جديد 4E

بين المستحيل والممكن..!

 

 عبد الحليم سعود:

بداية لم أكن من المتفاجئين أو المستغربين لقرار أو مرسوم إعادة تكليف رئيس حكومة تسيير الأعمال بإعادة تشكيل الحكومة الجديدة التي قد تبصر النور قريباً – آمل ألا تنقطع الكهرباء أثناء التشكيل –  ولا سيما أن بيان وزارته السابقة، كان كبيراً جداً “خمس صفحات من القطع الكبير”  وحالماً جداً – وعدنا بتحقيق ما لا يمكن تحقيقه في عام واحد –  وأنا هنا لا أقف كثيراً عند الأسماء لأن ما يهمني بالنهاية ويهم كل “مواطن” هو أن يرتقي أداء الحكومة إلى مستوى طموحات وحاجات ومعاناة الناس التي تعيش ظروفاً قاسية جداً هذه الأيام لا حاجة للتفصيل فيها، لأن الجميع يعرفها.

وكي أكون منصفاً سأقتطع جزءا بسيطاً من البيان العرمرمي كي أستطيع الحكم عليه، يقول البيان في أحد فقراته:” من أولويات الحكومة تعزيز مقومات صمود الوطن وأمنه والسعي لتحسين الوضع المعيشي حيث تضع الحكومة في سلم أولوياتها بحث وسائل زيادة الدخول ومنها أجور وحوافز العاملين في الدولة وفق الإمكانات المتاحة والحفاظ على القوة الشرائية لليرة السورية وترشيد الاستيراد وتشجيع الإنتاج الوطني وتعزيز دور مؤسسات التدخل الإيجابي وتخفيف العبء على ذوي الدخل المحدود وتوفير المشتقات النفطية والغاز والكهرباء والدواء والاستمرار باتخاذ الإجراءات الضرورية للحد من انتشار جائحة كورونا”.

طبعاً كما تلاحظون هي مجرد وعود فضفاضة لا شيء منها أنجز، باستثناء انخفاض أعداد المصابين بجائحة كورونا، وهذا له علاقة بلطف رب العالمين، ولا أعتقد أن أحداً يستطيع أن يتهم الحكومة بأنها كانت سبباً في ذلك، وأغلب الظن أنها مازالت مندهشة ومتفاجئة من هذا الانخفاض بالنظر للطوابير والازدحامات التي تسببت بها سياستها وقراراتها “الذكية”، ولذلك أرجو من الحكومة القادمة أن لا ترهق نفسها بكتابة بيان وزاري جديد أو أن تقوم بتكرار نفس البيان السابق، فلا هي قادرة على تنفيذه ولا أحد مستعد  لتصديقه أو الثقة به، أما  إذا كان الأمر من باب رفع العتب أو الحفاظ على التقاليد الدستورية المعمول بها، فالأفضل هو كتابة بيان موجز ممكن التحقيق “غير مستحيل” يتعلق بتحسين معيشة الناس وتأمين الخبز والدواء لهم، والكف عن الأحاديث والشعارات الفضفاضة ، لأن “الحارة ضيقة ومنعرف بعضنا”..؟!

وأما “تعزيز ثقافة الانتماء والمواطنة وعمل المؤسسات الرقابية الحيادية والفاعلة ومكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والنزاهة والارتقاء بالإدارة العامة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز دور الإعلام في خدمة الوطن والمواطن” فكلها آمال كبيرة يصعب الوصول إليها، ومن الأفضل للحكومة التي تعمل بكل طاقتها “على تسريع إجراءات الحصول على جوازات السفر للراغبين بالهجرة” – وما أكثرهم – أن تعمل على الحد من أسباب الهجرة أولاً قبل أن تدعو المهجرين للعودة، إذ أن الكثير من الشباب السوري اليوم يفكر بالسفر نتيجة انعدام فرص العمل الحقيقية والمجدية في وطنه واستحالة تأمين بيت للمستقبل في ظل الأوضاع الراهنة..!

نحن لا نطلب المستحيل، فكل ما نحتاجه من الحكومة القادمة أن تعمل بروح المسؤولية وأن ترتقي إلى مستوى هذا الشعب الطيب.. فهل هذا ممكن..؟!