جديد 4E

التوقيع على بياض..!

المحامي محمد مصطفى:

أسباب كثيرة، وظروف متعددة، تضعنا في موقف حرج فنقوم بالتوقيع على معاملات وطلبات خلال حياتنا اليومية دون قراءة ما فيها، أو الاطلاع عليها، ولو قمنا بمحاولة معرفة مضمونها، فأن ضيق الوقت والعجالة في الحصول على ما نريده  لا تسعفنا في تدقيق تفاصيل هذا العقد أو المعاملة، فكثيرا ما نسمع بأن فلانا من الناس يقول: ” وقعت والله على كذا ورقة بس ما بعرف ليش..!!” خاصة في المعاملات ذات الطابع التجاري “بعض الأوراق في البنوك- عقد إجار  – كمبيالات – قروض….الخ” دون إدراك مفاعيل هذا التوقيع أو البصمة من الناحية القانونية.

التوقيع على بياض لا يشبه تماما ما تحدثنا عنه، لكنه يحمل في معانيه ذات الأسباب، فهو يأخذ عادة شكلين ، الأول كما لو قامت الزوجة بالتوقيع لزوجها على ورقة بيضاء خالية من الكتابة تماما ليقوم بالنيابة عنها باجراء معاملة ما، من خلال الكتابة عليها بما يشاء ، والشكل الثاني عندما تحتوي الورقة على بعض البيانات لكن ترك بينها فراغات لإملائها ببيانات معينة كما هو الحال في السندات”عادي – تجاري..”

السؤال الذي يطرح هنا عادة حول تبعات ومخاطر هذا العمل من الناحية القانونية سواء المدنية كانت أم الجزائية؟

محكمة النقض السورية كانت واضحة من الناحية المدنية لجهة أن التوقيع على بياض ليس مخالفا للنظام العام ، إنما هو تفويض وإنابة من صاحب التوقيع ، للشخص صاحب المصلحة ، لكي يُدون فوق هذا التوقيع ، نصاً معيناً، فقد نصت قائلة” إذا صح توقيع المدعى عليه للسند المطالب به على بياض فلا يجوز إثبات ما يخالفه بغير الطريق الكتابي لأنه لا شيء يمنع الطاعن من إملاء السند قبل تسليمه إلى المدعي…الخ”

و أضافت في اجتهاد أخر “إن من أعطى توقيعه على بياض فهو الذي يتحمل نتيجة هذا التوقيع على بياض و إن الإملاء فوق التوقيع لا يعتبر تزويرا طالما أن المدعي أقر بتوقيعه الواقع في ذيل السند ولم يثبت عكس ما جاء في الوثيقة .

وفي اجتهاد أخر قالت :إن التوقيع أو البصمة على بياض لها حجيتها الكاملة ما لم يثبت أن مضمون السند كان على خلاف ما تم الاتفاق عليه.

وبذلك يتبين لنا أن التوقيع على بياض “ورقة بيضاء – سند فارغ” يترتب عليه مسؤولية  كبيرة لجهة صاحب التوقيع فهو سيكون مسؤولا بما سيتصرف به الطرف الأخر، في أي معاملة له كانت، إلا أن الجدير بالإشارة أنه من الناحية الجزائية الأمر مختلف فيمكن ملاحقة الطرف الأخر الذي خان الأمانة بجرم التزوير.