جديد 4E

على هامش إعفاء حاكم المصرف المركزي .. ما مصير أوجاعنا التي لا تصل إلى الرئيس .؟

يونس خلف *

يونس خلف

صحيح إن المرسوم الجمهوري الذي أنهى عمل حاكم مصرف سورية المركزي لقي ارتياحاً وعزز الثقة بأن كل الأمور تحت المجهر، وإن الإعفاء بحد ذاته في هذا الوقت مثال جديد يؤكد أننا بأيد أمينة وأن الامور تسير في الاتجاه الصحيح وأن العين اليقظة هي دائماً التي تبدد الخوف والقلق وتعزز روح التفاؤل .

لكن الصحيح أيضا هو عدم تجاهل المزاج الشعبي والتساؤلات المشروعة التي يطرحها الناس :

هل الوزارات المعنية بمنأى عن كل ما حصل ، أين دور المؤسسات المسؤولة، ، ماذا يفعل الخبراء ومئات المستشارين في الوزارات .؟

والسؤال أيضاً : هل من المعقول أن يكون كل هذا الانهيار الذي حصل بالنسبة لليرة السورية هو مسؤولية شخص واحد في دولة المؤسسات مهما كان مستوى موقعه ومسؤوليته . وما هي مسؤولية باقي الجهات ؟.

و هل ننتظر كل شيء من السيد الرئيس ؟

ماذا تفعل الجهات المعنية .. ولماذا تبقى بعض الأمور دون علاج إلى أن تصل إلى رئيس الجمهورية .؟

في محاربة الفساد يتابع الرئيس ويؤكد ويحدد أساليب المكافحة ، وفي الإعلام وطيلة سنوات الحرب قام السيد الرئيس بدور في مواجهة امبراطوريات إعلامية لم تقم به كل الوزارات ،

وكلما حصل فراغ أو غياب أو ضعف في مكان ما نجده أحياناً يعزز ويرمم وفي أحيان أخرى يؤسس لمنهجية عمل في قطاعات متعددة بدءاً من تعميق وتوسيع دائرة الحوار مروراً بتمتين علاقة المواطن بالمسؤول وصولاً إلى الإصلاح الإداري .. فهل ننتظر من الرئيس كل شيء وبعضنا لا يعمل شيئاً .؟ وما مصير أوجاعنا التي لا تصل إلى الرئيس .

لعل أصل الحكاية في الأداء .. ومستوى الأداء وآليات التنفيذ … ومدى القدرة على تحمل المسؤولية ، ولذلك المتتبع لوقائع ما يحدث يشعر بالخلل ويرى نقاط الضعف .

في بلد يعاني من حرب مستمرة منذ عشر سنوات يفترض بأصحاب الشأن التفرغ لما يعيد للناس الثقة بالدولة، لأن النجاح في مواجهة الواقع المعيشي القاسي ليس بالخطابات ولا حتى الزيارات والجولات والاجتماعات التي لا تداوي أو تشفي وجع الناس .

على أي أساس ووفق أي قياس، يحدد أصحاب الشأن والقرار مصلحة وخدمة الناس .؟

بمعنى ما هي المشاريع والأعمال والخدمات والقرارات التي لها الأولوية وتعتبر الاكثر مساساُ بحياة الناس، وأي الأعمال أو القرارات أو أي مشروع يمكن تأجيله باعتباره غير ملح أو من الكماليات ؟

نطرح مثل هذا السؤال، كلما أطلعنا على قرارات مجلس الوزراء لأننا نلمس أن أصحاب الشأن في واد وهموم الناس في واد آخر، وان اللقاء يكاد يكون أصعب من لقاء الماء والنار .

ثمة خلل في المنطق ، في ترتيب الأمور وفي فهم ما يهم الناس وما لا يهمهم وثمة خلل أيضاً في التصور والرؤية.!

جدول الأعمال الأساسي هو الخبز والكهرباء والماء والمحروقات ، وليخفف أصحاب الشأن من التصريحات والتبريرات حول الظروف الصعبة وتداعيات الحرب لأن هذه الخطابات لا تؤمن لقمة لجائع ولا دواء لمريض .

أصعب وأخطر مصائبنا عندما تفقد الدولة حضورها بين الناس وعندما يصبح المواطن تائهاً ويلتقط من كل حدب وصوب الشائعات والروايات المتعددة في حين تنأى الجهات المعنية بنفسها عن التوضيح والمواجهة والتعامل مع المواطن بشفافية .

المواطن يعرف إننا نعاني من حرب عدوانية ظالمة ويعرف إن إدارة هذه الحرب وأدواتها سرقوا النفط والغاز ونهبوا خيرات البلد … لكن هذا لا يعني أن يكون ذلك شماعة للتقصير والإهمال … ولا يعني أن يغيب الحد الأدنى من الدور المأمول للوزارات والإدارات فتظل أنظارنا متجهة إلى العين اليقظة صمام الأمان.

*عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين في سورية