جديد 4E

شطحة خيال

 

 

المكتب المرن

 

علي محمود جديد

من أكثر الخدمات حضارة ومرونة وأهمية وجدوى أيضاً لرواد وأصحاب الأعمال وللعديد من الشركات – ولاسيما في هذه الأيام- هي خدمة المكتب المرن، الذي بدأ بعض رجال الأعمال السبّاقين إلى تأسيس شركات جديدة متخصصة بتقديم هذه الخدمة، والتي هي عبارة عن مقر دائم للشركات والمؤسسات الفردية المؤسسة سابقاً، والتي ليس لديها مقر، أو لديها مشكلة في مقرها، أو التي ستؤسس لاحقاً وليس بإمكانها تأمين مقر، فيصير من الممكن عبر المكتب المرن اتخاذ موطن مختار وعنوان دائم وبشكل قانوني للشركات والتجار بما يمكّنهم من إدارة أعمالهم والتبليغ والتبلّغ وتواصلهم وتواصل الغير معهم بشكل مستمر وفق آلية قانونية.

أي لم يعد هناك همّ ولا مشكلة أمام الشركات – ولاسيما الناشئة منها – من حيث الاضطرار لشراء أو بناء مكان تتخذ منه مقراً، ولا حتى لاستئجار مثل هذا المكان، فشركة المكتب المرن هي التي تتولى هذه المهمة من خلال إتاحة المجال لأصحاب هذه الشركات بأن يرتادوها بموجب اشتراك معين، أو اتفاق يحدد الأجور – ومن المفترض أن تكون زهيدة أو على الأقل معقولة – التي سيتقاضاها المكتب المرن لقاء تقديم هذه الخدمة.

أعتقد أن مثل هذه الفكرة القيّمة يمكن للدولة أن تستثمرها من جهتها على نطاق واسع، وذلك عبر قيامها بإحداث مجموعة كبيرة من المكاتب المرنة تنتشر في مختلف أنحاء البلاد لتقديم هذه الخدمة أيضاً، وذلك على مستوى المحافظات والمناطق والنواحي وحتى على مستوى أي قرية يمكن أن يكون هناك زبائن لارتياد مثل هذه المكاتب.

يحق لنا أمام مثل هذا الحلم أن نتمنى قيام الدولة بإحداث مؤسسة عامة – أو مشتركة – متخصصة بتقديم هذه الخدمة، وذلك على نمط ما فعلته بإحداث المؤسسة العامة للمناطق الحرة، التي تقوم باستقطاب المستثمرين الكبار على الأغلب لقاء أجور سنوية، فهي تشبه بأدائها مبدأ المكتب المرن، ولكن الوضع عند الأخير أكثر سهولة وحيوية ومرونة، وعلى الأرجح سيكون أكثر جدوى وأكثر في المردود وتحقيق الأرباح، والأهم من ذلك كله أيضاً القول: إن إحداث مؤسسة لتقديم خدمات المكتب المرن سيؤدي إلى خلق عشرات آلاف فرص العمل، سواء كان عند الدولة من خلال المؤسسة إياها، أم عند القطاع الخاص بعد أن يجد في المكتب المرن ملاذاً آمناً للانطلاق بأعماله بعد أن كان متعطلاً لعدم وجود المكان.

فكرة أكثر من رائعة.. وحلم جميل.. ولكن لا ندري إن كنا سنبقى على هذا الحلم.. أم إننا وفي يوم ما قريب نراه حقيقة تقدم مثل هذه الخدمات ليس فقط لرجال الأعمال والشركات، وإنما لكل من يجد أنه بحاجته، وكل من يمارس نشاطاً سيكون من خلال هذا العمل رافداً حقيقياً للدولة.

 

صحيفة الثورة – زاوية ( على الملأ ) 5 أيلول / سبتمبر 2021م