث عن التركيز الذهني أو غيره، فثمة اختصاصيون وعارفون ينبغي الإنصات إليهم وثمة تجارب كروية غنية ينبغي الاستفادة منها، وأجزم أن العقلية الرياضية لدينا معطلة مفلسة ولا تتعلم من تجاربها، بدليل الإخفاقات الرياضية المتكررة، حيث لا يمكن القياس على الانجازات الرياضية القليلة جداً لأنها كانت طفرة ولا تعكس حقيقة الواقع وأكبر مثال غادة شعاع عام 1996  ومنتخب الشباب عام 1989.

بالتأكيد خسارة مباراة أو مباراتين في التصفيات ليست نهاية العالم، ولا تعني بالضرورة ضياع الحلم بالتأهل لكأس العالم، رغم معرفتي – في حال تحقق هذا الحلم يوما ما- بأننا سنكون ضيوف شرف على حدث لا ناقة لنا به ولا جمل، ومع ذلك نجد الشارع الرياضي يحلم كل أربع سنوات بوجود منتخبه في حدث عالمي كهذا، لكنه سرعان ما يتجرع مرارة الخيبة في اللحظات الأخيرة كما جرى في التصفيات التي سبقت مونديال روسيا 2018 ومونديال المكسيك عام 1986 عندما خسرنا المباراة الفاصلة.

يعلم الجميع بأن الرياضة – وكرة القدم تحديداً – هي متنفس للفقراء والمعذبين في الأرض وهي المجال الوحيد لمنافسة الدول القوية والغنية، ولهذا نجد فرق الدول الفقيرة مثل منتخبات أمريكا الجنوبية أفريقيا حاضرة بقوة وتحاول إثبات حضورها على حساب أعتى وأقوى وأعرق الفرق العالمية، وقد استطاعت منتخبات مثل الكاميرون ونيجيريا والسنغال والمغرب والجزائر أن تحرج أكبر المنتخبات وتخرجها بعضها من الدور الأول، نتيجة الإصرار والعزيمة والإعداد الجيد والاحترافية، أما في حالتنا فقد باتت منتخبات مثل لبنان والأردن واليمن وقطر والبحرين تخرجنا من الأدوار التمهيدية، ولا استغرب – إذا استمرت العقلية على هذا النحو – أن تتقدمنا منتخبات مثل غوام وجزر المالديف وجزر سليمان وميكرونيزيا في التصنيف العالمي، وعندها تكفينا المشاركة في كأس العالم للحارات الشعبية في حال تم تنظيمها..؟!

ربما يلجأ بعض المسؤولين في اتحاد كرة القدم والاتحاد الرياضي العام لتبرير هذا الإخفاق -رغم استقالة البعض منهم – للتعلق بمشجب الحرب الارهابية والحصار وقد يحملون قيصر والعقوبات الاقتصادية مسؤوليته، كما يفعلون في كل الأمور والمواضيع التي تخص حياة الناس وأحلامهم المسروقة، وقد يحملون الجمهور مسؤولية الإخفاق، وربما يحملون طاقتي السلبية المسؤولية… من يعلم؟!