جديد 4E

حتى لا يغادرنا العيد حزينا.!

عبد الحليم سعود :

قلما يمر العيد – جعل الله أيامكم أعيادا وأفراحاً وبهجة وسروراً – إلا وردّد البعض منا في سرّه قول المتنبي المشهور “عيدٌ بأية حال عدتَ ياعيدُ “، فمن النادر جداً – بل ربما من المستحيل- أن يستقبل جميع الناس العيد بنفس المشاعر والأحاسيس والعادات والحالة النفسية، فلكل ظروفه المختلفة عن ظروف غيره، فالعيد بالنسبة للصائم هو فرحة كبرى لأنه أكمل شهراً مباركاً من الصيام والطاعة والعبادة تقرباً من الله عزّ وجلّ وقد أدى خلاله ما عليه من حقوق وفروض وواجبات ومساعدة للفقراء والمحتاجين، وهو غصة وحزن لمن فقد عزيزاً وغالياً على قلبه، وهو قلق وترقب لمن له مريض بحالة خطيرة أو مسافر بوضع صعب أو مفقود انقطعت أخباره….، ووحدهم الأطفال من يستقبلون العيد بفرح وسعادة أكثر من سواهم لعفويتهم وبراءتهم وشعورهم بأنه صُمّم من أجل أن يكونوا سعداء بهدايا وألعاب وألبسة ورحلات وزيارات ومأكولات وحلويات تم إعدادها خصيصاً لهذه المناسبة.

 اليوم يمر العيد في بلادنا وفي منطقتنا عموماً مرور الكرام، حيث لا يمكن فصل الناس وفصل مناسباتهم الدينية والاجتماعية عن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشونها أو يعانون منها، ففي بلادنا التي تحمل من الهموم والشجون وتعيش من المصاعب والتحديات أكثر من سواها، يمر العيد كئيباً خجولا على غير عادته، فمنذ نحو عشر سنوات وجرح بلادنا ينزف بغزارة بسبب الحرب الظالمة، شهداء وجرحى ومفقودين،  أقارب ومعارف وأصدقاء غادرونا إلى بلاد بعيدة حيث لا نعلم متى نلتقيهم أو متى يعودون، في حين تسبب الاحتلال الأميركي والتركي لبعض أراضينا في الشمال بتشريد الكثير من أهلنا، ناهيك عن سرقة ثرواتنا المائية والزراعية والنفطية إلى جانب الحصار الجائر والعقوبات الاقتصادية القسرية التي أرخت بظلالها القاتمة على الوضع الاقتصادي لمعظم السوريين.

 ولأننا نعيش في سورية وطن كل العرب، لا يمكن لنا أن نتجاوز أو نتجاهل جراح أخوتنا العرب – حتى ولو تجاهلوا جراحنا – وخاصة جراح أهلنا في فلسطين الحبيبة، وقد ابتلاهم الله بأكثر أعداء الإنسانية وحشية وهمجية، ففي كل ساعة تنقل إلينا وسائل الإعلام أخباراً محزنة من الأرض المحتلة حيث يواصل الجلاد الإسرائيلي جرائمه ومجازره بحق أبناء هذه الأرض الحزينة، على مرأى ومسمع من العالم “المتحضر” الذي لا يحرك ساكناً لردع الجاني وإنصاف الضحية، ومهما قيل حول ما يجري ومهما “ابتهج” البعض بردود ا ل م ق ا و م ة الفلسطينية على جرائم الاحتلال، فلن يقلل هذا من حجم الغصة والألم اللذين نشعر بهما تجاه ما يعانيه هذا الشعب المظلوم منذ أكثر من سبعين عاماً.

ورغم أن مشاعرنا هي مزيج من التناقض والتضاد والرمادية، ويحول بيننا وبين الفرح والسعادة أكثر من حاجز، ولكن هذا لا يمنع من إكرام وفادة العيد بعمل يتناسب وقيم وأخلاقيات العيد، فثمة بيننا الكثير من الفقراء والمحتاجين، وثمة من يستطيع أن يدخل إلى قلوبهم وقلوب أطفالهم القليل من السعادة المرجوة، فلا تفوتوا المناسبة، حتى لا يغادرنا العيد حزيناً..؟!